رغم أن التجفيف الغذائي عرف منذ القدم، فإن وحدة تطوير التجهيزات الشمسية ببواسماعيل، تعمل حاليا على إعادة هذه الطريقة إلى الوجود من بوابة التكنولوجيات الحديثة في مجال الطاقات المتجددة، بإعطائها بعدا صناعيا يمكنه أن يساهم في إعطاء دفع لمجال حفظ الأغذية من جهة، ورسكلة بقايا الأغذية من جهة أخرى. ذلك ما تعمل عليه الباحثة في مجال التجفيف الشمسي للفواكه والخضر بالوحدة السيدة نادية متيجي، التي التقتها "المساء" على هامش الأبواب المفتوحة التي نظمها مركز تطوير الطاقات المتجددة ببوسماعيل بداية الشهر الجاري. وأمام أجهزتها المختلفة شرحت الباحثة كيف طوّرت هذا المجال باستخدام الطاقة الشمسية عبر مجفّفات بعضها مباشر وبعضها الآخر غير مباشر. وتقول في السياق "يوجد نوعان من المجفّفات الشمسية... المباشرة وغير المباشرة، الأولى نقوم بتجفيف المواد الغذائية فيها عن طريق توجيه الأشعة الشمسية مباشرة نحو المواد المجفّفة، وهذه التقنية لها مزايا وعيوب، ومن أهم عيوبها أنها تؤدي إلى خفض القيمة الغذائية للمادة مقارنة بالمجفّف غير المباشر الذي يحتوي على غرفة مغطاة لا تدخلها أشعة الشمس التي تمس بالقيمة الغذائية وبلون المواد، وبالتالي فهي تحمي المنتج". ويستعمل المجفّف المباشر بما فيه البيت البلاستيكي الشمسي بالخصوص لتجفيف البقايا الغذائية. حيث تم توقيع اتفاقية بين شركة "سيم" ووحدة تطوير التجهيزات الشمسية من أجل تجفيف هذه البقايا التي تنتج بعد تحويل الخضر والفواكه و«كمياتها الكبيرة"، كما أشارت محدثتنا، لذا إعادة رسكلتها تجلب منفعة للجميع: الشركة والمستخدمين للبقايا والبيئة. وتوجه البقايا المجفّفة لمربّي الأبقار والماشية عموما، حيث يمكن استخدامها كعلف كما أوضحته السيدة متيجي، التي تؤكد بأن نتائج استخدامها كانت ممتازة، وأوضحت قائلة "اقترحنا التجفيف الشمسي لبقايا الأغذية الذي يسمح بتثمينها وتحويلها لغذاء للماشية... لذا اتصلنا بعدد من مربّي المواشي وقاموا بتجارب على بقايا الطماطم التي قدمت كعلف للأبقار، وكانت النتائج جيّدة جدا، ظهرت خصوصا في ارتفاع إنتاج الحليب وارتفاع وزن الأبقار". وفي تجربة مماثلة لمربّي الدواجن، لوحظ أن البيض الناتج من الدجاج الذي تناول بقايا الطماطم المجفّفة له قيمة غذائية أفضل، إذ يحتوي صفاره على كمية أكبر من البروتين مقارنة بالبيض العادي. أما بخصوص المجفّف غير المباشر، فأشارت الباحثة إلى أنه حاليا يوجد في طور التجربة المخبرية، وأنه يتطلب تطويرا لأنه حاليا لا يسمح إلا بتجفيف كميات قليلة من المواد الغذائية. وحاليا تمت تجارب فيه لتجفيف عدد من المواد أهمها "الأعشاب" التي قالت إنها "سهلة التجفيف"، إضافة إلى الطماطم التي أعطت عملية تجفيفها "نتائج جيدة" لاسيما وأن قيمتها الغذائية وذوقها يتم الاحتفاظ بهما بطريقة أفضل من الحفظ عبر التبريد. كما أجريت تجارب "ناجحة" لتجفيف البطاطا كذلك، وقالت السيدة متيجي، في هذا الموضوع "قمنا بتجربة لتجفيف البطاطا التي حوّلناها إلى مسحوق يمكننا استعماله لإعداد البطاطا المفرومة ونجحت العملية حيث لم تحدث لها أي أكسدة أو تعفّن، لكن لابد من تسريع عملية التجفيف في الساعة الأولى حتى لا تفسد البطاطا، لأن العملية تتطلب احترام جملة من الشروط". أما بالنسبة لتجفيف الفواكه فالعملية مازالت في أولها وهي "حساسة" كما تقول محدثتنا نظرا لقساوة قشرتها وهو ما يصعب من خروج الماء وبالتالي تجفيفها. ويتطلب الأمر معالجة أولية للتخلّص من الطبقة القاسية لقشرتها لتمكين الماء من الخروج، كما أن درجة الحرارة بالنسبة للفواكه يجب أن تصل إلى 70 درجة مئوية ولابد من مراقبة التجفيف ومراقبة الحرارة وساعات التجفيف التي تختلف من فاكهة إلى أخرى. وتعمل حاليا وحدة تطوير التجهيزات الشمسية، حسب السيدة متيجي، مع شركتي "سيم وعمور" لاسترجاع بقايا الأغذية، وتأمل عبر جمعية "حليب بلادي" في ربط علاقات مع مربّي الأبقار في المنطقة لاسيما الصغار منهم الذين يعانون من غلاء العلف لتزويدهم بغذاء أفضل إما مجانا أو بسعر رمزي. ويبقى تطوير مثل هذه التقنيات مرهونا بوجود اهتمام صناعي بهذه المجالات لاسيما في الوضع الراهن، حيث تعطي الحكومة أولوية لتطوير الطاقات المتجددة، خاصة إذا علمنا أن الأمر يتطلب أموالا، حيث تبلغ تكلفة بيت بلاستيكي شمسي على سبيل المثال بين 30 و40 مليون سنتيم.