أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، أول أمس، أن الجزائر استطاعت تعزيز مناعتها الوطنية نتيجة الإصلاحات السياسية التي عرفتها منذ 1999 والتي جعلت منها قلعة للأمن والاستقرار والديمقراطية في مجال جيو سياسي مضطرب، وأضاف أن ذلك مكنها من لعب دور داعم للسلم والمصالحة في جوارها. وجاء ذلك في كلمة ألقاها السيد ولد خليفة خلال أشغال الدورة العاشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط بتيرانا، إذ أبرز مساهمة الجزائر في حل الأزمة المالية والسعي الدائم لمساعدة الليبيين في بناء دولة موحدة وآمنة، مع احترام مطلق لمبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. في سياق حديثه عن الإصلاحات السياسية والذي يعد التعديل الدستوري من أبرزها، أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني أنه من شانه أن يؤدي إلى "بناء صرح للديمقراطية المطمئنة في كنف مجتمع متماسك وآمن للجزائر"، وأضاف أن كل "المكتسبات التنموية والديمقراطية سوف تتعزز مستقبلا بفعل تبني الجزائر لتعديلها الدستوري الأخير".هذا التعديل -يضيف السيد ولد خليفة- عزز "الفصل بين السلطات ومكن المعارضة السياسية من حقوق دستورية غير مسبوقة، كما وسع من مجال الحقوق والحريات وحصن الهوية وكرس المواطنة الجزائرية كقيمة جامعة وكمصدر للشرعية والتشريع". رئيس المجلس الشعبي الوطني الذي تناول في كلمته الإجرام الإرهابي، أشار إلى أن الجزائر عانت منه لعشرية كاملة، و"استطاعت أن تقوي مناعتها الداخلية ضد هذا التهديد، كما تؤكده المؤشرات الدولية حول الخطر الإرهابي وكذلك الإحصائيات الخاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب والتي تبرز قلة الجزائريين في التنظيمات الإرهابية الدولية مقارنة بالعديد من دول المتوسط وخارجه". هذا ما يؤكد -حسب السيد ولد خليفة- "جدوى الإستراتيجية التي تبنتها الجزائر لمكافحة هذه الظاهرة والتي كانت عقلانية ومتكاملة وشاملة وإنسانية، مع احترام قواعد الحق والقانون والأخلاق المجتمعية والقيم الدينية والحياة الإنسانية".كما أشار في هذا السياق إلى أن الجزائر "تمكنت من استعادة أمنها واستقرارها بفضل سياسة السلم والمصالحة الوطنية وبفضل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة"، وأكد أن هذا المسعى مكن الجزائر أيضا من "إطلاق مشروع نهضوي وتنموي طموح بميزانية ضخمة، قلص من نسب البطالة وحقق كل أهداف الألفية للتنمية قبل الوقت ورسم معالم اقتصاد متنوع ومتكامل، فضلا عن توفير أرصدة ضخمة من احتياطي الصرف، تجنبها التداعيات السلبية لتقلبات السوق العالمية للنفط". كما يرى رئيس المجلس الشعبي الوطني أن مكافحة ظاهرة الإرهاب "تستدعي بناء مقاربة استباقية وشاملة تجمع بين التعامل الأمني والتعاون الإقليمي والدولي والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في ظل دولة الحق والقانون". السيد ولد خليفة أوضح أنه في ظل التحديات الكبرى التي تعرفها المنطقة المتوسطية وأمام تنامي التهديد الإرهابي وتزايد الكوارث الإنسانية، "أصبح من الواجب الإنساني والحضاري العمل المشترك من أجل حل الأزمات العالقة في سوريا وليبيا، عن طريق الحوار الوطني الجامع بالمصالحة الوطنية وبعيدا عن كل أشكال التدخل الأجنبي". لدى تناوله القضية الفلسطينية، أكد السيد ولد خليفة على أهمية "العمل المشترك لتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته في حدود جوان 1967 ،مثلما تقره كل اللوائح الأممية وقرارات مجلس الأمن الدولي".كما تطرق إلى الأوضاع التي تشهدها المنطقة المتوسطية في السنوات الأخيرة نتيجة الأزمات التي أفرزتها التحولات السياسية التي تعرفها بعض الدول العربية، مما أدى إلى "مزيد من الصراع والتفكك الداخلي ونقص التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتصاعد المخاطر الأمنية".في هذا الإطار دعا إلى "المزيد من التعاون والتنسيق لمساعدة تلك البلدان غير المستقرة على التحكم في مجالها الإقليمي وفي إدارة حدودها وتحقيق درجة من الوفاق والتجانس التي تسمح لشعوبها بحياة آمنة وتقلل من احتمالات مغامرة بعض مواطنيها للهجرة غير الشرعية لبلدان أخرى قريبة أو بعيدة هربا من الحرب ووحشية الإرهاب". السيد ولد خليفة ذكر أيضا بظاهرة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في المنطقة المتوسطية، مما يستدعي -كما قال- صحوة حقيقية لضميرنا الإنساني لإنقاذ ومساعدة مهاجري اليأس، مع الابتعاد عن الحلول النمطية القائمة على التضييق الأمني على حركة المهاجرين". بالمناسبة دعا ممثل الجزائر برلمانيي دول المتوسط إلى تطوير "مقاربة شاملة وإنسانية للحد من هذه الكوارث وعدم تكرارها مستقبلا بالمساعدة على حل الأزمات في البلدان المعنية وذلك عن طريق تشجيع الحوار والمصالحة الوطنية بدل فرض حلول من الخارج تزيد الأزمات تعقيدا".