تنتعش تجارة التين الشوكي أو كما يعرف بفاكهة «الهندي» أو «كرموس النصارى» خلال هذا الموسم، حيث تنتشر العربات ذات العجلتين التي يجرها شباب عبر العديد من البلديات وقد حمّلت بكمية كبيرة من حبات التين الشوكي لعرضها على المستهلك بسعر 20 دينار للحبة. وهي من الفواكه المحببة كثيرا للجميع حيث يقبل عليها الفقير والغني للتلذذ بطيب مذاقها. رغم عسر الهضم الذي قد يصاب به البعض جراء الإكثار من تناول التين الشوكي، إلا أن هذه الفاكهة تجد شعبيتها لدى مختلف الشرائح المجتمعية خلال شهر أوت وتقتنيها الأسر طيلة فترة الصيف، مستغلة بذلك فرصة وجودها في الأسواق قبل أن تنقطع وتعطي لمحبيها موعدا بعد سنة أخرى، ففاكهة «الهندي» موسمية وتكون فترة توفرها في السوق قصيرة ما يجعل الفرد يشتاق لطعمها اللذيذ وفوائدها العديدة لصحة الجسم، وهو ما يجعل الإقبال عليها لاستهلاكها بشكل لافت. ولم تعد هذه الفاكهة أقل أهمية وشعبية كما كانت عليه قديما، عندما كان يقبل عليها بشكل خاص ضعيفو الدخل، وإنما أصبح الجميع يقبل عليها خاصة مع توفرها، إذ تعرض فى عربات يجرها باعة كثيرا ما يقطفونها بأيديهم ويعرضونها على جنبات الطرقات أو حتى في الأسواق العادية رغم أشواكها الدقيقة والمؤلمة جدا. تجارة موسمية مربحة وعلى طول الطريق الرئيسي بحي باب الزوار، لمحنا منذ الساعات الأولى للنهار شابا يجر عربته المحملة بحبات التين الشوكي وقد شكل بها هرما بألوان متدرجة ما بين الأخضر والبرتقالي والأصفر، ثم ركنها على قارعة الطريق وسرعان ما فتح شمسيته وغطى بها العربة، وقد هيأ أكياسا صغيرة على يمينه وفتحها لتكون في متناول يده، وعلى يساره حبات الهندي، ثم وضع بجانب العجلة دلوا أبيض كبيرا، وارتدى قفزاته البلاستيكية لتحميه من الأشواك وتساعده في تقشير حبات الهندي بسهولة وانطلق في عمله قبل اقتراب الزبائن.. أخذ يرش تلك الفاكهة بالقليل من الماء ثم يمسك حبة «الهندي»، يقشرها بطريقة تبدو دقيقة وبيده الأخرى يزيل الحبة ويضعها في تلك الأكياس ويرمي القشرة في الدلو الأبيض، حبة تلو الأخرى لم يتوقف الشاب عن العمل.. اقتربنا منه لمشاركته تفاصيل مهنته فقال:"أعمل في هذه التجارة الموسمية منذ 7 سنوات، حيث أسعى لقطفها بمفردي من أشجار الصبار المتواجدة بالقرب من بيت العائلة وهو ما يسمح لي بالتجارة في هذه الفاكهة الموسمية". وأوضح الشاب مولود أن هذه الفاكهة مباركة، وتجارتها سهلة فلا تتعب أحدا لا في الزرع ولا في السقي، إنما جعلها الله فاكهة تنبث من تلقاء نفسها وتثمر حبات طيبة. وأضاف يقول «خلال كل موسم صيف تعرض بمختلف أسواق الجزائر العاصمة، منافسة بذلك الفواكه الموسمية الأخرى المتواجدة بالأسواق منها التفاح والعنب والتين، وبمجرد حلول فصل الصيف، تظهر أنواع مختلفة من الفواكه التي تجتمع بالأسواق وتكون الشهرة عادة للفواكه التي تكون فترة توفرها قصيرة ما يجعل الفرد يشتاق إليها ويتوق ومنها فاكهة التين الشوكي التي تتربع في هذا الموسم على أرصفة الطرقات والشوارع والأحياء لتتحول هذه الأخيرة إلى أماكن تنصب فوقها طاولات لبيع هذه الفاكهة. ويجتهد الباعة في تنظيف فاكهة الهندي التي تعرف بكثرة الأشواك، ولا عجب أن نرى أشخاصا يستديرون به طالبين منه تقشير حبات مقابل بضعة دنانير إضافية، وتستمر العملية إلى غاية المساء من أجل إرضاء الزبائن نظرا لعشقهم لهذه الفاكهة. وهذا المشهد أصبح يتكرر يوميا بمختلف الأحياء طيلة الشهر الجاري الذي يكثر فيه قطف هذا النوع من الفاكهة. كما يختار باعة هذه الفاكهة عرض عرباتهم في أماكن استراتيجية لجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن، فتجدهم عند مداخل المساجد، أمام المقاهي، بالقرب من الأسواق الشعبية، حيث تشكل تجارة التين الشوكي مصدر رزق بالنسبة للكثير من العاطلين عن العمل بوجه الخصوص، هذا ما أوضحه بائع آخر، كان بصدد تنقية حبات «الهندي» ووضعها في أكياس لبيعها، مؤكدا أن أغلب تجار هذه الفاكهة يقومون بقطف ثمارها في الغابات المحيطة بالمدن ما يجعل الأرباح صافية وخالصة من أي تكاليف، فضلا عن أن هذه الفاكهة تستطيع المقاومة كثيرا فلا تفسد أو تتلف بسرعة مقارنة بفواكه أخرى. وأوضح التاجر أن الإقبال على هذه الفاكهة لم يبق مقتصرا على ضعيفي الدخل، أو متوفرا فقط في الأسواق والأحياء الشعبية، وإنما بات الكل يرغب في تذوق هذه الفاكهة اللذيذة وذلك بعد انتشار الوعي الصحي بالفوائد العديدة لهذه الفاكهة الطيبة، ومنافعها الصحية والغذائية. ويكشف نفس التاجر أنه يواجه بعض الصعوبات مع فاكهة «الهندي»، لاسيما في مرحلة القطف والتجهيز للبيع، «فالواحد منا معرض يوميا للإصابة بأشواك هذه الفاكهة التي تلتصق بأجسادنا يوميا بالعشرات أو أكثر، فهي مزعجة وبعضها يصعب إزالتها»، ويشرح عمله اليومي خلال هذه الفترة بقوله: «انهض باكرا وأتوجه لأقرب منطقة تتوفر بها أشجار التين الشوكي وأقطف ثمارها الناضجة وذلك قبل بزوغ أشعة الشمس، ذلك لأن هذه الفاكهة تطلق نوعا من الدفاع وهو إطلاق تلك الأشواك تحت أشعة الشمس. وبعد القطف، أنظف الحبات وأخزنها وأعرض منها يوميا على الزبائن». من جهة أخرى، أوضح المتحدث أن بعض الباعة يشترون تلك الفاكهة من عند تجار البيع بالجملة الذين يأتون بها من الولايات المجاورة، ومنها البويرة، بومرداس، تيبازة ومناطق أخرى، حيث أصبحت هذه التجارة من بين المهن الموسمية. وتعرض للبيع سواء بالكيلوغرام ويصل ثمنه إلى 350 دينارا أو بالحبة بعد تقدير ثمنها بعد تجريدها من قشرتها الشوكية فتعرض ما بين 35 و45 دينارا، وتستدعي العملية بضع دقائق لا أكثر ليستمتع محبو «الهندي» بمذاقها المميز، وما يزيد من طيب مذاقها عملية التبريد بوضع الحبات داخل الثلاجة ليستمتع الفرد بهذا المذاق الفريد من نوعه.