قال السيد أوغو ترامبالي، العضو بمعهد القضايا الدولية بروما ومراسل وكاتب افتتاحية بجريدة «ايل صول 24 أور» الايطالية، إن الصحافة الورقية محكوم عليها بالاندثار والموت آجلا أم عاجلا، أمام تنامي الدور الفعال للمواقع والجرائد الالكترونية التي تنقل الأحداث والوقائع في ظروف قياسية جدا، مضيفا أن تطور التكنولوجيا وتوسع استعمال شبكات التواصل الاجتماعي طغى من جهة أخرى على مبادئ ممارسة المهنة التي حادت عن مهمتها الأساسية في مجال نقل الأخبار والتأكد من صحتها، فاسحة بذلك المجال أمام إبداء الرأي والتعاليق الخالية من الموضوعية. جاء ذلك خلال دورة تكوينية نظمتها أمس، وزارة الاتصال لفائدة مهنيي الصحافة بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة، حدد خلالها المحاضر الإطار التقليدي لممارسة الإعلام التي عرفت تغيرات عديدة في ظل طغيان الذاتية ومحاولة استحداث مفهوم جديد بعيد عن الحياد في التعاطي مع مختلف القضايا بأساليب متطورة، تصل إلى حد اصطناع سيناريوهات وفبركة الصور وتركيبها في محاولة التأثير على الرأي العام. ترامبالي الذي ينتمي إلى جيل الصحافيين المخضرمين، أقر بالهوة الموجودة في ممارسة المهنة بين الأمس واليوم لاسيما وأنه تخصص في نقل أحداث الحروب بمنطقة الشرق الأوسط التي كانت محفوفة بالمخاطر، ساردا في هذا الصدد المصاعب التي كانت تواجهه مع بقية أقرانه فيما يتعلق بربح معركة الوقت وسرعة نقل الخبر والتأكد من صحته وهو ما كان يضفي الموضوعية على العمل الصحفي انذاك. غير أن مسألة الوقت لم تعد مطروحة اليوم يؤكد ترامبالي، الذي عزا ذلك إلى الاعتماد على الواب الذي اختصر المسافات من خلال بث الأخبار بسرعة وكثيرا ما كانت على حساب مبادئ تقوم عليها الصحافة، مثل التأكد من صحة المعلومات والمصداقية التي لم تعد ذات أولوية في النشاط الإعلامي بما يعني أن التكنولوجيا سرقت المكانة المهمة للمهنة، فضلا عن تنامي شبكات التواصل الاجتماعي التي شهدت اقتحام العديد من الدخلاء أو ما يسمى بهواة أو رواد هذه الشبكات الذين باتوا يسابقون حتى الإعلاميين في السبق الصحفي. في هذا السياق جدد السيد ترامبالي «قناعته الإعلامية» التي شب عليها طوال مسيرته المهنية والتي مفادها تقديم المعلومات بالدرجة الأولى وليس إبداء الآراء في مختلف القضايا، مع ضرورة الاحتفاظ بسمة الانتقاد التي قد تسهم في إيجاد الحلول لهذه القضايا بالتحلي بالنزاهة والموضوعية والحياد والشجاعة والعمل على البحث عن المعلومة الصحيحة. في سياق حديثه عن مناقب الصحفي المثالي، قال الإعلامي الايطالي الذي تمحورت محاضرته حول موضوع «الصحافة على محك الشبكة الاجتماعية، الصحفي شاهد أم طرف»، أن ممارس هذه المهنة هو مواطن عادي لا يعلو على القانون مثله في ذلك مثل جميع مواطني مجتمعه وليس باستطاعته تغيير العالم بكتاباته التي قد تتعدى الإطار الممنوح له، مضيفا أنه لا يمكنه في أي حال من الأحوال أن يجمع بين مهمتين المتمثلتين في إنقاذ العالم ونقل الأحداث في نفس الوقت، رغم أنه بإمكانه تقديم أشياء إيجابية لمجتمعه، ليستطرد في هذا الصدد «يجب علمنة المهنة وجعلها عادية». بالعودة إلى الوسائل التكنولوجية التي فرضت نفسها بقوة على مهنة الإعلام، يرى ترامبالي أنه على الرغم من أنها سبب الأزمة التي تعاني منها الصحافة اليوم، إلا أنه لا مناص من التكيف معها عن طريق استحداث رؤية جديدة تقوم على احترام ميثاق أخلاقيات المهنة ومبادئ ممارستها، من منطلق أنه من المهم استغلال هذه الوسائل وتطويرها حتى يتسنى التأكد من نشر المعلومات في كل الاتجاهات. للإشارة، عمل ترامبالي ابتداء من سنة 1983 كمبعوث خاص إلى الشرق الأوسط للهند وإفريقيا ومراسل حرب بلبنان، العراق، إيران، افغانستان وانغولا، كما عمل مراسلا بموسكو من 1987 إلى 1991. يعمل منذ 1991 كمراسل ويكتب في الخط الافتتاحي عن القضايا الدولية بيومية «ايل صول 24 أور» وهو عضو بمعهد القضايا الدولية بروما وكذا بالمركز الايطالي للسلم في الشرق الأوسط لميلانو. وتحصل المحاضر الذي يعد أول شخصية إيطالية تشارك في الندوة التكوينية لوزارة الاتصال على 3 جوائز هامة سنوات 2003 و2005 و2008.