اتخذت الدولة إجراءات جديدة لتنظيم وضبط سوق المواد والسلع وذلك بموافقة مجلس الوزراء في اجتماعه أول أمس برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، على مراجعة الأمر الرئاسي المتعلق بالمنافسة والقانون المحدد للقواعد المطبقة على الممارسات التجارية. وتهدف هذه الإجراءات إلى إدخال التصحيحات التي يتطلبها اختلال ضوابط السوق، لاسيما المضاربة في الأسعار على حساب المستهلكين. وتضبط هذه الإجراءات الجديدة، مثلما أوضحت تعليمات رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، الطريقة التي يتم بها تدخل الدولة لتحديد هوامش الربح وأسعار المنتجات الاستراتيجية في حالة الارتفاع غير المبرر، أو الإضراب الحاد في الأسواق أو الكوارث الطبيعية، وهو ما يعني أن هامش الربح في مثل هذه المنتجات على غرار السميد، الحليب، السكر ومواد أخرى يتم ضبطها في قائمة المواد الاستراتيجية، سيكون مسقفا ذلك أن الدولة تقوم بضبط سوق هذه المواد. وتعتمد السلطات العمومية في ممارسة هذا الدور على آليات تزويد السوق بالمنتجات الاستراتيجية عند ازدياد الطلب عليها، واللجوء إلى التخزين عند ازدياد العرض، وهو الأمر الذي يؤهلها لتسقيف الأسعار في هذا المجال وممارسة دور الضبط في السوق من دون المساس بقانون العرض والطلب. ويمكن هذا الإجراء السلطات العمومية من فرض احترام ميكانيزمات عمل السوق، حيث بإمكانها معالجة الندرة ضمن قانون العرض والطلب وفي إطار توازن السوق، مثلما يسمح للدولة أيضا بمعالجة فائض السلع بالشكل الذي لا يؤدي إلى انهيار الأسعار بالشكل الذي يهدد هذه السوق. وحرصا على سريان الميكانيزمات الطبيعية للسوق يصير بالإمكان التصدي لممارسات المضاربة والمضاربين الذين أضحوا يتلاعبون بأسعار السلع الواسعة الاستهلاك قبل دخولها أسواق الجملة، وأحيانا أخرى يخططون لإحداث الاختلال في توازن السوق مما يحدث أضرارا للمواطنين وللاقتصاد الوطني على حد سواء. وقد وسعت الدولة تطبيق إجراءات ضبط السوق لتشمل العاملين الاقتصاديين الناشطين في مجال الفلاحة والصيد البحري واستيراد السلع الموجهة للبيع على حالها. وتتوخى هذه الإجراءات التي تضمنها تعديل الأمر الرئاسي المتعلق بالمنافسة والأسعار، توسيع المهمة العمومية لضبط الأسواق، بحيث تشمل هوامش أسعار السلع والخدمات على أساس مبدأي الإنصاف والشفافية المتعارف عليهما عالميا. ولضبط الممارسات التجارية، عمدت الدولة من خلال مراجعة التشريع الساري المفعول في هذا المجال، إلى توسيع الرقابة العمومية بحيث تشمل نشاطات العاملين الاقتصاديين في قطاعات الفلاحة والصيد البحري واستيراد السلع على حالها، وإلزام المنتجين ومستوردي السلع والخدمات الموجهة للبيع على حالها بالتصريح بمكونات أسعارها، من أجل التأكد من الأسعار والهوامش المطبقة في الأسواق، لتشمل أيضا الموزعين والبائعين بالتقسيط. ولممارسة دور الضبط القبلي وقطع الطريق على المضاربين قبل حصولهم على المنتجات، نصت الإجراءات الجديدة المتعلقة بقانون الممارسات التجارية على اخضاع العاملين الاقتصاديين الفلاحين الذين ليسوا حاليا ملزمين بالفوترة بتسليم وثيقة توضح سعر التنازل عن المنتجات المبيعة، بما يتيح مراقبة احترام هوامش التوزيع. ولجأت الدولة في تجسيدها لهذه التدابير والإجراءات المنظمة والضابطة للسوق الى تشديد العقوبات المطبقة على الممارسات التجارية غير القانونية، من خلال مضاعفة مبلغ الغرامات وإقرار حق أعوان الرقابة المخولين في السحب المؤقت للسجل التجاري لفترة لا تتجاوز 90 يوما، وللقاضي سلطة البت بسحبه نهائيا في حالة العودة إلى المخالفة التجارية. ولتأمين تطبيق هذه الأحكام القانونية المبتكرة، لجأت الدولة مثلما أمر به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى اتخاذ اجراءات المرافقة، التي أكد بشأنها قائلا: »إنني أنتظر من الحكومة أن تعزز تعداد أعوان مراقبة السوق ووسائلها، وأن تشرك كافة السلطات المكلفة بالسهر على احترام القانون«. كما أمر رئيس الجمهورية الحكومة بهذا الخصوص بالتعجيل بإنجاز أسواق التوزيع بالجملة والتقسيط من أجل تطهير التجمعات السكنية والقضاء على النشاطات التجارية غير الرسمية وإلا تقليصها. وشدد في هذا المجال، على أن يوكل تطوير شبكة الأسواق عبر التراب الوطني إلى هيئة اقتصادية بشكل يكفل تمويلها عن طريق القروض ويجنب اثقال كاهل الخزينة العمومية، وهو ما يعني أن تنظيم الأسواق قد صار أمرا مؤسساتيا يحكمه تشريع قانوني ينظمه وفق المعاملات الاقتصادية، مما يسمح للدولة في نهاية المطاف بتنظيم السوق وضبطها حرصا على التوازن الاجتماعي والسياسي في البلاد، لا سيما بالتزام العدالة للصرامة والسرعة في معالجة حالات انتهاك التشريع التجاري، مثلما أمر به رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء.