ساد جو من التفاؤل أشغال الاجتماع الذي يضم قادة أحزاب سياسية ونشطاء سياسيين ليبيين، المنعقد منذ أمس، بإقامة الميثاق، حيث عبرت مداخلة الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون، عن رؤية استشرافية جديدة لما قد يحمله مسار الجزائر بخصوص دعم حل الخيار السلمي، الذي شاطرته أيضا شخصيات ليبية أبدت إرادة كبيرة للارتقاء بالحوار إلى المصلحة العليا للشعب الليبي. وقد ترأس انطلاق الأشغال التي تجري في جلسات مغلقة، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، بحضور المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، إضافة إلى شخصيات ليبية هامة ذات تأثير كبير على الساحة السياسية الليبية، كما هو الشأن لعبد الحكيم بلحاج، رئيس حزب الوطن الليبي، ثلاثة مبعوثين لرئيس الوزراء الأسبق، وزعيم تحالف القوى الوطنية الليبية محمود جبريل، رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان، رئيس حزب التغيير جمعة القماطي، عبد الله الرفادي أمين عام حزب الجبهة الوطنية، علي التكبالي، النائب البارز في برلمان طبرق، علي أبو زعكوك عضو برلمان طبرق، وجمعة عتيقة نائب رئيس المؤتمر الليبي العام سابقا. كما يشارك في الاجتماع خالد المشري، مقرر لجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني العام، وعبد الحفيظ غوقة، أبرز داعمي عملية الكرامة، وربيع شرير ومحمد عبد المطلب الهوني وهشام الوندي، بالإضافة إلى سفراء دول الجوار. وفي هذا الصدد أكد السيد مساهل، خلال الجلسة العلنية أن اجتماع قادة أحزاب ونشطاء سياسيين ليبيين بالجزائر يعد محطة انطلاق واعدة لتحقيق التوافق الوطني، الذي يتطلع إليه الشعب الليبي، مبرزا استعداد الجزائر وقيادتها السياسية لتقديم كل الدعم من أجل التوصل لتحقيق التوافق الوطني الذي يتطلع إليه الشعب الليبي الشقيق لا سيما تشكيل حكومة وحدة وطنية. كما أشار إلى أن تواجد الإخوة الليبيين بالجزائر "دليل قاطع على تصميمهم للمضي قدما نحو توافق كفيل بالعبور بليبيا الشقيقة إلى بر الأمان". وأبرز في هذا الصدد قناعة الجزائر بأهمية تكريس هذا الحل باعتباره يؤسس لمزيد من الاستقرار، ويمكّن ليبيا من مكافحة أكثر فعالة ضد الإرهاب، مشيرا إلى أن "الجزائر التي تجمعها بليبيا الشقيقة علاقات الجوار والتاريخ والكفاح المشترك ضد الاستعمار الغاشم، لم تكن لتبقى مكتوفة الأيدي والأشقاء في ليبيا يكتوون بنار الفتنة ويواجهون أخطر المراحل تهديدا لوحدتهم الوطنية والترابية". الخروج من الأزمة بيد الليبيين أنفسهم وإذ أكد أن الجزائر "لن تدّخر أي جهد لمرافقة الشعب الليبي في السعي للم شمل أبنائه وتجاوز أزمته"، فقد أشار إلى أن "التطورات الخطيرة التي تعرفها الساحة الليبية والتهديدات الأمنية المعتبرة في المنطقة وما تطرحه من تحديات تحتم علينا جميعا، لاسيما الإخوة الليبيين بذل ما في وسعنا في كنف التضامن والتنسيق لمواجهة هذه الأخطار". ومن باب عدم التقليل من كفاءة الليبيين في إيجاد أفضل الحلول لتسوية أزمتهم، عبّر السيد مساهل، عن يقينه بأن الخروج من الأزمة يبقى بيدهم، وأن دور الدول الشقيقة هو إيجاد الحل الذي يختاره فرقاء ليبيا بكل سيادة واقتدار. معبّرا في هذا الصدد عن قناعة الجزائر بأن "الأشقاء (في ليبيا) على مختلف توجهاتهم لهم من الحكمة والوطنية والشجاعة اللازمة للاحتكام إلى المصلحة العليا للشعب الليبي الأبي". وإن ما يعزز هذه القناعة-يضيف مساهل- هو ما يتحلّى به الليبيون من وعي تحلى به أسلافهم الأبطال مرارا، مما يجعلهم اليوم على موعد جديد مع التاريخ بوضع اليد في اليد لتقرير مصير بلدهم. ومن ثم بناء دولة ليبيا الجديدة التي يتوق إليها كل الليبيين. غير أن ذلك بالنسبة للوزير المنتدب "يتطلب إضافة إلى إرادة وتصميم الفرقاء الليبيين، المزيد من الصبر والمثابرة والحرص على الانخراط بكل إخلاص وصدق في هذا المسار لما تمليه تعقيدات وخطورة الأزمة الليبية وتحدياتها". من جهة أخرى حيا مساهل، المجهودات القيّمة التي يقوم بها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون "قصد تسهيل حوار ليبي شامل يفضي إلى حكومة وحدة وطنية"، مجددا دعم الجزائر التام له. من جهته أشاد المبعوث الأممي، بجهود الجزائر من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، مؤكدا أن اجتماع الجزائر بين قادة الأحزاب والشخصيات السياسية الليبية يمثل مسارا جديدا ومهما لحل الأزمة في ليبيا. وأوضح ليون، أنه أمام ليبيا خيار الحل السياسي أو خيار الهدم، مشيرا إلى أن الجميع سيختار بالتأكيد الحل السلمي، مشيرا إلى أن الحاضرين في الاجتماع يتطلعون إلى ليبيا حرّة ومستقرة من خلال التصدي للإرهاب، حيث يتوجب على الأحزاب السياسية أن تلعب دورها على الساحة السياسية لإرساء الديمقراطية. ودعا المبعوث الأممي إلى اغتنام فرصة الاجتماع والتأكيد على دعم الحوار في ظل التحديات التي تواجهها ليبيا أمام إفرازات الوضع الأمني الصعب، مؤكدا ضرورة وقف إطلاق النار الذي يشكل أبرز عناصر جدول أعمال الاجتماع. وأوضح أن الأممالمتحدة تلعب دور المسهل مثلها في ذلك مثل الجزائر وبقية دول الجوار، داعيا الشخصيات السياسية الحاضرة لإثراء الاجتماع بآرائها وتجاربها السياسية، وتكريس ثقافة العيش "في ظل الاختلاف والاتفاق". للإشارة يندرج اجتماع أمس، في إطار جهود الجزائر الحثيثة من أجل جمع الفرقاء الليبيين حول طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل سياسي يخرج هذا البلد من الأزمة السياسية والأمنية.