كان ملعب الحبيب بوعقل شاهدا أمسية أول أمس، على كتابة التاريخ لكن بنقيضين: الأول حمل إنجازا تاريخيا غير مسبوق حققته شبيبة الساورة التي انتزعت عن جدارة واستحقاق، مشاركة دولية تمثلت في رابطة إفريقيا للأندية بعدما حققت الأهم، وهو الفوز الذي سمح لها بالبقاء متمسكة بمركز الوصافة الذي نافستها عليه شبيبة القبائل، التي اكتفت من جانبها بتعادل سلبي بقواعدها أمام مولودية وهران، منح لها هي أيضا مشاركة قارية، لكن في كأس الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم، والمهم بالنسبة لها أنها عادت إلى الساحة الإفريقية بعد غياب طال ست سنوات، عكس الساورة التي ستستعد لاكتشاف أدغال إفريقيا لأول مرة في تاريخها الرياضي. ولقد كان كافيا هدف وحيد سجله المهاجم زايدي الذي سجله باكرا (د4)، ليمنح شبيبة الساورة ما حلمت به وجاءت من أجله إلى ملعب بوعقل مدعومة بحوالي 60 مناصرا، صنعوا أجواء بهيجة على قلّتهم، وشاركوا اللاعبين والأطقم الفنية والإدارية والطبية فرحة الفوز، والأكثر تمديد السعادة بمنطقة الجنوب عامة، ومدينة بشار خاصة بمشاركة قارية من الطراز الأول بعدما دشنت تلك الفرحة تشكيلة الآمال، التي أهدت "البشاشرة" أول كأس للجزائر لهم في مشوار ناديهم. ولقد عاشت غرف تبديل الملابس فرحة كبيرة، امتزجت فيها الدموع بالعناق الحار بين اللاعبين والمدربين والمسيرين، وفي مقدمتهم محمد زرواطي العضو الفعال، والقلب النابض في إدارة الساورة، والذي حُمل على الأكتاف من قبل اللاعبين، تقديرا منهم له على ما وصفوه بإخلاص ابن مدينتهم لفريقهم، ومساهمته الكبيرة في رفع شأن الكرة البشارية. ومن بين هؤلاء المهاجم زايدي، الذي قال: "حققنا إنجازا تاريخيا هو الأفضل في مسيرة شبيبة الساورة، ولقد وثقنا في قدراتنا إلى آخر نفس من البطولة الوطنية رغم بعض التعثرات التي سجلناها خصوصا بملعبنا، لكن النتيجة النهائية هي مشاركة إفريقية ولأول مرة في تاريخ الفريق، وهي أحسن هدية نقدمها لأنصارنا". أما النقيض الثاني الذي شهد عليه حضور ملعب الحبيب بوعقل، فتمثل في وضع جمعية وهران نقطة النهاية لأسوأ موسم كروي لها منذ تأسيسها سنة 1936. صحيح أنه سبق لها وأن ركبت المصعد مرات وسقطت إلى القسم الأسفل مرات كذلك، لكن لم يسبق لها وأن غادرت حظيرة الكبار برتبة أخيرة، ومحمَّلة بهزائم ومهازل على أكثر من صعيد. فأمام شبيبة الساورة سجّل "الجمعاوة" هزيمتهم العاشرة على التوالي، وال 22 في البطولة الوطنية، مؤكدين وهنهم الكبير، حيث تلقوا في المباريات العشرة الأخيرة 27 هدفا مقابل 6 أهداف وقّعوا عليها، وفي المجموع اهتزت شباكهم 54 مرة مقابل 21 هدفا سجلها خط هجومهم، لينفردوا بصدارة أسوأ دفاع وهجوم في آن واحد، وهي حصيلة تحسّر عليها كثيرا المدرب الشاب مرين الحاج، وأرجعها إلى عدة أسباب، قال بأن العام والخاص يعرفها، لكنه استطرد، بأن جمعية وهران تملك كل المقومات التي تسمح لها باستعادة مكانتها سريعا ضمن كبار الأندية الجزائرية.