يدخل المعهد الوطني للكلى وزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا، الذي انتهت به الأشغال منذ أكثر من سنة، حيز الخدمة مع نهاية الثلاثي الأول من السنة المقبلة، بعد استكمال تجهيزه بمختلف المعدات والأجهزة الطبية اللازمة.وسيتزامن دخول هذا الصرح العلمي الهام الذي وضع حجر أساسه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2006، مع صدور المرسوم التنفيذي الخاص بإنشاء مؤسسة متخصصة في زرع الأعضاء وكذا معهد للبحوث. ويأتي هذا الإنجاز في الوقت الذي تسعى الجزائر للانتقال من مرحلة نقل العضو من الحي إلى الحي، إلى مرحلة النقل من جثة الميت إلى الحي. وأكد السيد أحمد جمعي مدير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لولاية البليدة التي ستحتضن هذا المعهد، أن عملية تجهيز المعهد التي رُصد لها غلاف مالي بقيمة 5 ر1 مليار دج، تعرف تقدما معتبرا في الميدان؛ حيث قاربت 85 بالمائة حاليا. وسيعنى هذا المعهد الوحيد من نوعه على المستوى الإفريقي والذي رُصد له غلاف مالي ناهز ثلاثة ملايير دج، حسب معطيات مديرية الصحة، بالتكفل بمرضى القصور الكلوي والجهاز البولي، فيما يأمل الأطباء وذوو التخصص، أن يساهم هذا المشروع علاوة على إجراء 500 عملية زرع كلى في السنة، كما هو مقرر في تطوير عملية زرع الكلى من الميت إلى الحي، خاصة أنها تتم حاليا من حي إلى حي، وهو الحل الذي يستجيب ل 10 بالمائة فقط من الطلبات. وتتوفر المنشأة الجديدة على أربع وحدات علاج تضم 120 سريرا وقاعات لإجراء التحاليل الطبية والفحوصات، إلى جانب قاعة للمحاضرات تتسع ل330 طالبا، ستوكل لهم مهام البحوث والدراسات العلمية في مجالات جراحة الكلى والجهاز البولي وزرع الكلى. ويؤكد الأخصائيون على أهمية التبرع بالأعضاء الذي لايزال محتشما جدا في الجزائر بالنظر إلى عدد المرضى الهام الذين ينتظرون عملية التبرع، حيث أوضح الدكتور بوخلوة رئيس الفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى في لقاء نُظم بمعهد الكلى بمستشفى فرانس فانون الجامعي بالبليدة أمس؛ إحياء لليوم العالمي للتبرع بالأعضاء المصادف ل 17 أكتوبر، أن الجزائر التي تحصي زهاء 19.800 مريض يخضعون حاليا لتصفية الدم، منهم 400 طفل و9000 امرأة، بحاجة ماسة ومستعجلة إلى عملية زرع للكلى؛ نظرا لما يعانيه هؤلاء من مشاكل صحية وعائلية ومادية زادت من معاناتهم. وتأسف المتحدث لكون هذه العملية لاتزال محتشمة جدا ببلادنا، علما أنه تم منذ جوان 1986، زرع 1400 كلى فقط؛ ما يستدعي - يضف المتحدث - بذل المزيد من الجهود التحسيسية لإشاعة ثقافة التبرع في المجتمع المدني، وكذا دعوة الجهات المتخصصة لإيلاء هذا الموضوع أهمية أكبر. من جهته، ذكر الناطق الرسمي للفيدرالية محمد بوخرص، أن المريض الواحد يكلف خزينة الدولة تقريبا 10 آلاف دينار يوميا؛ أي 100 مليون دج يوميا عن مجموع المرضى الذين يقومون بتصفية الدم، وهو رقم اعتبره هاما جدا. وحضر اللقاء إلى جانب دكاترة وأطباء ومجتمع مدني، أهل الشرع والتخصص، الذين حاولوا من خلال تدخلاتهم في أشغال هذا اللقاء، تبيان نظرة الدين الإسلامي الذي يحث على مثل هذه التبرعات، ويرى فيها تعبيرا صادقا عن قيم إنسانية نبيلة، مستدلين في ذلك بالآية 32 من سورة "المائدة": "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، مؤكدين على ضرورة مجانيتها. وركز المتدخلون خلال هذا اللقاء على شرح عملية الزرع، لا سيما من متبرع في حالة موت دماغي، وعدم اقتصارها على محيط المريض من متبرع يتمتع بصحة جيدة، وهي الحالات الأكثر شيوعا في الجزائر، مبرزين الأهمية الاجتماعية للمريض، والمنفعة الاقتصادية لها؛ حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفتها أقل بحوالي عشر مرات من تصفية الدم. كما أكد هؤلاء على التدابير التحسيسية والوقائية التي ينبغي التحلي بها لتجنب الوقوع في مرض القصور الكلوي، على غرار مرض اللوزتين المتكرر، ونقص النظافة التي تكون من الأسباب الرئيسة لعدم قيام الكليتين بوظيفة تصفية الدم. وكانت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وضعت إستراتيجية من أجل بعث زراعة الأعضاء، لا سيما الكلى، وذلك ببعث الوكالة الوطنية لزرع الأعضاء والأنسجة والخلايا، ووضع سجلات وطنية للمصابين بالعجز الكلوي، ورد الاعتبار للمراكز المرجعية. كما تشمل الإستراتيجية تجسيد مشروع بنك الأعضاء، وإعداد برامج تكوينية لفائدة ممارسي زرع الأعضاء. ودعت الوزارة المعنية إلى وضع خارطة طريق بمشاركة كافة الفاعلين من أجل التوصل إلى استفادة أكبر عدد ممكن من المرضى، من عضو في السنوات المقبلة، معتبرا أنه بالنظر إلى الوسائل التي تتوفر عليها الجزائر فإن وضع زراعة الأعضاء ومنها الكلى، ليس مرضيا؛ على اعتبار أن حوالي 26.600 شخص يخضعون لعملية تصفية الدم عبر التراب الوطني، فيما تم تحقيق 166 عملية لزرع الأعضاء خلال 2014؛ أي بزيادة 10 حالات مقارنة ب 2013، وهو الأمر الذي وصفه الأخصائيون بتقدم بطيئ في الوقت الذي تتوفر فيه كل الوسائل.