يُنتظر أن تتوّج، هذا المساء ،أشغال المؤتمر الاستثنائي لجبهة البوليزاريو التي انطلقت صباح أمس بمخيمات اللاجئين الصحراويين بمدينة الداخلة تحت شعار "قوة، تصميم وإرادة، لفرض الاستقلال الوطني والسيادة" بانتخاب الأمين العام والرئيس الجديد للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وتردد في كواليس المؤتمر أن إبراهيم غالي السفير الصحراوي السابق بالجزائر، يبقى أوفر حظا للفوز بهذا المنصب بالنظر إلى ثقله داخل جبهة البوليزاريو وأيضا للإجماع الذي يحظى به سواء في أوساط جيش التحرير الوطني الصحراوي أو داخل هياكل الجبهة، التي يبقى من أوائل مؤسسيها، كما يبقى أفضل مرشح لضمان مواصلة الخط النضالي الذي كرسه الرئيس الراحل محمد عبد العزيز. فقد كان غالي أحد الثلاثة الذين أسسوا جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رفقة الشهيد الوالي مصطفى السيد والرئيس محمد عبد العزيز سنة 1973، وأعلنوا من خلالها رفض الاحتلال المغربي للصحراء الغربية بعد خروج المحتل الإسباني وشغل منصب وزير للدفاع طيلة عدة سنوات قبل أن يعيَّن سفيرا لبلاده في الجزائر، وهي مناصب عسكرية وسياسية، تؤهله بالإضافة إلى الشعبية التي يحظى بها في أوساط الرأي العام الصحراوي بالنظر إلى مساره النضالي، ليكون رئيسا للجمهورية الصحراوية خلفا لرفيق دربه الراحل محمد عبد العزيز. يبقى غالي أيضا الشخصية الصحراوية التي بإمكانها ضخ دم جديد في مسار الكفاح التحريري للشعب الصحراوي المتواصل منذ أربعة عقود بدون أن تتمكن المجموعة الدولية من فرض لوائح أممية تمت المصادقة عليها بالإجماع، وخاصة تلك الداعية إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير. وقال خاطري أدوه الأمين العام لجبهة البوليزاريو والرئيس بالنيابة للجمهورية العربية الصحراوية، إن "عقد هذا المؤتمر يُعتبر حدثا حاسما وتاريخيا للنضال المشروع للشعب الصحراوي لانتزاع استقلاله". وعرفت أشغال المؤتمر الاستثنائي مشاركة مندوبين عن الصحراويين في الأراضي المحررة والأراضي المحتلة ومخيمات اللاجئين والجالية الصحراوية في الخارج، سجلوا حضورهم "تكريما" لروح الفقيد محمد عبد العزيز، الذي وافته المنية في 23 ماي المنصرم بعد مرض عضال. يذكر أن قوانين الجمهورية الصحراوية تعتبر المؤتمر أعلى هيئة لاتخاذ القرارات الحاسمة داخل جبهة البوليزاريو، ويتم عقده مرة كل أربع سنوات، يتم خلاله انتخاب الأمين العام الذي يعيَّن رئيسا للجمهورية العربية الصحراوية التي تم إعلانها في 27 فيفري 1976. ومثل الجزائر في هذا المؤتمر التاريخي في مسيرة الكفاح الصحراوي وزير المجاهدين الطيب زيتوني، الذي أكد في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن هذا المؤتمر يُعد "موعدا هاما في تاريخ الشعب الصحراوي الأبي على درب استعادة حقوقه المشروعة في نفس الوقت الذي جدد التأكيد على تضامن الجزائر حكومة وشعبا مع القضية الصحراوية. ونوّه زيتوني بخصال ومآثر الرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز، الذي أكد أنه ترك بصمته في كفاح الشعب الصحراوي بفضل الكاريزما التي كان يتمتع بها في أوساط الشعب الصحراوي، والتي مكنته من الحفاظ على لحمة شعبه والذود عن تماسك قيادته السياسي، وهي "جبهة البوليزاريو". كما وصفه ب "المقاتل الذي خاض المقاومة بدون هوادة لاسترجاع حرية واستقلال الشعب الصحراوي بدون أن يحيد عن الدرب الذي سطره مؤسسو جبهة البوليزاريو، وظل في الوقت نفسه رجل سلام وُفّق في تقديم كل الفرص للحوار والتفاوض"؛ مما أكسب الكفاح الصحراوي الشرعية والاعتراف الدولي، وجعل من جبهة البوليزاريو ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الصحراوي. وحمّل زيتوني المجموعة الدولية والأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي مسؤولية استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، والذي "لن يتحقق بدون ممارسة الشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير بكل حرية عبر تنظيم استفتاء حر ونزيه؛ طبقا لعقيدة الأممالمتحدة والشرعية الدولية في هذا الشأن". وجدد وزير المجاهدين، بالمناسبة، تضامن الشعب والحكومة الجزائرية مع شعب الصحراء الغربية في هذه الظروف المصيرية، ويؤكد تمسّكه الجزائر بمبدأ الشعوب في تقرير مصيرها"؛ من منطلق أن قضية الصحراء الغربية "مسألة تصفية استعمار لا تتم تسويتها إلا من خلال ممارسة الشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير، طبقا لمبادئ وأهداف ميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي". يُذكر أن سفير الجزائر ببروكسيل عمار بلاني عبّر عن رفضه الادعاءات غير المؤسسة "لنائب أوروبي ادعى أن قضية الصحراء الغربية أصبحت مسألة تخص "السياسة الداخلية" للجزائر. ورفض سفير الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي في رسالة وجّهها إلى النائب الأوروبي جيل بانيو المعروف عنه، تأييده النزعة الاستعمارية المغربية في الصحراء الغربية ادعاءاته، وقال إنها لا أساس لها من الصحة. وأكد الدبلوماسي الجزائري أن الجزائر "كبلد جار، تتابع بانشغال كبير، الانسداد الذي آل إليه وضع المفاوضات المباشرة في إطار التي تشرف عليها منظمة الأممالمتحدة بسبب المواقف المغربية". كما ذكر بلاني أن الاتحاد الأوروبي من خلال التصريحات العديدة لرئيسة دبلوماسيته فدريكا موغريني، يؤكد باستمرار ضرورة التوصل إلى حل يسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي. وحث بلاني في الأخير النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي، على "تفادي إشراك الجزائر في الكلام المتصنع المبتذل الذي تتداوله وسائل الإعلام الرسمية المغربية في استنادها للحرب الباردة والنزاع الإقليمي، وخاصة تفادي التلميحات الخادعة وغير المقبولة بشأن سير المؤسسات الجزائرية".