يعتبر التسول من الظواهر السلبية الأكثر تعقيدا، الدراسات السيسيولوجية التي أجريت من قبل مختصين، أسفرت عن وجود أشخاص مختصين في التسول، وهناك متسولون للحاجة وآخرون يمتهنون التسول في المناسبات الدينية، غير أن الأكثر تعقيدا من ذلك يتمثل في استغلال الأطفال في ممارسة حرفة التسول، حيث لا زالت هذه الظاهرة تثير حالة من الاستياء والتذمر لدى المواطنين، مصحوبة بالرأفة إزاء هذه الشريحة الضعيفة التي من المفروض أنّ مكان تواجدها الطبيعي هو البيت والاستمتاع بالدفء العائلي، أو بمقاعد الدراسة عوض تعريضها للخطر واستغلالها في التسول. تباينت أراء المواطنين حيال الظاهرة بين من يؤكد بأن أغلب ممارسي التسول تقودهم عصابات وشبكات مختصة تنشط في مهنة التسول، تعود على هؤلاء بأموال طائلة، وتشغّل الأطفال من أجل استعطاف المواطنين. من جهتها، شكلت مديرية النشاط الاجتماعي لجانا في إطار الاستعجالات المتنقلة للقيام بخرجات ميدانية رفقة مصالح الأمن من أجل الوقوف على مدى خطورة هذه الظاهرة التي غالبا ما تعتمد على تحسيس وتوعية المتسولين، مع دراسة حالتهم الاجتماعية عن طريق إجراء تحقيق ميداني للحالات التي تلجأ إلى التسول بسبب حاجتها المادية وتوجيههم نحو الجمعيات الخيرية للتكفل بها، في حين يتم تحويل المتسولين المحترفين، لاسيما المرفقين بالأطفال على العدالة بتهمة امتهان التسول باستغلال الأطفال. وبلغة الأرقام، أكد رئيس مصلحة الاستعجالات الطبية في وهران، السيد بن تازي محمد، أن خلال السنة الفارطة تم تقديم 26 شخصا يمتهنون التسول أمام العدالة، من بينهم أشخاص يستعملون الأطفال، حيث صدرت في حقهم أحكام قضائية تتراوح بين السجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ وغرامات مالية وأحكام نافذة في حق شخصين. وحسب المتحدث، تبقى تلك الإجراءات الردعية غير كافية ضد الأشخاص الذين يمتهنون التسول، لاسيما الذين يستعملون البراءة سواء من فلذات أكبادهم أو من يتم استئجارهم وتعريض حياتهم للخطر في سبيل الاسترزاق السهل من هذه المهنة المشينة والبعيدة عن ديننا الإسلامي الحنيف، أمام غياب قانون صارم يرمي إلى مكافحة شبكات التسوّل بالدرجة الأولى وكذا تسليط عقوبات جزائية مشددة ضد الأولياء الذين يستعملون أطفالهم في التسول، تصل إلى عقوبة السّجن النافذ وسحب الأطفال منهم ووضعهم في مراكز متخصّصة لحمايتهم وضمان أمنهم وكرامتهم.