مع بداية كل موسم حر وبروز أولى أشعة الشمس الحارقة، تتسارع النساء إلى الصيدليات للبحث عن واقي شمس مناسب لبشرتهن، الأمر الذي جعل ممثلي العلامات التجارية للمواد شبه الصيدلانية يتأقلمون مع روتين هؤلاء، ليعرضوا بذلك مختلف منتجاتهم المرتبطة بفصل "الشمس". في جولة استطلاعية قامت بها "المساء" إلى بعض الصيدليات بالعاصمة، لمعرفة مدى ثقافة المواطنين بخصوص استعمال الواقي الشمسي، حينها لفت انتباهنا بروز نوع جديد من التسويق لدى تلك الصيدليات، التي أصبحت تعمل وفق سياسة أكثر حداثة لجلب النسوة، وهي محلات كبيرة استحدثت واجهاتها الزجاجية التي علقت عليها لافتات كبيرة لإحدى العلامات التجارية للمنتجات الصيدلانية، واعتمدت أسلوبا جديدا في التعامل مع الزبون، الذي يقبل على الصيدلية لاقتناء دواء علاجي معين حسب وصفة طبية، ليجد بذلك الزبون نفسه يسأل عن منتجات أخرى لا علاقة لها بمرضه، وهي منتجات شبه صيدلانية تعرضها فتيات "مندوبات" لعلامات تجارية متعددة مختصة في العناية بالبشرة. اقتربنا من بعض تلك المفوضات التي لم تلبث أمامها سوى بضع ثوان حتى انطلقت في عرض وتقديم مختلف منتجات العناية بالبشرة، ملفته أنظار الزبونات اللواتي وقفن أمامها في حشد متمعنات في شروحاتها إلى كريمات الوقاية من الشمس، خلق ذلك نوعا من المنافسة بين مختلف تلك العلامات التي خصص مسيروها شابات لتقديمها للزبائن. تبين لنا مدى إقبال النسوة على تلك الكريمات الواقية، وبنسبة أقل الرجال، وعادة ما يكون ذلك من باب الفضول لا غير، هذا ما أكدته فايزة مندوبة لعلامة شبه صيدلانية فرنسية، عرضت في جناحها الصغير عددا من الكريمات التي سمتها ب«مجموعة العناية اليومية للبشرة"، تحمل في محفظة شفافة كريمة ليلية وأخرى نهارية وواق شمسي، فضلا على كريمات النمش. واعتمدت تلك العلامات عن طريق مندوباتهن طريقة فعالة في جلب الزبونات، بتقديم عينات من تلك المستحضرات وتجريبها على بشرتهن، ومعرفة مثلا ملمسها وفعاليتها في التغلغل داخل البشرة لتجنب ذلك الملمس المتلاصق، فضلا على رائحتها الطيبة التي تعد بالنسبة للنساء عاملا مهما لاقتنائها، وذلك بطريقة مجانية، فهو نوع من الإشهار الذي أبدعت فيه تلك الماركات وتفننت المندوبات في تقديم مختلف منتجاتها. حدثتنا فايزة عن مدى إقبال المواطنين على كريمات الوقاية من الشمس قائلة: "إنه مع دخول فصل الحر، نظرا للارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة قبل أوانها، الأمر الذي يدفع بالمواطنين إلى أخذ كافة الاحتياطات كالترطيب والوقاية للحماية من أشعة الشمس، وتتمثل تلك الحماية تضيف المتحدثة في وضع كريم الوقاية من الشمس، هذا ما جعل التوافد على الصيدليات يرتفع هذه الأيام. مضيفة أن الفتيات هن اللواتي يقدمن على اقتناء الواقي الشمسي، لدرجة أن بعضهن يستعملن هذا المنتج على مدار السنة، وهذا دليل على ثقافتهن ووعيهن الواسع بمدى خطورة التعرض للشمس حتى في فصل الشتاء، خاصة أن أشعة الشمس قادرة على اختراق كثافة الغيوم حتى خلال الشتاء، إلا أن درجات الحماية لابد أن تتضاعف في فصل الربيع والصيف وبدرجة أقل في الخريف. لكن تضيف المندوبة؛ ذلك الوعي لا يمكن التماسه بشكل كبير لدى الرجال إلا عند فئة عمرية محددة وهي الشابة، فتلك الواقيات الشمسية تعد في نظرهم أمورا نسائية ولا يمكن للرجل الاهتمام بها، حتى بالنسبة للذين يهتمون بمظهرهم، فعلى عكس النساء اللواتي "يكرهن" اسمرار بشرتهن، ليس للرجال مشكل مع ذلك، بل بالعكس قد لا يلاحظون تغير لون البشرة إطلاقا، وبذلك فهم غير مبالين بالآثار الداخلية التي قد تخلفها الأشعة الشمسية دون تلك الخارجية كالاسمرار وظهور النمش. في هذا الخصوص، تقول المتحدثة أنه رغم أن بشرة النساء أكثر حساسية من بشرة الرجل، إلا أن ذلك لا يمنع أن الأخير هو الآخر بحاجة إلى حماية بشرته من مخاطر الأشعة الشمسية، إلا أن ضعف الوعي وكذا ذهنية "الذكورية" تجعل الرجل يعزف عن الاقتراب من تلك المواد التي يضعها في خانة الأمور النسوية التي لا علاقة لها بها، موضحة أن كثيرا من الزبائن الذين سبق وأن احتكت بهم من الرجال يقتربون من الجناح، سواء رفقة زوجاتهن، أو فضولا منهم لمعرفة عروض العلامة، وسرعان ما يغادرون المحل بعد معرفتهم بأنها منتجات يومية للعناية بالبشرة.