أعادت انتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية رسم الخارطة السياسية المحلية في البلاد بشكل نسبي، حيث أفرزت تراجع جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية، وسقوطا حرا لحركة الإصلاح الوطني، مقابل صعود الجبهة الوطنية الجزائرية التي أكدت دخولها معترك الكبار، بينما عزز كل من التجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم رصيدهما من المقاعد، واستعاد حزب العمال نصيبه من المقاعد في المجالس البلدية التي تخلى عنها في محليات 2002· أضاع حزب جبهة التحرير الوطني رغم فوزه بثلث عدد المقاعد في المجالس الشعبية البلدية، عددا معتبرا من المقاعد التي كانت بحوزته خلال العهدة السابقة، ففي محليات 2002، حصد الافلان الأغلبية المطلقة في 668 بلدية من ضمن 1541 بلدية على المستوى الوطني، حيث تحصل حينها على 4878 مقعدا في المجالس البلدية ، بينما تقلص رصيده من المقاعد في المحليات الأخيرة إلى 4201 مقعد، مع تعادله في عدد المقاعد مع أحزاب أخرى على مستوى 344 بلدية· كما تراجع رصيد الحزب من المقاعد في المجالس الشعبية الولائية من 798 مقعدا إلى 630 مقعدا· من جهتها جبهة القوى الاشتراكية رأت رصيدها من المقاعد في المجالس الشعبية البلدية والولائية يتراجع من 684 مقعدا كانت حصلت عليها في 2002 إلى 566 مقعدا فقط في هذه المحليات بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية، ومن 83 مقعدا إلى 54 مقعدا في المجالس الشعبية الولائية، وهو مادفع بأمينها الوطني الأول إلى التعبير عن حسرته بالإعلان أمس عن استقالته من منصبه· أما الرابح الأكبر في هذا المعترك السياسي فيتمثل في الجبهة الوطنية الجزائرية التي تواصل اختراقها لساحة الكبار، مع تأكيدها للنتائج الإيجابية التي حصلت عليها في 2002، حيث ظفرت حينها ب26 بلدية واحتلت المرتبة السادسة من حيث عدد المقاعد في المجالس البلدية، ب532 مقعد، لتعزز رصيدها في الاستحقاق الأخير الذي حصدت فيه 1578 مقعد في المجالس البلدية، محتلة المرتبة الثالثة في الترتيب العام بعد جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، بينما رصدت الجبهة الوطنية في المجالس الشعبية الولائية 277 مقعدا مقابل 12 مقعدا كانت قد تحصلت عليها في محليات 2002 · وتعد هذه المكاسب الجديدة ل"الأفانا" حسب رئيسها موسى تواتي ثمرة نضال مستمر منذ تأسيس الحزب في 1999، مؤكدا أن عوامل نجاح الحزب تكمن في طموحه ورغبته في التغيير وحديثه بلغة الشعب· ومن التشكيلات السياسية التي استفادت أيضا من الاستحقاق المحلي ل29 نوفمبر، التجمع الوطني الديمقراطي الذي احتفظ بموقعه كثاني قوة سياسية في البلاد مع تعزيز رصيده من المقاعد في المجالس المحلية، بحصوله على 3426 مقعدا في المجالس الشعبية البلدية و429 مقعدا في المجالس الولائية، كما استعادت حركة مجتمع السلم موقعها في الترتيب العام، باحتلالها المرتبة الرابعة في انتخابات المجالس البلدية بعد أن كانت في المرتبة السابعة في 2002، مع رصدها لمقاعد جديدة على مستوى هذه المجالس، حيث أصبح لديها 1495 مقعدا بعد أن كانت لا تتعدى 989 مقعدا، كما احتلت "حمس" المرتبة الثالثة في انتخابات المجالس الشعبية الولائية بنيلها 294 مقعدا، بينما كانت قد تحصلت في 2002 على 184 مقعدا فقط، وقد ربط رئيس الحركة أبو جرة سلطاني هذا المكسب الجديد بتعزز صفوف حزبه بالإطارات والمناضلين الذين التحقوا به مؤخرا وكذا للصدى الإيجابي الذي لقيه برنامج الحركة وخطابها الهادف إلى تجسيد شعار التغيير الهادئ الذي تتبناه في المواعيد الانتخابية· والمميز أيضا للاستحقاق الأخير هو السقوط الحر لصانع مفاجأة محليات 10 أكتوبر 2002، المتمثل في حركة الإصلاح الوطني التي تقهقرت من المركز الخامس إلى المركز العاشر في انتخابات المجالس الشعبية البلدية، التي لم تنل فيها أكثر من 207 مقاعد، في حين تراجع رصيدها من المقاعد في المجالس الولائية إلى 20 مقعدا فقط· ويمكن أن تكون لمشاركة حزب العمال هذه المرة في انتخابات المجالس الشعبية البلدية بعد أن تخلت عنها في محليات 2002 الأثر الكبير في تغيير المشهد السياسي المحلي الذي أنهى الهيمنة المطلقة للأفلان، وأعاد توزيع المناصب بشكل متوازن نسبيا· حيث نال حزب السيدة حنون 958 مقعدا في المجالس البلدية و137 مقعدا في المجالس الولائية· وقد ينعكس هذا التوزيع بالإيجاب على التمثيل المحلي ويدفع إلى تحسين أداء المنتخبين على اعتبار أن المنافسة الانتخابية بهذا الشكل ستصبح أكثر تكافؤا، وتعلن بدايتها من بداية عهدة المنتخبين، وهذا مادفع بوزير الداخلية السيد يزيد زرهوني إلى اعتبار أن محليات 29 نوفمبر 2007 تعيد المصداقية للمؤسسات المحلية المنتخبة· وارتكز الوزير في طرحه على التمثيل النوعي للمجالس الشعبية انطلاقا من مستوى المترشحين بشكل عام والمنتخبين بشكل أساسي، كما ارتكز أيضا على نسبة المشاركة التي سجلتها هذه الانتخابات والتي بلغت 44,09 بالمائة رغم الظروف المناخية الصعبة التي شهدتها البلاد يوم الاقتراع، وهي نسبة تشجع المجالس المنتخبة على أن تكون أكثر جرأة في مباشرة الإصلاحات المعلنة، وتلك التي سيتم الشروع فيها على مستوى التسيير المحلي·