وجد وزراء خارجية الحلف الأطلسي الذين انهوا اجتماعا طارئا بالعاصمة البلجيكية صعوبة كبيرة في كيفية التعامل مع روسيا على خلفية ردها القوي على عمليات القصف الجورجي لجمهورية اوسيتيا الجنوبية. وحتى وان أكد وزراء الدول الستة والعشرين الأعضاء في الحلف على تشديد الموقف ازاء روسيا بمبرر عدم التزامها بتعهداتها بالانسحاب من الأراضي الجورجية، إلا أن خلافاتهم بدت جلية حول الكيفية الواجب إتباعها في التعاطي مع ملف العلاقات مع موسكو. للإشارة فإن الحلف الأطلسي عقد جلسة طارئة لبحث الاوضاع في جورجيا رغم أنها ليست دولة عضو في الهيئة الأطلسية وإنما عقدت اجتماعها تحت ضغط أمريكي من اجل بحث مسالة انضمام جورجيا إلى الحلف شهر ديسمبر القادم. وبينما كان أعضاء الحلف يبحثون مسالة هذا الانضمام قدمت الحكومة الجورجية أمس طلبا رسميا إلى منظمة الدول المستقلة أبدت فيها رغبتها في الانسحاب من الرابطة التي تضم دول الجمهوريات السابقة في الاتحاد السوفياتي السابق. وينص ميثاق الرابطة على أن يلتزم كل عضو في الرابطة طيلة سنة كاملة على تنفيذ كل الالتزامات التي وقعت عليها أثناء فترة عضويته. وجاء موقف وزراء خارجية الحلف الأطلسي أمس بعد إعلان موسكو شروعها في سحب قواتها من الأراضي الجورجية تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته موسكو وتبليسي برعاية فرنسية قبل ايام. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك والتر ستانمير انه يتعين على روسيا الانسحاب على الأقل من قلب جورجيا معترفا انه لا يمكن تنفيذ وقف إطلاق النار دون إرادة حقيقية من روسيا. ولكن ستانماير تساءل ما إذا كان الانسحاب سيكون من الأراضي الجورجية ام انه سيشمل أيضا أراضي جمهوريتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليتين. ورغم بيان الحلف الأطلسي الذي تضمن عبارات تميزت ببعض الحدة تجاه روسيا إلا أن أعضاء الحلف بدوا منقسمين فيما بينهم بين داع لتشديد القبضة على روسيا وهو الموقف الذي تدافع عنه الولاياتالمتحدة وبريطانيا ودول البلطيق وبين تحفظات دول أخرى بزعامة ألمانيا وفرنسا اللتان تسعيان إلى انتهاج سياسة أكثر عقلانية تجاه موسكو. ويبدي الفريق الثاني رفضا لإحداث قطيعة نهائية مع روسيا وهو ما أكد عليه وزير الخارجية البلجيكي كاريل دو غوشت الذي حث على الإبقاء على قناة اتصال مع روسيا. ويتأكد من يوم لآخر في مقابل ذلك أن روسيا لا تريد الظهور بمظهر الحلقة الضعيفة في كل ما يجرى على حدودها ودفع بها ذلك إلى تشديد لهجتها والتحذير حتى باستخدام القوة ضد كل من يهدد أمنها القومي. وقال نائب وزير الخارجية الروسي اليكسند رغروشكو ان العلاقات بين موسكو والحلف الأطلسي ستعرف مشاكل جمة في حال اصر الحلف الأطلسي على مواقفه الداعية إلى حماية جورجيا. وترفض فيدرالية روسيا الإذعان للضغوط الأمريكية تجاهها في قضية الجورجية بعد أن تأكدت من الأوراق الرابحة التي بين أيديها ومنها خاصة مسالة المفاوضات المتعددة الأطراف وخاصة ما تعلق بملف الإرهاب الدولي والملفين النوويين لكل من إيران وكوريا الشمالية. وهي المخاوف التي جعلت الولاياتالمتحدة لا تذهب بعيدا في قبضتها غير المباشرة مع روسيا ودفعت بوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تأمل في أن لا يكون للموقف الأمريكي انعكاسات على هذه المفاوضات وان تواصل معها مشاريع استراتيجية ذات أهمية مشتركة".