غاب أهم الصناعيين عن «منتدى الصناعة» الذي فشل في أن يكون موعدا «هاما» لطرح إشكاليات «كبيرة»، كما كان مقررا في البرنامج الذي تحصلنا عليه من طرف المنظمين المتمثلين في وكالتي اتصال خاصتين أشرفتا على تنظيم التظاهرة بطريقة بعيدة كل البعد عن أبجديات التنظيم والاتصال. وبسبب غياب «رجال الميدان»، أوكلت مهمة تنشيط المنتدى لخبراء، حاولوا إعطاء رؤيتهم بخصوص واقع وآفاق الصناعة ببلادنا. كان مقررا –كما نشرناه في عدد سابق- حضور رجال أعمال مهمين من أمثال اسعد ربراب صاحب مجمع «سيفيتال» واحد ممولي التظاهرة وسليم عثماني وعبد الرحمان بن حمادي، لكنهم تراجعوا عن المشاركة «في آخر لحظة»، حسبما استقيناه من منظمي المنتدى، دون أن يتم توضيح سبب ذلك. ونشط كل من الخبراء عبد الرحمان مبتول والكسندر كاتب وشمس الدين شيتور الجلسة الافتتاحية، التي تطرقت لآفاق الصناعة الجزائرية في ظل التحولات والمتغيرات الراهنة دوليا وإقليميا ووطنيا. في السياق، أعلن السيد مبتول عن إنشاء مجلس علمي لتحضير توصيات المنتدى حول العراقيل وآفاق الصناعة الجزائرية، مشيرا إلى أنه رغم الجهود التي بذلت مازال هذا القطاع بعيد عن القدرات الوطنية. وقال إن السياسة الصناعية التي ينبغي السير عليها في الوقت الراهن، لايجب أن تكون على شكل عمودي أي من الأعلى إلى الأسفل، وإنما على شكل أفقي أي باشراك كل الفاعلين في الميدان، عموميون وخواص. وثمن في السياق إنشاء لجنة متابعة الاستثمار على مستوى الوزارة الأولى عقب ثلاثية 6 مارس، داعيا إلى توسيعها لقطاعات أوسع. بالنسبة لالكسندر كاتب، الذي يوجد ضمن مجموعة الخبراء التي عملت على إعداد نموذج النمو الجديد، فإنه على الجزائر إلا تبقى على هامش التحولات التي يعرفها العالم، لاسيما وأنه يشهد صعود قوى جديدة كالصين والهند والبرازيل، وكذا التوجه بخطى ثابتة نحو اقتصاد المعرفة. وقال إنه لإعطاء دفع للصناعة، لابد من تطوير نظم الحوكمة والتسيير وكذا إعادة النظر في التشريعات الحالية التي تنظم الاقتصاد، مع الانفتاح تدريجيا نحو العالم، كشرط أساسي لتطوير الصناعة الجزائرية والوصول إلى هدف النمو. وعبر الخبير عن اقتناعه بضرورة انضمام بلادنا إلى منظمة التجارة العالمية، لما له من «آثار إيجابية» على الاقتصاد الوطني عموما وحوكمة وإنتاجية المؤسسات بالخصوص، مشيرا إلى أن «الإجراءات الحمائية» تسمح بها المنظمة عندما يمر اقتصاد أي بلد بمخاطر، وهو مايمكن تطبيقه على الجزائر، معتبرا أن هذه الإجراءات باتت ضرورية لاعطاء الدفع اللازم لصناعتنا. وتأسف الأستاذ شمس الدين شيتور لكون الميزانية المخصصة للبحث العلمي بالجزائر لاتتعدى 1 ٪ لكل القطاعات مجموعة. وهو مادفعه للقول بأن البحث العلمي حاليا لايساهم في تطوير الصناعة، لاسيما بعد أن تم غلق الكثير من الفروع الصناعية في الجامعات، مما حرم الاقتصاد الوطني من مهندسين وتقنيين تحتاجهم الصناعة. وتساءل هل يمكننا بناء صناعة بشهادات ماستر؟ معتبرا أن اللجوء إلى الخبرة الأجنبية، جعل الجامعة الجزائرية تعيش على الهامش. وشدد في مداخلته على ضرورة الاهتمام من الآن بالتكوين في «مهن المستقبل» والتي حددها خصوصا في مجالات «النانو تكنولوجيا» و«البيوتكنولوجيا» و«الاعلام الآلي» و«العلوم المعرفية». وطالب شيتور باستحداث أقطاب جامعية متخصصة وإعادة الاعتبار لمادة الرياضيات. وفي تدخل خاص، تحدث المدير العام الأسبق للشركة الوطنية للسيارات الصناعية مختار شهبوب عن تجربة الصناعة الميكانيكية بالجزائر، مشيرا إلى المشاريع العديدة التي أطلقت في السنوات الأخيرة. لكنه أكد أن مسألة الاندماج لم يتم تحقيقها برغم كثرة المشاريع مستثنيا حالة مصنع «رونو» التي قال إنها الشركة الوحيدة التي تلتزم بالاندماج حاليا. وتأسف لوجود 200 مناول لايمكنه المساهمة في الصناعة الميكانيكية بسبب بعض المعايير المفروضة.