ما حدث أول أمس بقسنطينة من أحداث شغب خطيرة أدت إلى وفاة مناصرين من الجارين الشباب والمولودية أعاد ظاهرة العنف في ملاعبنا إلى الواجهة بين من يرى فيها ظاهرة معزولة ومحدودة في الزمان والمكان، وبين من يدق ناقوس خطرها وأكد بأنها ظاهرة ما انفكت تتوسع بما يستدعي مواجهتها بكل الوسائل قبل استفحالها. والأكيد أن هذا السيناريو المحزن والمخيف كان قابل للسيطرة أو على الأقل الحد منه لولا التهاون الذي أبدته الجهات المعنية وكل الفاعلين في الساحة الرياضية تجاه بوادر الظاهرة التي تكرّست في أوساط مناصري مختلف الفرق منذ سنوات. فقد كان بالإمكان استباق ما وصلنا إليه اليوم بحلول فعّالة بعد أن تعالت النداءات والمناشدات بخطورة عنف الملاعب من خلال الوقوف على مسبباته الحقيقية والكثيرة وغير المحدودة. ومن المسلم به القول أن أولئك الذين يلجأون إلى التكسير والحرق وحتى الاعتداءات الجسدية التي وصلت حد القتل يقتصر على شريحة معينة من المجتمع تعاني من فراغ قاتل ووجدت في مباريات كرة القدم نهاية كل أسبوع لتفجير ما في باطنها من أحاسيس ناتجة عن الضغط الممارس اتجاهها من محيطها. لقد حان الوقت أن نعترف بشجاعة بأن مسؤولية ما يقع بمياديننا مسؤولية تقع على عاتق الجميع دون استثناء ونعني بها القائمين على شؤون الكرة والفريق والأسرة والمدرسة والجمعيات والسلطات وأجهزة الأمن المطالبة بالتحرك بسرعة ليس من خلال تدابير قضائية، بل من خلال البحث عن وصفات علاجية تعالج الداء ومسبباته وليس العمل على القضاء على المرض.