مكنت الاجراءات القانونية التي فرضتها الحكومة لتنظيم سوق السيارات، الجزائر من توفير 2 مليار دولار، وذلك قبل الآجال النهائية التي حددتها الحكومة لمنع الوكلاء غير المعتمدين رسميا من مواصلة النشاط والمحددة بشهر فيفري المقبل، حسبما أكده وزير الصناعة والمناجم، الذي أشار أمس إلى إمكانية اقتناء سيارة "سامبول" المصنعة بالجزائر بالقرض الاستهلاكي الذي سيدخل حيز التنفيذ في جانفي القادم. واعتبر عبد السلام بوشوارب لدى نزوله ضيفا على منتدى "الإذاعة الوطنية"، مبلغ 2 مليار دولار الذي وفرته الجزائر من إعادة ضبط نشاط وكلاء السيارات، رقما ضخما يعكس ضخامة حالة الفوضى التي كانت عليها هذه السوق، مؤكدا بأن الامور ستتحسن بشكل أكبر بداية من فيفري القادم، "حيث لن يبقى أي وكيل غير مرتبط بشركة رسمية لتصنيع السيارات". وفيما ذكر الوزير بدخول القرض الاستهلاكي حيز التنفيذ بداية من جانفي القادم، في أعقاب استكمال ضبط قائمة المنتجات المعنية بهذا القرض، أعلن عن إدراج سيارة "رونو سامبول" التي يتم صنعها في الجزائر، ضمن قائمة المنتجات التي يمكن شراؤها بهذا القرض الاستهلاكي الموجه خصيصا للمنتجات الوطنية. كما جدد ممثل الحكومة التأكيد على أن مشروع مصنع "بيجو" الذي سيقام بوهران، بلغ مراحل التجسيد النهائية، مذكرا بأن توقيع الشركاء على عقد المساهمة سيتم في جانفي القادم، فيما سيتم التوقيع على العقد النهائي للمشروع من قبل الوزيرين الأولين الجزائري والفرنسي، بمناسبة اجتماع لجنة التعاون الرفيعة المستوى المقرر شهر فيفري القادم بالجزئر. وبخصوص مستوى الاندماج الوطني في هذا المشروع الجديد، أوضح بوشوارب أن الطرف الجزائري اشترط خلال المفاوضات على الشريك الفرنسي، ضمان 40 بالمائة من مستوى اندماج المنتوج الجزائري في مرحلة أولى، تمتد على 5 سنوات، ثم رفع هذه الحصة إلى 60 بالمائة في مرحلة ثانية وذلك لبلوغ مستوى النجاعة اللازمة التي تمكن الجزائر من التصدير. ونفى بالمناسبة أن تكون السوق الجزائرية لتركيب السيارات حكرا على الشريك الفرنسي فقط، لافتا إلى أنه، فضلا عن علامة "بيجو" التي ستشرع في 2016 في بناء مصنعها، هناك علامة صينية ستنجز مصنعا بعين تموشنت وعلامات أخرى بتيارت، فيما اختارت العلامة الإيطالية "فيات" إنجاز مصنعها بعنابة.واستطرد الوزير في هذا السياق أن الحديث عن 40 بالمائة من مستوى الاندماج، يعني بأن الجزائر تتطلع إلى تطوير وفرض المناولة في عقد المساهمة مع الشركاء، وأشار إلى أن "بيجو" سيستقدم معه 7 مناولين فرنسيين، فيما ستسعى الحكومة إلى فرض نفس الشروط على باقي العلامات مثل "فيات" و«ايفيكو" وغيرها، وذلك بغرض تطوير قاعدة مقاولاتية تمكن المؤسسات الجزائرية من دخول الأسواق الخارجية لقطع الغيار.وفيما أوضح بأن تطوير سوق المناولة في فرع الصناعة الميكانيكية يحتاج إلى وصول الجزائر إلى مستوى إنتاج 200 ألف سيارة في السنة، أوضح الوزير أن مشروع القانون الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي ستعرضه الوزارة قريبا على الحكومة والبرلمان، يندرج في إطار هذا المسعى الرامي إلى إعادة تنظيم هذا النوع من المؤسسات وتكييفها مع الواقع والأهداف الاقتصادية. بناء قاعدة إقتصادية قوية بفروع ذات أولوية وعاد وزير الصناعة والمناجم في حديثه للتذكير بمحاور الإستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعة، مشيرا إلى أن الحكومة حددت فروعا تحتل الأولوية، على غرار فرع الإسمنت الذي سيحقق في 2016 الاكتفاء الذاتي ويتوجه إلى التصدير، فضلا عن قطاع الحديد والصلب الذي سيدخل مجال التصدير في 2017، حيث يرتقب حسبه أن يصل الحجم الإجمالي للإنتاج الوطني من هذه المادة 9 ملايين طن، فيما سيصل مستوى إنتاج الفوسفات في 2018 إلى 6 ملايين طن ثم إلى 10 ملايين طن في 2020. وذكر في نفس السياق بأن كميات معتبرة من مادة الفوسفات المنتجة في الجزائر سيتم توجيهها إلى الصناعة التحويلية عبر 4 مصانع جديدة ستدخل الخدمة بداية من العام القادم، مذكرا بتخصيص الحكومة ل12 مليار دولار من أجل تطوير المجمعات الصناعية، ومنها مركب النسيج الذي سيتم إنجازه في غليزان. كما تطرق الوزير إلى تقديم وزارته لمشاريع مخططات عمل تخص خمسة مجمعات صناعية عمومية كبرى من ضمن ال12 مجمعا التي تم استحداثها في إطار إعادة هيكلة القطاع، للمصادقة عليها من طرف مجلس مساهمات الدولة، موضحا بأن اللقاء المقبل للمجلس سيتم فيه مواصلة دراسة مشاريع المخططات الاستثمارية الخاصة بباقي المجمعات، لتمكينها من الدخول في مرحلة الإنتاج في 2016. وأوضح بأن الحكومة تعمل الآن على تحضير أرضية للتصدير، حيث ستكون البداية مع الإسمنت. وبخصوص العقار الصناعي، أشار بوشوارب إلى أن الحكومة منحت الفرصة للخواص لإنشاء مناطق نشاط وتسييرها، بغرض خلق سوق واسعة للعقار الصناعي، وتمكين الدولة من تنظيم دعمها للاستثمارات وتنمية تنافسية الاقتصاد الوطني. تطوير الصناعات التحويلية يوفر 500 مليون دولار كما لفت إلى أن قانون القياسة الذي سيتم عرضه أمام البرلمان مطلع شهر جانفي الجاري، يقع في صلب السياسة الوطنية لتطوير الصناعة، كونه يسمح بتوسيع هيئات التقييس ويمكّن الجزائر من فرض معاييرها الخاصة بالنوعية، وبالتالي تسوية المشاكل التي تعيق تسويق المنتجات الجزائرية في الخارج. كشف الوزير من جانب آخر أن قانون الإستثمار الذي سيتم عرضه قريبا على المجلس الشعبي الوطني جاء ليوضح الأمور المتعلقة بتحفيز وتسهيل الاستثمار في الجزائر، معتبرا أن هذا القانون لا بد أن يؤدي دور الواجهة لاستقطاب المستثمرين "ولذلك تم تحويل التدابير المتعلقة بقواعد الاستثمار وكذا الجانب المنظم للتمويلات إلى قانون المالية". وبعد أن لاحظ تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ 2009 بسبب القاعدة الاقتصادية 49/51 التي كانت متضمنة في قانون الإستثمار، أوضح ممثل الحكومة بأن هذه القاعدة تأتي في مرحلة بعدية، باعتبار أنها ليست مدرجة في قانون الاستثمار وإنما في قانون المالية، مضيفا بأن القانون الجديد يزيح مصطلح خوصصة من أحكامه، ويتكفل بمزايا الاستثمار التي لم تعد أيضا من مهام الوكالة الوطنية لتشجيع الاستثمارات. وفي حين أبرز أهمية الشراكة في اختصار الطرق لتطوير الاقتصاد الوطني والاستفادة من التحويل التكنولوجي، أكد السيد بوشوارب أهمية القدرات الوطنية في مجال الصناعة المنجمية، وأشار إلى أن جهود قطاعه موجهة اليوم نحو تثمين موارد "غار جبيلات" لإقحامها في مسار الصناعة التحويلية، لاسيما وأن هذه الأخيرة تستفيد منها كافة الصناعات الأخرى بما فيها الصناعة الميكانيكية. كما كشف في نفس الصدد بأن تطوير الصناعة التحويلية سيمكن الجزائر من تخفيض فاتورة الاستيراد ب500 مليون دولار في 2016.