توفي نور الدين نايت مازي، أحد مؤسسي الصحافة الجزائرية بعد الاستقلال، ظهر أول أمس بباريس إثر مرض عضال عن عمر ناهز81 سنة. وبعث رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ببرقية تعزية إلى عائلة الفقيد، أشاد فيها بخصال الرجل. كما قدم وزير الاتصال حميد قرين لعائلة الفقيد وزملائه ورفاقه أصدق التعازي، معربا عن مواساته في هذه المناسبة الأليمة. جاء في برقية رئيس الجمهورية إنه "نمى إليّ خبر وفاة أحد أعمدة الإعلام في بلادنا، المغفور له بإذن الله نور الدين نايت مازي، طيب الله ثراه وأنعمه بالمغفرة والرضوان"، مضيفا "فالرجل من بطانة طيبة خدم وطنه بما وهبه الله من ملكة عالية في الكتابة والتحرير حتى غدا قلما مشهودا له وكان على الدوام يعبر عن أرائه وأفكاره مشمولة بمنظومة من القيم الصحيحة التي لا تتعارض فيها حرية الطرح مع حقوق الغير وكرامتهم، وهو إلى جانب ذلك من الداعمين والمشجعين لنشر الكتاب والترويج للثقافة الوطنية، فضلا عن كونه مسيرا لأكبر الصحف الوطنية، كما يحفظ له كل من عمل إلى جانبه ودا وتقديرا لدماثة خلقه وتواضعه وتفانيه في أداء رسالة الإعلام والمعرفة". الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قال "لقد فقدت فيه الجزائر إبنا بارا وإعلاميا متميزا ومنافحا صلبا عن مهنة المصاعب ونشر نور المعرفة". ودعا في برقيته "وإذ أسأل المولى جل وعلا أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدثره برضوانه ومغفرته وأن يحشره مع الأبرار من عباده المخلصين وحسن أولئك رفيقا، أعرب لأسرته الكريمة ولذويه الأبرار ورفاقه عن صادق العزاء وخالص الدعاء، مبتهلا إلى المولى جل وعلا أن ينزل في قلوبهم صبرا جميلا ويعوضهم فيه خيرا وفيرا ويوفيهم أجرا عظيما". "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". من جهة، أشار رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح، إلى أن الفقيد كان من تلك النخبة الإعلامية الرائدة التي واصلت عطاءها على مدار سنوات طويلة وتقلدت المسؤوليات في المؤسسات الإعلامية، وكان له في كل موقع التقدير المستحق. وأضاف رئيس مجلس الأمة في رسالة التعزية إلى عائلة الفقيد أن هذه المزايا والمآثر ستظل شاهدة على مساره المهني وسيرته الإنسانية. الفقيد نايت مازي المولود في 18 جانفي 1935 بباريس (فرنسا) ابن فلاح مهاجر والمنحدر من ولاية تيزي وزو. التحق في سن مبكرة بالحركة الوطنية لحزب الشعب الجزائري - حركة انتصار الحريات الديمقراطية. الراحل عمل ما بين 1954 و1956 بجريدة ليبر ألجيري (الجزائر الحرة) بباريس. وبعد الاستقلال، عاد إلى الجزائر والتحق بصفته محررا بصحيفة "الشعب" التي أّسست في خريف 1962 من طرف حزب جبهة التحرير الوطني ليصبح رئيس ركن ثم مساعد - رئيس تحرير في سنة 1964. في سنة 1967، تم تعيينه رئيس تحرير يومية المجاهد الوطنية وهو المنصب الذي شغله إلى غاية سنة 1971 التي عين فيها مديرا عاما بمرسوم رئاسي. وبعد مضي 10 سنوات، أي في سنة 1980 توقف بطلب منه عن شغل هذه الوظيفة، ليصبح مستشارا بمكتب وزير الإعلام. وفي سبتمبر 1983 أعيد تعيينه في منصب مدير يومية المجاهد ثم مديرا عاما للمؤسسة الوطنية للصحافة. من سنة 1998 إلى 2001، عين مستشارا في الاتصال لرئيس مجلس الأمة، ومنذ ذلك التاريخ أصبح يعيش بالجزائر العاصمة وانقطع عن كل نشاط مهني. في سبتمبر 2011 تم تكريم عميد الصحافة الجزائرية على هامش الطبعة ال16 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة. العديد من زملائه أجمعوا على أنه جمع بين العديد من التخصصات، حيث كان صحفيا ومسيرا وشخصية أدبية، كما ساهم في ازدهار و تطور يومية شارع الحرية خلال عقود ال60 وال70 وال80. في نوفمبر 2012 بادرت يومية المجاهد إلى تكريم نايت مازي الذي كان مسؤولا عن النشر لاسيما خلال سنوات ال70 وال80 لما كانت الجزائر بمثابة العمود الفقري لحركة عدم الانحياز، حيث كانت "المجاهد" تضطلع بمهمة تعكس توجهات البلاد. لعرض المسار الطويل والمتميز لنايت مازي، قام الصحفي سليم أقار بإنجاز فيلم وثائقي مدته 52 دقيقة ضمنه عديد الشهادات التي أدلى بها صحفيون عملوا تحت إشرافه. من بين الصحفيين الذين تأثروا بهذه الوفاة مولود عاشور، الكاتب والمدير الحالي لدار نشر القصبة الذي أشار إلى أن "نايت مازي لم يتوقف يوما عن كونه صحفي"، فيما أشار ناصر مهل وزير الاتصال الأسبق إلى أن الراحل كان "رجلا صارما ونزيها". جثمان الفقيد ينقل اليوم إلى الجزائر ينقل، اليوم، إلى الجزائر جثمان الفقيد نورالدين نايت مازي الذي وافته المنية يوم الخميس بباريس اثر مرض عضال عن عمر يناهز 81 سنة حسب ما علم أمس لدى وزارة الاتصال.وبعد وصول جثمان الفقيد إلى مطار هواري بومدين الدولي سيتم نقله إلى مقر جريدة المجاهد حيث شغل منصب مدير عام لتمكين زملائه من إلقاء النظرة الأخيرة عليه. سيتم تشييع المرحوم إلى مثواه الأخير في نفس اليوم بمقبرة العالية بعد صلاة الظهر. زملاء وتلاميذ الفقيد نايت مازي: فقدنا أيقونة صحفية أجمع زملاء وتلاميذ الفقيد نور الدين نايت مازي أن الراحل يعتبر "مدرسة كبيرة في الصحافة الجزائرية"، معربين عن حزنهم "لرحيل قامة كبيرة في الصحافة الوطنية"، كما أجمع كل من عرفوه أو عملوا معه انه كان "قلما" و«أيقونة صحفية في الجزائر"، مبرزين "نزاهة الرجل" و«حبه للجزائر". مدير يومية المجاهد: كان رجلا صارما وسخيا ومهنيا أكد مدير نشر يومية المجاهد عاشور شرفي أن الفقيد كان "رجلا صارما وسخيا و مهنيا"، مضيفا أن الراحل "كان قريبا ومصغيا للصحفيين الشباب الذين يشرف على تأطيرهم، فقد كان يراجع كتاباتنا ويوجهنا بنصائحه وملاحظاته الهادفة"، يضيف شرفي الذي أكد أنه جعل من المجاهد "مرجعا إقليميا و دوليا". المدير العام الأسبق ل واج: الجزائر فقدت صرحا كبيرا في الساحة الإعلامية من جانبه، أوضح المدير العام الأسبق لوكالة الأنباء الجزائرية، بلقاسم أحسن، جاب الله أن "الجزائر فقدت برحيل نايت مازي صرحا كبيرا في الساحة الإعلامية الوطنية"، مضيفا أن الراحل "كان يتحلى بتواضع فريد وكان رجل تجارب وصرامة ومن أبرز المكونين"، مشيرا إلى أن الفقيد كان "يتميز بروح الدعابة رغم مظهره". وتابع يقول إنه التقى مؤخرا بالفقيد الذي وجده -كما قال- "منشغلا بمشكل التكوين لدى الصحفيين الشباب في الجزائر والأخلاقيات و الوفاء للوطن". مدير صحيفة ليكسبريسيون: رجل نزيه يتميز بروح القيم الانسانية في هذا السياق، أوضح مدير صحيفة ليكسبريسيون أحمد فتاني أن نايت مازي له صفة "القائد" و"رجل نزيه يتميز بروح القيم الإنسانية"، مشيرا إلى انه يعتبر مدرسة كبيرة في الصحافة كرس كل حياته لهذه المهنة"، كما ذكر أن الفقيد انخرط في الحركة الوطنية في سن 15 سنة. وتابع فتناني يقول إن نايت مازي "كون صحفيين بارزين" وأن "الفقيد لم يكن منجذبا للحياة المادية لكنه كان شديد الحرص على العدالة الاجتماعية" السيد فتاني أضاف أنه "بوفاة نايت مازي نكون قد فقدنا صفحة من تاريخ صحافة الجزائر المستقلة"، أما علي وافق: سيظل مرجعا في المهنية والاحترافية علي وافق صحفي بيومية اوريزون، سبق له العمل بجريدة المجاهد أكد أن نايت مازي "يبقى شخصية هامة وصحفيا لامعا ومهنيا لكل ما للكلمة من معنى". وأعرب في هذا الخصوص عن "فخره لكونه تخرج من مدرسة نايت مازي"، مؤكدا على الخصال الإنسانية لعميد الصحافة الجزائرية الذي ظل -كما قال- رغم ذلك "متواضعا". وخلص السيد وافق في الأخير إلى التذكير بأن "غالبية مسؤولي الصحافة الحاليين قد تخرجوا من مدرسة المجاهد تحت إشراف نايت مازي الذي سيظل مرجعا في المهنية والاحترافية".