يجتمع وزراء خارجية الجزائر ومصر وتونس، ابتداء من اليوم، بالجزائر العاصمة، لتقييم الوضع في ليبيا على ضوء التطورات الأخيرة على الصعيدين السياسي والأمني، فضلا عن تقييم الجهود التي يبذلها الليبيون أنفسهم ودول الجوار وأعضاء المجتمع الدولي الآخرون وكذا تلك المبذولة في إطار هذا التشاور الثلاثي، الرامي إلى مرافقة الأطراف الليبية على درب التسوية النهائية للأزمة التي تضرب هذا البلد الجار. لقاء الجزائر يتزامن مع التطورات الأمنية والعسكرية التي تشهدها ليبيا في ظل عدم التوصل إلى إجماع حول حل سياسي للأزمة التي تعصف بها منذ سقوط نظام العقيد القذافي، بسبب تعدد المبادرات الداعمة لطرف على حساب آخر، في حين تتمسك الجزائر بدعم جهود تسوية الأزمة في إطار منظمة الأممالمتحدة، داعية ومجددة قناعة أن الحل بيد الليبييين دون سواهم. كما أن الاجتماع يأتي في وقت يشن الجيش المصري غارات على ما قال أنها مواقع لإرهابيين بمدينة درنة شرقي ليبيا، وهو ما يعارض مواقف الشركاء الدوليين وعلى رأسهم منظمة الأممالمتحدة التي تدعو إلى تغليب الحوار على حساب التدخل العسكري الأجنبي. استبعاد التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا يعد قناعة راسخة في سياسة الجزائر في حل الأزمات الدولية، وهو الموقف الذي يحظى بإجماع أغلبية الفرقاء في هذا البلد، مثلما يبرز ذلك في دعوة محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء في ليبيا الجزائر للعب دور أقوى في رفض ومنع التدخل العسكري المصري والأجنبي في ليبيا. صوان اعتبر في تصريحات لوكالة «قدس برس» نقلها موقع ليبيا المستقبل، أن استمرار القصف المصري لليبيا هو انتهاك للسيادة الوطنية، ومخالفة للقوانين الدولية وتصدير للمشاكل المصرية إلى بلاده من خلال استغلال الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلاده. المتحدث أوضح أن «موقف رفض التدخل العسكري المصري في ليبيا يوحد كافة الليبيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم». ليستطرد في هذا السياق «لقد تواصلنا كحزب مع المجلس الرئاسي، وطلبنا منه التواصل مع دول الجوار الليبي وعلى رأسها الجزائر، لوقف التدخل الخارجي في ليبيا». رئيس حزب العدالة والبناء أشار إلى أن «هذا الموقف ينطبق حتى على الشرق الليبي الذي يسيطر عليه اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، حيث بدأت أصوات رافضة للتدخل المصري في ليبيا تتعالى في الآونة الأخيرة». صوان قال إن تبرير السلطات المصرية لتدخلها في الشأن الليبي بمحاربة جماعات إرهابية غير مبرر، وقال: «الشعب الليبي هو أكثر الشعوب رفضا للإرهاب ومحاربة لها، وقد أثبت ذلك في حربه على المجموعات المتطرفة في سرت وغيرها من المدن الليبية، وإذا كانت هناك مجموعات إرهابية ضيقة كما تتدعي السلطات المصرية، فإن القوانين الجدولية تقتضي أن يتم التنسيق مع الجهات الرسمية في ليبيا، ممثلة في المجلس الرئاسي لمتابعة هذا الملف»، حسب قوله. حول موقف المجتمع الدولي إزاء القصف المصري لليبيا، قال صوان ل»قدس برس»: «للأسف المجتمع الدولي مصطلح مضلّل، وهو مجرد تقاطع مصالح وولاءات، ولا يوجد مجتمع دولي، لذلك حتى الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه أواخر العام 2015 لاحظنا أنه لا توجد إرادة دولية لتنفيذه». عشية انعقاد الاجتماع خصصت إذاعة الجزائر الدولية حصة حول الوضع في ليبيا من خلال استضافة الخبيرين أحمد ميزاب ومصطفى دريدي، أبرزا خلالها أهمية دور البلدان الثلاثة الداعمة للحوار في ليبيا من أجل تسوية الأزمة، مع التشديد على ضرورة التعجيل بتحريك الملف على المستوى الدولي ولدى هيئة الأممالمتحدة في ظل المؤشرات الأمنية الجديدة التي توحي بتغير خارطة التنظيمات الإرهابية. ميزاب يرى بأن تطور الأحداث الأخيرة أدى إلى تشكيل واقع أمني جديد ستبرز ملامحه خلال الأيام القادمة، مما يستلزم على دول الجوار المعنية تعزيز أمنها الحدودي ومجابهة الانزلاقات في ليبيا من خلال التحرك على الصعيد الدولي في إطار تصور شامل وموحد وتوفير الجو المناسب لبعث الحوار من أجل التقدم في حل الأزمة. مصطفى دريدي أستاذ في العلاقات الدولية ثمن، من جهته، المجهودات المبذولة من قبل دول الجوار الثلاثة التي قطعت حسبه شوطا كبيرا وحققت نوعا من التجاوب بين الفرقاء الليبيين، مضيفا أن وزير الخارجية عبد القادر مساهل لمس خلال زيارته الميدانية للعديد من المدن الليبية جنوح الأطراف الليبية نحو الحل السياسي، غير أن المشكل يبقى في التدخل الدولي والإقليمي الذي لا يزال يعيق تقدم أي تسوية. للإشارة، دأبت الجزائروتونس ومصر على عقد اجتماعات دورية لتقييم الأوضاع في ليبيا وكانت آخرها الاجتماع المنعقد في تونس شهر فيفري الماضي. كما يأتي هذا النوع من اللقاءات ليعزز آلية اجتماعات دول جوار ليبيا، التي بادرت بها الجزائر على هامش انعقاد قمة عدم الانحياز سنة 2014.