يبدو أن المبعوث الاممي إلى ليبيا برناردينو ليون، سيدخل مجددا في سباق ضد الساعة لإقناع الفرقاء الليبيين بقبول مقترحه لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، أسبوعا قبل موعد توقيعه الثلاثاء القادم، بعد قرار الرفض الذي أعلن عنه برلمان طرابلس والتحفظات التي أبداه برلمان طبرق على وثيقة اتفاق السلم والمصالحة. ورفض المؤتمر الوطني العام أو ما يعرف ببرلمان طرابلس المنتهية عهدته فكرة تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي اقترحها المبعوث الاممي إلى ليبيا برناردينو ليون، ضمن مسعى لتوحيد السلطة في هذا البلد وإنهاء الأزمة المستفحلة فيه منذ أكثر من أربع سنوات. وبرر محمود عبد العزيز، نائب برلمان طرابلس موقف الرفض الذي أبداه المؤتمر العام بكون "الحكومة المقترحة ستعمق الخلافات بين الليبيين" من دون أن يوضح دواعي مثل هذا الموقف في بلد مزقته الفوضى الأمنية وأنهكته ازدواجية السلطة. والمفارقة أن رفض برلمان طرابلس لمقترح تشكيل حكومة الوفاق جاء ساعات قليلة بعد إعلان قوات "فجر ليبيا" الداعمة للمؤتمر الوطني العام تأييدها ترشيح فايز السراج، لتولي رئاسة هذه الحكومة، وهو ما أعطى الاعتقاد أن برلمان طرابلس سيسير في نفس اتجاه الموافقة الذي أبدته هذه المليشيا بحكم علاقة التقارب الوطيدة القائمة بينهما ومن منطلق أن سلطات طرابلس تستمد قوتها من قوات "فجر ليبيا". وهو ما يطرح التساؤل حول درجة التوافق بين الجناح السياسي والجناح العسكري لسلطات العاصمة طرابلس التي طالما أبدت تناغما في مواقفها بخصوص قضايا الحوار الليبي الذي ترعاه المنظمة الأممية. ويبدو أن برناردينو ليون، سيجد نفسه أمام عقبة حقيقية في إتمام مهمته بعد أن اصطدم أيضا بتحفظات برلمان طبرق الذي شكك في مقترح تشكيل حكومة الوفاق، وأرجأ اتخاذ قراره النهائي إلى الأيام القادمة. وترك برلمان طبرق الانطباع من خلال هذا الموقف باحتمال رفضه للمقترح بعدما أن اتهم المبعوث الاممي برغبة ملحة في فرض مهمة غير مكتملة دون أن يحدد النقائص التي تضمنها نص الوثيقة النهائية التي صاغتها الأممالمتحدة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وجاء موقف التحفظ مناقضا لتصريحات وزير الخارجية في حكومة عبد الله الثني، الموالية لبرلمان طبرق الذي سبق أن أعلن موافقته على المقترح الاممي وهو ما اعتبر في حينه على أنه قبول ضمني لنواب برلمان طبرق، قبل أن يطالب هذا الأخير بمنحه مزيدا من الوقت لدارسة المقترح. ويتعارض رفض برلمان طبرق وغريمه في العاصمة طرابلس مع الدعوات المتكررة التي وجهتها المجموعة الدولية من أجل إيجاد مخرج للفوضى المستفحلة في ليبيا عبر حث أطراف الأزمة الليبية على قبول الاتفاق كونه يمثل "فرصة سانحة وتاريخية لا يجب تضييعها "من اجل إخراج ليبيا من متاهة الحرب الأهلية التي تعرفها. والمؤكد أن رفض الحكومتين المتنازعين على السلطة في ليبيا لمقترح تشكيل حكومة الوفاق الوطني سيشكل ضربة قوية لجهود المبعوث الاممي الذي حدد موعد العشرين من الشهر الجاري لتوقيع الفرقاء على اتفاق نهائي بينهما والبدء مباشرة في تشكيل حكومة وحدة وطنية توكل لها مهمة تسير شؤون البلاد لفترة انتقالية جديدة.