تقاطعت تصريحات الأحزاب الممثلة في البرلمان حول الترحيب بمضمون مشروع قانون تعديل الدستور المصادق عليه من طرف مجلس الوزراء، واعتبرت الإبقاء على الدور الرقابي للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية مكسبا مهما، وفتح العهدات الرئاسية تعزيزا للديمقراطية وليس العكس. استجوبت "المساء" أمس بمقر المجلس الشعبي الوطني غالبية الكتل البرلمانية حول المحاور الخمسة التي تضمنها مشروع قانون تعديل الدستور لمعرفة موقفهم بخصوصها، وجاءت تصريحاتها متجانسة الى حد بعيد سواء ما تعلق بفتح العٌهد الرئاسية، اواستحداث منصب رئيس وزراء بدل رئيس حكومة، إضافة الى حماية رموز الثورة وتمكين المرأة من مكانة سياسية لائقة. وقال رئيس كتلة حزب جبهة التحرير الوطني السيد دعدوعة العياشي أن ما جاء في مشروع القانون يعد عملية تحسينية أولية وتوقع أن يبادر الرئيس بوتفليقة في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو أوفر حظا بتعديل شامل للدستور يعرض على الشعب للاستفتاء، وأدرج التعديل ضمن مطالب عبر عنها حزب جبهة التحرير الوطني منذ سنوات. وعلق المتحدث بخصوص موضوع فتح العهد الرئاسية بالتأكيد على أن إنهاء حالة التحديد كما هو منصوص عليه في دستور 1996 سيمكن الشعب من ممارسة حقه في اختيار من يقوده، وحسب النائب دعدوعة فان استحداث منصب وزير أول بدل رئيس حكومة كان منتظرا، وان القرار جاء ليعالج إشكالية ازدواجية السلطات، ويعزز الجانب الرقابي للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية. وسار رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم السيد احمد إسعاد في نفس التفسير بخصوص المادة المتعلقة باستحداث منصب وزير أول، وأوضح أن تخوفات معبر عنها في وقت سابق أشارت إلى احتمال تقليص الدور الرقابي للسلطة التشريعية إلا أن التعديل جاء ليبدد تلك المخاوف، وذكر بأنه مهما كانت التسمية (رئيس حكومة أو وزير أول) فان الدور الرقابي المخول للبرلمان تم الاحتفاظ به "وهذا أمر نثمنه". وفي الوقت الذي رفض فيه السيد اسعد الذي فضل الحديث كبرلماني وليس رئيس كتلة حمس التعليق على النقطة المتعلقة بفتح العهد الرئاسية إلى حين فصل المكتب التنفيذي للحزب في الموضوع، فإنه أسهب في ذكر الجوانب الايجابية التي جاءت في التعديل فيما يخص النقطتين المتعلقتين بحماية رموز الثورة وتعزيز دور المرأة السياسي، فبالنسبة للموضوع الأول أبدى السيد إسعاد أسفه لكون بعض الأصوات الوطنية يحاول المساس بالثورة التي لا تمثل فقط إرثا جزائريا بل عربيا، واعتبر ادراج مادة تحمي رموز الثورة شيء ايجابي سيضع حدا للتطاول المسجل في حق هذا الإرث. وحول تفعيل دور المرأة ومنحها مكانة في الساحة السياسية، أكد المتحدث أن هذا الموضوع كان محل انشغال بالنسبة لحركة حمس التي تزخر بقاعدة نسوية كبيرة ومن شأن هذا التعديل أن يمنحها هامشا أكبر، ومساحة أوسع في المؤسسات المنتخبة. ولم تأت تصريحات السيد خير الدين غضبان رئيس كتلة الأحرار بالمجلس مناقضة لزملائه بل رحب بمضمون الوثيقة التي تبناها مجلس الوزراء أول أمس، وقال في لقاء مع "المساء" أمس بمكتبه أن الحد من العهد الرئاسية هو حد للحريات وتعديل المادة 74 جاء لتمكين الشعب من اختيار من يقوده بكل حرية، وأكد مساندة المنتخبين الأحرار لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة ثالثة بغرض استكمال مسار التنمية. وأشار من جهة أخرى إلى عدم معارضة الكتلة لاستحداث منصب وزبر أول "مادام ذلك يضمن التجانس بين السلطات، وينهي التداخل الموجود في دستور 1996". أما عن تعزيز الدور السياسي للمرأة فيرى السيد غضبان أن المقترح يبقى ايجابيا واقترح أن يكون ذلك من خلال تحديد نسبة معينة لتواجد المرأة في الانتخابات حتى تتحصل على الشرعية الشعبية بدل الذهاب نحو التعيين. أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي وعلى لسان نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني وعضو المكتب الوطني للحزب السيد شيهاب صديق فقد أوضح أن التعديلات المصادق عليها تضمن الاستقرار للبلاد كونها تمكن الرئيس بوتفليقة من الترشح لعهدة رئاسية ثالثة، ومن ثمة تدعيم مسار التنمية وتضمن استكمال المشاريع الكبرى التي تمت مباشرتها في الميدان، وبرأي السيد شيهاب فان الاستمرارية تضمن الديمقراطية في الجزائر وتمكن الشعب الجزائري من التطلع إلى مستقبل أفضل، ونفى أن يكون فتح العهد الرئاسية عاملا في تقليص الممارسة الديمقراطية في البلاد بل بالعكس فهي تساهم في تمكين الشعب من اختيار ممثليه بكل حرية. وأشار إلى أن استحداث منصب وزير أول لا يغير شيئا مادام أن الدستور المعدل لا يمس بالتوازنات الكبرى ويحتفظ بحق البرلمان في مراقبة السلطة التنفيذية. وبدوره رفض رئيس كتلة الجبهة الوطنية الجزائرية السيد ساعد عروس الخوض كثيرا في مشروع التعديل، وارجع ذلك إلى كون رئيس الحزب السيد موسى تواتي هو المخول الوحيد بإدلاء برأي الحزب وفق النظام الداخلي وجدد في هذا السياق دعوة الحزب لتمرير نص التعديل عبر استفتاء شعبي.