أكد مختصون وفاعلون في مجال البيئة على ضرورة التحكم في مسألة تسيير النفايات التي تبقى خطوة ضرورية من أجل التوصل إلى اقتصاد أخضر ومحيط نظيف، مشيرين إلى أن الإشكال القائم في الجزائر يكمن بالأساس في عدم التفريق بين مسالة تسيير النفايات وإعادة رسكلتها. وشكل موضوع التسيير الدائم للنفايات إلى جانب مسألة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية محاور رئيسية خلال الندوة الأولى حول ترقية المشاريع المبتكرة في الاقتصاد الأخضر التي احتضنتها أمس المدرسة العليا للأعمال تحت إشراف وزيرة البيئة والطاقات المتجددة فاطمة الزهراء زرواطي. هذه الأخيرة كشفت في تصريح لها على هامش الندوة التي تختتم فعالياتها اليوم عن التحضير لقرار بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية لاحتواء إشكالية نفايات الوحدات الصناعية التي ترمى في مجاري لصرف الصحي. ورغم أن السيدة زرواطي أكدت أنه لا يوجد خطر على صحة المواطن من رمي هذه النفايات بعدما تم إجراء تحاليل، فإنها أكدت أنه «من غير المعقول ومن غير المقبول أن تحدث أمور مثل هذه الآن». وأشارت إلى وجود عمل تقني لوضع إستراتيجية بالتشاور مع وزارة الموارد المائية وإشراك مؤسسة تطهير المياه «سيال» من أجل تطهير هذه النفايات السائلة واسترجاعها في مركز التصنيع، في عملية أكدت الوزة أن كل النسيج الصناعي المتواجد في المدن سيكون مطالب بالتكفل بنفايته من خلال دفع تكاليف الخدمة. ولدى تطرقها إلى مضمون الندوة أشارت الوزيرة إلى أنها تهدف بالأساس إلى تثمين المشاريع المبتكرة في التنمية والاستثمار المرتبطة بالاقتصاد الأخضر الذي يعد من بين أهداف الجزائر واتفاق باريس حول التغييرات المناخية «كوب 21». وذكرت في هذا السياق بالأهداف التي وضعتها بلادنا من اجل تحقيق قفزة نحو اقتصاد أخضر منها التقليل بنسبة 9 بالمئة من استعمال الطاقة وبلوغ نسبة 27 بالمئة من استخدام الطاقات المتجددة في آفاق 2030. وعادت السيدة زرواطي إلى تجربة وهران التي اختارتها منظمة «ار 20 ميد» غير الحكومية المختصة في مجال البيئة كمدينة نموذجية لتطبيق برامجها، حيث قالت إنه ننتقل من المرحلة الاولى الخاصة بالإعداد والتي تم خلال التعامل مع النفايات في ثلاث بلديات بوهران إلى المرحلة الموضوعتية التي تشمل كل مراحل التسيير الدائم للنفايات وليس فقط الرسكلة. والنقطة الأخرى التي أشارت إليها الوزير تتعلق بالطاقات المتجددة التي تعد أهم ملف أوكل لوزارتها والذي أكدت أنه يشكل تحديا كبيرا بالنسبة للجزائر ويتطلب تضافر جهود عدة قطاعات وزارية كوزارة الطاقة والفلاحة وغيرها. ورغم اعترافها بتأخر الجزائر في هذا المجال إلا أنها أكدت على وجود جهود كبيرة وأفكار وصفتها بالرائعة لبلوغ اقتصاد أخضر بحاجة إلى ميكانزمات يجري العمل الآن على وضعها بما يسمح بتطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع. للإشارة، فإن هذه الندوة التي عرف حضور حوالي 200 مشارك تندرج في إطار الماستر المختص الذي أطلقته المنظمة العالمية «ار 20 ميد» شهر نوفمبر 2016 بالشراكة مع المدرسة الوطنية المتعددة التقنيات لوهران «مكريس اودان» ومدرسة الطاقة لسان تيتيان. وهو الماستر الذي يتضمن عدة تخصصات في الإقليم والتكنولوجيات وتمويل مشاريع الابتكار من أجل اقتصاد أخضر، حيث تضم الدفعة الاولى 18 طالبا من مختلف المؤسسات، وتسعى إلى جلب المزيد من الطلبة لتكوينهم كخبراء ومختصين في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر. من جانبه، كشف كريستوف نوطال المدير التنفيذي لمنظمة «آر 20» بجنيف والتي يرأسها ارنولد شوازنيغر عن تخصيص مبلغ 350 مليون دولار خلال قمة المناخ القادمة «كوب 23» ستوجه للمشاريع الخاصة بالبئة. ولدى تعريفه بهذه المنظمة العالمية، أكد السيد نوطال أن الجزائر التي تعد مؤسسا مهما كانت من أولى الدول التي طبقت النتائج المتوصل إليها في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في مجال النجاعة الطاقوية والطاقات المتجددة وبالأخص تسيير النفايات الذي يعد من أولويات الحكومة الجزائرية. وقال إنه سيتم تعميم هذه النتائج بعد بدء تطبيقها قبل أربع سنوات في وهران عبر باقي ولايات الوطن في مرحلة أولى وفي مرحلة ثانية نقل هذه التجربة انطلاقا من الجزائر الى دول القارة الإفريقية ككوت ديفوار والسنغال وجنوب إفريقيا.