أكد وزير الصناعة وترقية الاستثمارات السيد حميد طمار أن مسار الخوصصة في الجزائر يسير بشكل منتظم ويرمي إلى البحث عن الشركاء الاستراتيجيين والابتكار الاقتصادي، مشيرا إلى أن سنة 2008 عرفت استكمال حوالي 30 عملية خوصصة، تضاف إلى نحو 110 عمليات استكملت في2007، كما أوضح من جانب آخر أن الخوصصة تعد إحدى السياسات الأربع التي وضعتها الحكومة لتنويع وتطوير الاقتصاد خارج المحروقات، إلى جانب سياسات ترقية الاستثمارات وتأهيل الشركات وتشجيع الاستثمار في القطاعات المولدة للنمو. وأشار السيد طمار في حديث لمجلة "أكسفورد بزنس غروب" البريطانية، إلى أن الجزائر ليست في حاجة حقيقية للتسرع في الخوصصة وأنها تسير في هذا المسار، الخوصصة بشكل منظم لأنها تريد أن تكون لها فاعلية وتنافسية وتمكين شركاتها الوطنية من الدخول في اقتصاد مفتوح، حتى تكتسب خبرة ذاتية مع شركاء استراتيجيين قادرين على منح الاقتصاد الجزائري التكنولوجيا والاستثمار والخبرة والابتكار، وذكر في سياق متصل إلى أنه منذ سنة 2003 انطلقت الحكومة في برنامج خوصصة يشمل 191 عملية خوصصة كاملة، 33 خوصصة جزئية بأكثر من 50 بالمائة و11 خوصصة جزئية بأقل من 50 بالمائة، إضافة إلى 69 عملية بيع وحدات للعمال و29 شركة مختلطة، و83 عملية بيع أصول لمقتنين خواص، وقد وصل هذا المسار في 2007 إلى استكمال حوالي 68 عملية خوصصة كاملة و13 خوصصة جزئية و9 شركات مختلطة و20 عملية بيع أصول لمقتنين خواص، بينما تم في 2008 حسب الوزير إنهاء عملية حوالي 30 عملية. ولدى تطرقه إلى جهود الدولة لتنويع الاقتصاد الوطني وتحريره من التبعية للمحروقات، أوضح السيد طمار أن مسار الخوصصة يعد إحدى السياسات الأربع الدقيقة التي وضعتها الحكومة والتي تشمل أيضا سياسة ترقية الاستثمارات التي تم تعزيزها بعد الضغوط الكبيرة التي كانت حاصلة في الحصول على العقار، بإنشاء الوكالة الوطنية للوساطة والضبط العقاري "أنيريف" وقانون جبائي جديد وهذه الوكالة لاقتناء العقار "مما يتيح حاليا إطارا مناسبا لجلب الاستثمارات"، على حد تأكيد السيد طمار الذي أشار إلى أن السياسة الثالثة تتمثل في تأهيل الشركات، بينما تتوقف السياسة الرابعة حسبه على تشجيع الاستثمار من طرف الشركات الجزائرية في القطاعات المولدة للنمو كالبتروكيمياء، الصناعة الثقيلة، الصناعات الغذائية، والتي يندرج في إطارها أيضا تأسيس شراكات إستراتيجية جديدة بين القطاعين العمومي والخاص لتطوير قطاعات النمو.وبخصوص تعزيز قدرات القطاع الخاص وتثمينها لدفع النمو الاقتصادي تطرق ممثل الحكومة إلى سياسة تأهيل المؤسسات، التي تشمل إرسال خبراء التدقيق إلى الشركات لتقييم احتياجاتها ومرافقتها ومنحها استشارات واستثمارات. ولا تقتصر هذه السياسة على حد تأكيده على المؤسسات الخاصة فحسب، بل تشمل المؤسسات العمومية أيضا، موضحا في هذا الصدد بأنه فيما يتعلق بمعالجة تأهيل لشركات القطاع العمومي فإن العملية بسيطة جدا، على اعتبار أن الشركات العمومية تؤهل من خلال الخوصصة، "فإذا اشتراها مقتنون خواص ولم تكن عملية التأهيل كافية حينئذ تستطيع الشركة الخاصة الجديدة أن تستفيد من سياسة التأهيل التي تنفذها الدولة". وفيما أشار إلى أن الدولة ستمنح أموالا للشركات لتصبح أكثر تنافسية، في ظل سعي الجزائر نحو نظام الإعفاء من الرسوم، ذكر الوزير بأن 2500 شركة تم تحديدها للاستفادة من التأهيل في غضون السنوات الثلاث القادمة. واعتبر في رده عن سؤال حول واقع الإصلاحات الرامية بالأساس إلى ترقية الاستثمار والشراكة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أن مفهوم هذه ليس محددا وهو قابل للنقاش، مشيرا إلى أن 90 بالمائة من الشركات الجزائرية هي في الواقع مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وأن الدولة وضعت إستراتيجية لتأهيل العديد من شركات القطاع الخاص، حتى تبلغ المقاييس والمواصفات الدولية وتصبح تنافسية. كما تطرق الوزير إلى واقع القطاع المصرفي في الجزائر، وأشار إلى أن الجزائر تسعى إلى إقامة سوق رؤوس أموال، حيث تم استكمال الدراسات الخاصة به وتم إنشاء شركة عمومية "سوفسنانس" التي أصبحت ميدانية ويقتضي عملها مساعدة المستثمرين في مختلف مناطق الوطن. وأوضح السيد طمار أن الجزائر تعتبر حالة فريدة بقطاع مصرفي تسوده البنوك العمومية بنسبة 90 بالمائة، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي الخاص بدأ تحركه ببطء خلال الأربع سنوات الأخيرة ليحتل مكانته. وفي حين أعرب عن ارتياحه لقدوم عدد من البنوك الخاصة مثل "سوسيتي جنرال" و"بي أن بي باريبا" "التي بدأت بوكالة واحدة منذ أربع سنوات ولها الآن أكثر من 30 وكالة"، أشار السيد طمار إلى وجود حوالي 30 بنكا ينتظر اعتماده من قبل البنك المركزي الذي يحتاج على حد تعبيره إلى بعض الوقت ليتلائم مع الوضع في ظل الطلب الكبير، كما أكد في سياق متصل بأن الجزائر خطت خطوة إلى الأمام تسمح للبنوك بتقديم خدمات التمويل الإسلامي. واعتبر الوزير من جهة ثانية أن المقاربة الثانية التي اعتمدتها الدولة في ترقية القطاع المصرفي تشمل فتح القطاع العمومي للخوصصة الجزئية، مذكرا بعملية عرض القرض الشعبي الجزائري للخوصصة الجزئية، والتي توقفت بعد أن انسحب أحد البنوك التي أبدت اهتماما بالعملية بفعل أزمة العقارات "سابرايم"، "وقد قدرنا أنه من المستحسن التريث حتى يستقر الوضع النقدي الدولي"، يقول السيد طمار الذي أعرب بالمناسبة عن أمله في أن تتقدم الحكومة بحذر لخوصصة 30 بالمائة تقريبا من بنك التنمية المحلية، مقدرا بأنه من الضروري الانطلاق في عمليات الخوصصة من أجل تقليص الهوة الفاصلة بين البنوك العمومية والخاصة، مع الإبقاء على قطاع مصرفي عمومي صلب، للتكفل بمداخيل الدولة، وإلى جانبه قطاع مصرفي خاص يحقق أرباحا ويضع البنوك العمومية في وضعية المنافسة.