استطاعت الأنشودة الدينية أن تجد لذاتها مكانا، وسط ذلك الزخم الفني القوي وهيمنة الأغاني العاطفية والشبابية، حيث زاحمتها على الفضائيات وراحت تعبق بأجواء من الود والصفاء والروحانيات، بعيدا عن لغة الجسد التي فرضتها سلطة الأغاني الهابطة، حيث تفنن المنشدون في تقديم أعذب الأناشيد التي تطرقوا من خلالها الى مختلف المواضيع الدينية منها والاجتماعية.. سوق الكاسيت الجزائري أيضا عرف دخول أعداد معتبرة من الاناشيد لأسماء عالمية مختلفة، مع ميلاد أصوات جديدة كانت إلى وقت غير بعيد رائدة في الاغنية الرايوية، حيث اختار الشاب جلول مثلا لقب المنشد جلول. تزامنا مع شهر رمضان الكريم، حيث أصبح الميل إلى الأناشيد الدينية كبيرا من طرف الراشدين والأطفال، خصوصا بعدما نشطت الفضائيات العربية وقدمت العشرات من أسماء المنشدين والفرق، على غرار فرقة طيور الجنة التي تقدم أعمالا تربوية ودينية هادفة إلى الأطفال. والجدير بالذكر أن الكثير من الأسماء العربية المنشدة، أصبحت معروفة ومحبوبة لدى الكثير من الجزائرين، خصوصا أن اغلب الأعمال حققت نجاحا واسعا، على غرار أنشودة "لسوف أعود يا أمي" للمنشد الإماراتي أحمد أبو خاطر التي حققت نجاحا مميزا، الى جانب الكثير من أعمال المنشد البريطاني الأذربيجاني الأصل سامي يوسف، الذي قدم "أسماء الله الحسنى"، "المعلم" "أماه"، في حين أصبحت أنشودة "فرشي التراب" للمنشد مشاري العراد رفيقة كل من يخشى عذاب القبر وضمته. وللأم أنشد العديد منهم وكانت أكثر الأنشودات وقعا "أمي لا تحزني" للمنشد سمير البشيري، في حين أبدع حمد الجابري في "أخت الرجال"، وحرص مشاري راشد العفاسي على إيصال رسالته حيال ترك الصلاة في أنشودة "إلاّ صلاتي ما أخليها التي يحفظها الكبار والصغار عن ظهر قلب، كما ظهرت أصوات نسائية ناجحة في الأنشودة منها المنشدة شهد صلاح والفلسطينية ميس شلشن. وتعرف ساحة الأنشودة الجزائرية الكثير من الفرق أيضا، منها فرق الريحان، فرقة البيلسان الفتية للمنشدة تنهنان والمنشد يوسف حسن صاحب شريط قمر الليالي. وأحدث جلول نجم الاغنية الرايوية - التائب كما أطلق على نفسه - المفاجأة بتقديمه ألبوم نشيد ديني ضم 4 أعمال من كلماته، وقد تعامل فيه مع عدنان عينوس شقيق رفيق دربه الراحل، المؤلف الشهير تاج الدين عينوس، الذي كانت وفاته سببا مباشرا في توبة جلول كما قال حيث أصبح مؤذنا بمسجد في وهران... ألبوم الأناشيد الذي رأى النور يوم 27 أوت من السنة الجارية، حمل أعمالا مميزة بدون موسيقى، حيث اعتمد على القرع على الدف وقدم "أسماء الله الحسنى"، "رمضان راه جانا"، "تارك الصلاة"، "التسبيح". اتصلنا بالمنشد جلول وسألناه عن أسس رهانه على نجاح الأنشودة الجزائرية وعن موقعها الحالي وسط الزخم الذي تعرفه الأنشودة الإسلامية، فقال » الأنشودة الجزائرية في وضع جيد والدليل هو المهرجانات الدولية التي تحتضنها بعض ولايات الوطن، حيث سجل مهرجان وهران الدولي في السنة الفارطة، مشاركة قوية لفرق جزائرية وآخرى من الوطن العربي، وتحتضن قسنطينة هذه السنة أيضا مهرجان الأنشودة، ويضم أسماء عربية لامعة وسأكون ضمن قائمة المشاركين بأنشودتي "تارك الصلاة"، و"أسماء الله الحسنى"«. وحول رهان تألقه في الأنشودة الجزائرية، قال » طبعا أراهن كثيرا على النجاح لأني بكل بساطة سأنشد بالدارجة، فالمنشدون العرب الأخرون ما كانوا لينجحوا لو لم ينشدوا بلهجاتهم المحلية، طبعا وهو الأمر ذاته الذي يفسر نجاح أغنية الراي، فقد حملت كلماتها من الشارع وهذا سر نجاحها«. وتشهد الأسواق الأسبوعية عرض العديد من الأعمال الخاصة بالمنشدين المغمورين، السالف ذكر أسمائهم، في رمضان، وتعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، خصوصا أن سعر الكاسيت 50 دج، في حين حدد سعر القرص المضغوط ب 60 دج فقط. وحول سر الإقبال يقول يوسف تاجر بسوق بومعطي » لقد ساهمت الفضائيات في التعريف بالعديد من الأسماء، فغالبا ما يقصد الزبون المكان لشراء أشرطة المنشدين طبعا مع اختيار الأناشيد، فهو يدرك سالفا ما يريد اقتناءه«.