قدّمت الشاعرة والإعلامية زهرة برياح مؤخرا، مجموعتها الشعرية الموسومة "وهران.. اِرويني من نبع حنانك"، الصادر عن "دار أنوار المعرفة" للنشر والتوزيع، بالمكتبة البلدية "بختي بن عودة" بوهران، وبدعوة من دار الثقافة "زدور إبراهيم بلقاسم". اللقاء الأدبي المنظَّم على هامش الصالون الوطني للكتاب، عرف حضور جمهور غفير من الطلبة والإعلاميين، حيث عبّرت الشاعرة بفيض من المشاعر، عن مدى حبها وتعلّقها بمدينتها، فوصفت جمال "الباهية وهران" من خلال حروفها الشعرية، حيث استهلت ديوانها الذي يضمّ 19 خاطرة شعرية، بدعوة عاصمة الغرب الجزائري لاحتساء كوب شاي، حيث تغازلها كما يغازل الرجل المولع بالمرأة التي تتربع على عرش قلبه، فقلب زهرة "ملكته وهران.. في عشقها السرمدي". وعبر 90 صفحة أبحرت الشاعرة زهرة برياح بالقراء عبر أزقة وشواطئ الباهية التي زادتها بهاء بكلماتها المعبّرة، التي صرّحت، من خلالها، عن حب مكنون لمدينة سكنت روحها، ووصفتها ب "جنون الصيف النادر"، وأكّدت قائلة: "جزائرية أنت". كما كتبت زهرة "قصيدة على جزيرة حبيباس"، لتطلّ من بعيد على وهران، وتلمح "نوارس المدينة". وتصف شاعرتنا نفسها بأنها "أنثى من مدينة الغرباء" من "وطن لا يملكه أحد". كما أفصحت زهرة عن حبها للبحر وزرقته وأسراره؛ بحر به "أمواج بلا أقنعة" و«أمواج وقارب"، تجوبه "بائعة الورد البحري" التي أسمعتنا "وشوشة البحر وبوح آخر". وتدعو زهرة القارئ للتفاؤل، وتقول له: "اِجعل حياتك وردة"، واعمل على أن يكون "الصباح يبدأ بأغنية"، واحذر من "سهام العدى وورود الشذى"، وعش في "حلم الحكايا". وتقول لكلّ من كانت له ذكرى مؤلمة في حياته: "اِسمك كُتب على دفتر النسيان"؛ لأنّها على دراية بأنّ الشخص الذي يفهم أفكارك هو "من يقرأك بدون حروف". وتشرّفت الشاعرة زهرة برياح كما قالت بأن يكون الدكتور محمد بشير بويجرة هو من كتب مقدمة الكتاب، التي تضمنت تشخيصا نقديا مركّزا على حروف الشاعرة؛ حيث يقول في أحد المقاطع: "اختارت زهرة البوح عن مكبوتات الوجد عبر شراع الخاطرة المترعة بسكر دوالي البوادي الوهرانية، وتَدافع أمواج المتوسط المغرمة أبدا بمعتق الأيام، والموشاة بوشاح المأمول من نشوة الهوى المترعة به كؤوس الخواطر. إنّ وهران والبحر صيغتان لعشق مضمر تختزنه "الزهرة.."، صيغتان تعانقتا أبدا بين حنايا المسير؛ وهران المغرمة دوما بترانيم التدافع وبنزق الزحف المسكونة به أمم أُغرمت بها قبلا، وستبقى تشدّ إليها الرحال بعد حتى ولو بعد سرد، ذات يوم، أحدهم وقائع "الطاعون"، والبحر المبهر في جماله وفي زرقته وفي تشنّجاته حتى خلّدت صولاته وجولاته "الأوديسة" و«العجوز والبحر" و«المصابيح الزرق" و«طيور في الظهيرة"، لتبقى كلّها صيغا حميمية لتوسد صدر وهران.. وأوحت لي ذائقتي وأنا أقرأ هذه المدونة، وكأّن "الزهرة.." تشرب حتى الثمالة كلّ مكوّنات الفضاء الوهراني، شراب، ثم ثمالة تأرجحت بينهما المسافات، وتآكلت الخدود حتى عادت فوانيس الديمومة الوهرانية المحاصَرة بهيام وشبق لكلّ الأشهر والأيام، لكنّها تزيد توهّجا وافتنانا مع تنامي أيام أوت، الذي يشهد انفلاتا نحو مغريات الأمواج تحت وطأة سحر الزرقة"، ليضيف: ".. قصدت التخلّص من البحور الخليلية حتى وجدت نفسها متواطئة وسط الشعر والشاعرية، بدءا من خطاب افتراضي تحت وطأة مغريات الفضاء الوهراني، خطاب تلوّن بين مناجاة الضمير الافتراضي الآخر "أنت.." المتخفي وراء صياغات متناثرة عبر المدوَّنة كلّها، وبين إضفاء بعد عجائبي مغرٍ بالملامسة وبالرونق وفق سياقات لونية "الأزرق، الأسود، الأبيض..". للإشارة، زهرة برياح صحفية بجريدة "الجمهورية"، التحقت بطاقمها سنة 1992 م، وهي ضمن طاقم القسم الثقافي. كما تشرف على النادي الأدبي الذي يصدر كل يوم اثنين بالجريدة، إضافة إلى تنشيطها عدة حصص ثقافية على أمواج أثير إذاعة "الباهية"، وفي رصيدها الأدبي العديد من الإصدارات الأدبية، نذكر منها الأوبرات الشعرية "صرخة القدس" التي نالت بها جائزة أحسن عمل درامي من خلال مسابقة وطنية سنة 1988، كما صدر لها ديوان "مرافئ العشق البارد" سنة 2003 م عن "دار الغرب"، التي أصدرت لها كذلك سنة 2004م، كتاب "بوتفليقة... فخر الجزائر". وطبعت لها "دار مصر الدولية" للدعاية والنشر سنة 2006م، ديوان "عيون العشاق". وساهمت في ديوان شعري مشترك بين أدباء وهران سنة 2010م تحت عنوان "اِسمك فلسطين"، الصادر عن "دار القدس" وعن "دار الوطن" للنشر والتوزيع، كما صدر لها بالمغرب، مؤلَّف بعنوان "جزر حبيباس.