يرى الإعلامي والخبير في الشبكات الاجتماعية، السيد بشير بوزيان الرحماني، أن التطور لا يمكن تجنبه. وصراع الورق مع "الأونلاين" مستمر وكل يوم نسمع عن انحسار مساحة الورق تاركا المجال للإلكتروني. آخرها صحف عملاقة تخلت نهائيا عن النسخ المطبوعة وتحولت إلى نسخ رقمية بالكامل، مثل صحيفة "الإندبندت" البريطانية و"التايمز" الأمريكية و"السفير" اللبنانية، مضيفا أن صمود النسخة مرتبط بالقارئ. في الغرب مثلا توجد مقروئية في مختلف أنواع المطبوعات؛ كتب، مجلات وصحف وغيرها، لكن هذه الصناعة بدأت في التراجع أمام توسع وانتشار "الأونلاين" بكل محتوياته. مثلا صناعة الورق في أمريكا الشمالية فقدت 63 في المائة من مداخيل الإعلانات بين سنتي 2006 و2013، أي ما يقارب 29 مليار دولار. كما أن الاشتراك في المطبوعات المدفوعة فقد أكثر من 22 في المائة من مشتركيه. وعليه، يمكن القول -حسب محدثنا- أن صناعة الورق تراجعت بشكل كبير مست حتى كبريات الصحف والمجلات الورقية التي سواء أقدمت على تقليص تكاليف الورق واتجهت إلى حلول إلكترونية أو ألغت النسخة المطبوعة لغياب المردودية (تراجع المبيعات والإعلانات). ويشير إلى أنه في المقابل ورغم ضعف المقروئية عموما في الجزائر، إلا أن هامش قراءة الصحف الورقية لا يزال مقبولا، لكن كلما توسع استخدام الأنترنيت السريع والمحمول شهدنا انهيارا كليا للصحف والقنوات التلفزيونية. ردا على سؤال عما إذا كانت المواقع الإلكترونية الرسمية للصحف المكتوبة والتفاعلية والبوابات كفيلة بحل المشكل أو حتى التخفيف من وطأته، لتعويض خسائر المرتجعات بعد أن لجأت كبريات الجرائد الوطنية إلى خفض عدد النسخ المطبوعة، ذكر محدثنا أن المقروئية ليست هي التي قلت ولكن القارئ هو الذي تغير. وعليه، فالحلول الإلكترونية لا بد أن تتجه إلى القارئ الإلكتروني، فالمعلنون تحولوا إلى منصات الإعلان الإلكتروني من مواقع، شبكات، بريد إلكتروني وغيرها، والمداخيل من الإشهار الإلكتروني مرتبطة بحجم الزوار ومدى انتشار الموقع أو الخدمة الإلكترونية. وأكد الأستاذ الرحماني أن من لم يستطع أن يصنع لنفسه مقروئية في المطبوع لا يتصور أن تكون له مقروئية إلكترونيا، فالنشر الإلكتروني ليس مجرد واجهة لمطبوعة ورقية، بل هو أساس النشر وليس العكس. الصحف التي تملك محتوى جيدا ومقروئية يمكنها أن تضاعف من حجم أرباحها "أونلاين" إذا عرفت كيف تنوع في إنتاج المحتوى عبر كل الوسائل والمنصات، فالقارئ الوفي سيتبعك أينما كنت. بشأن مخاوف الناشرين من انهيار إمبراطورية الورق، أفاد المتحدث أن الناشر بطبيعة الحال هو تاجر قبل كل شيء ويبحث عن الربح وليس الخسارة، والمنافسة قوية وشرسة. والأنترنيت صنعت منافسين أقوياء لم يكونوا في الحسبان. كما أن الشبكات الاجتماعية سمحت بنشر الخبر بطريقة أوسع وأسرع، مما جعل المعلومة متوفرة ومجانية، ونتساءل "فما الذي يدفعني إلى شراء جريدة لقراءة خبر أو موضوع إذا كنت سأقرأه مجانيا (أونلاين)؟" ويعترف الخبير أن الانتقال إلى العالم الرقمي ليس خيارا بل حتمية لمن أراد الاستمرار في نفس الصناعة أي صناعة الخبر. كما أن عملية الانتقال لا تخص الصحف الورقية فقط، بل تمس كل أنواع الميديا التقليدية بما فيها التلفزيون والراديو. فمستقبل النشر الإلتكروني يعتمد على ثلاثة محاور أساسية وهي: المحتوى البصري والمحمول والشبكات الاجتماعية، "هذه هي ساحة الحرب حاليا". وفي نظر الأستاذ الرحماني، هناك معطى جديد في عملية صنع الخبر، وهو أن القارئ لم يعد متلقيا للخبر، بل أصبح صانعا له. الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل المحمول التي تتوفر على اتصال أنترنيت سريع وكاميرا فيديو عالية الدقة ومسجل صوتي، سهلت من عملية الوصول إلى الخبر، وسرعة نشره، مما ساهم في خلق نوع جديد من الصحافة يسمى بصحافة المواطن citizen journalism ولذا ما يميز الإعلام الجديد عن غيره خصوصا الشبكات الاجتماعية هو أن المستخدم شريك في صنع المحتوى.