أخلطت الحكومة الليبية في طرابلس حسابات المبعوث الأممي إلى ليبيا الدبلوماسي الإسباني، برناردينو ليون عندما طالبت غريمتها في طبرق بالدخول في مفاوضات مباشرة دون وساطة دولية لإنهاء الحرب الأهلية التي تعصف بهذا البلد منذ خريف سنة 2011. وتكون حكومة طرابلس بمثل هذا الموقف قد أعادت المساعي التي بذلها الدبلوماسي الأممي إلى حد الآن لإنهاء الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر، وهي التي سبق أن شاركت في كل جولات المفاوضات التي جرت أطوارها في عدد من دول المنطقة. وأبدت الحكومة الليبية في طرابلس وبرلمانها وحتى ميليشيات فجر ليبيا الموالية لها تحفظاتها على نص مسودة الاتفاق الرابعة التي صاغها برناردينو ليون وتعاملت معها بحذر كبير قبل أن تتهم هذا الأخير بالرضوخ لشروط ومطالب حكومة وبرلمان طبرق. وأكدت حكومة طرابلس في بيان مفاجئ لتبرير رفضها للمساعي الأممية أنها تولي أولوية للمصلحة الوطنية والتوصل إلى اتفاق يأخذ بعين الاعتبار السيادة الوطنية الليبية ضمن رسالة واضحة لرفض المساعي التي بذلتها الأممالمتحدة والتي اعتبرتها بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية الليبية. وأضاف بيان حكومة طرابلس باتجاه حكومة عبد الله الثني في طبرق أنه "بإمكاننا الجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة والتباحث داخل ليبيا دون الحاجة إلى وساطات دولية أو تدخل من أي جهة كانت" وبقناعة أن "الشعب الليبي يملك من الإمكانيات لتجاوز كل الخلافات وتغليب المصلحة العليا لبلاده". ويأتي هذا الموقف تكريسا لقرار المقاطعة التي اعتمدتها حكومة طرابلس في جلسة التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة في الحادي عشر جويلية الجاري وكان ذلك بمثابة أول رسالة مشفرة للمبعوث الأممي بان جهوده بقيت مبتورة بالنظر إلى الوزن الأمني والسياسي الذي تمثله حكومة طرابلس في المعادلة الليبية رغم تأكيده بأن باب التوقيع على الاتفاق يبقى مفتوحا أمام جميع الأطراف الليبية. وبرر برلمان طرابلس رفضه التوقيع على الاتفاق بقناعة أن ليون تجاهل التعديلات التي طالب بإدخالها على نص المسودة الرابعة للاتفاق التي رأى فيها المبعوث الأممي بأنها أخذت بكل المقترحات ولا يمكن تحقيق أفضل منها قبل أن يطعن فيه جناح السلطة الليبية في طرابلس وقبله ميليشيات فجر ليبيا التي كانت منذ البداية ضد إجراء الحوار الليبي الليبي خارج البلاد أو حتى تحت وصاية أي جهة أجنبية، بما فيها الأممالمتحدة. وإذا كان من المؤكد أن حكومة طبرق سترفض مثل هذه المواقف، فإن التساؤل يبقى مطروحا حول مدى تمسك حكومة طرابلس بموقفها بعد الإعذار الأممي بمعاقبة كل من يعرقل مسار المصالحة في ليبيا؟ والأكثر من ذلك، هل سيضطر برناردينو ليون إلى أخذ هذا الموقف بعين الاعتبار وبالتالي إعادة النظر في كل المسودة التي صاغها طيلة عدة أشهر حتى لا تذهب جهودها مهب رياح حرب أهلية تهدد بتفكيك ليبيا إلى دويلات؟