تُعتبر بلدية عين البية التي تقع في الشمال الشرقي لولاية وهران، واحدة من البلديات التي تعيش مشاكل تنموية من نوع خاص بسبب قلة مواردها المالية وافتقارها للكثير من المشاريع التي لم تتمكن من تجسيدها الميداني رغم أنها "واحدة من أغنى بلديات الولاية ولكن على الورق فقط"، كما يقول رئيس بلديتها السيد محمد عباس. وفي هذا الإطار، يؤكد السيد محمد عباس رئيس بلدية عين البية، أن الكثير من المواطنين وحتى المسؤولين يعتبرون بلدية عين البية من أغنى البلديات لكنهم يُصدمون عندما يرون بأعينهم التدهور التنموي الذي تعيشه. وعند استفسارهم عن الأمر وتلقّيهم الشروحات الوافية يعترفون بأنهم كانوا مخطئين في تقديرهم، خاصة أن الجميع يرون بها الكثير من المنشآت البترولية والمؤسسات الكبرى، الأمر الذي يجعلهم يعتقدون أن مختلف الأموال الجبائية والضرائب تستفيد منها البلدية في التنمية، غير أن الواقع يؤكد أن كافة الاقتطاعات المالية لا تذهب إلى خزينة البلدية؛ كون عمليات الاقتطاع لا تتم على مستوى مواقع المؤسسات البترولية والشركات الكبرى وإنما يتم الاقتطاع الضريبي والجبائي على المستوى المركزي لدى المديرية العامة للضرائب، وهو ما يفسر السبب الرئيس الذي يجعل البلدية في خانة البلديات الفقيرة جدا بالنظر إلى ما يمكن أن تتحصل منه من أموال كثيرة لتستفيد منها مختلف المشاريع التنموية المسجلة بها، والتي تحتاج فعلا إلى الكثير من الإرادة من أجل تجسيدها على أرض الواقع لفائدة مواطني البلدية، الذين يعانون من التخلف في الكثير من المجالات الحيوية. عين البية تبحث عن حلول لمشاكلها في هذا الشأن بالذات يقول رئيس البلدية السيد محمد عباس، إن بلدية عين البية تمتاز بخاصيتين اثنتين تعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها؛ هما تلك المتعلقة بمراكز الإيواء 11 الخاصة بعمال مؤسسة "سوناطراك" التي تم التخلي عنها بشكل تام لمصالح البلدية التي لم تعد قادرة على تسييرها، بل أصبحت عبءا كبيرا على كاهل مصالح البلدية؛ كونها تحتاج إلى إعادة تهيئة كلية، لا سيما ما تعلق بشبكة التطهير ومياه الشرب وشبكة غاز المدينة والإنارة العمومية، وحتى الطرقات تحتاج إلى إعادة تعبيد كلي. وزيادة على هذا فإنه تم التكفل ببعض المراكز على حساب ميزانية البلدية، على غرار الأحياء (1 و2 و4)، التي تضم لوحدها ما يعادل 600 ساكن؛ حيث كلّفت العملية ما لا يقل عن 40 مليار سنتيم. أما بالنسبة لبقية الأحياء الأخرى مثل السلام وسونلغاز و«أنيب" والقرى رقم 7 و8 و9 و11 التي تضم لوحدها 8 آلاف ساكن، فقد تم التكفل بشبكة التطهير الصحي وماء الشرب وغاز المدينة، بالإضافة إلى الإنارة العمومية، التي كلفت ما لا يقل عن 100 مليار سنتيم من مختلف الميزانيات، ليبقى أمر تعبيد الطرق بهذه الأحياء والقرى التي كانت تقع تحت تصرف مؤسسة سوناطراك، معلقا؛ لأن ميزانية البلدية ضعيفة جدا حتى إنها لا تكفي لدفع مرتبات عمالها فما بالك بتهيئة مختلف أحياء البلدية، لا سيما القرى التي كانت تحت وصاية مؤسسة سوناطراك. أما الخاصية الثانية فتتعلق، حسب رئيس البلدية محمد عباس، بمشكل عدم التمكن من تسوية عقود ملكية المواطنين، حيث إن ما نسبته 85 بالمائة من العقود غير المسواة، لا يملك أصحابها أي عقد ملكية يثبت ملكية صاحب العقار. وفي هذا الشأن يقول السيد محمد عباس بأن قانون 08/ 15 لم يعالج المشكل المطروح من أساسه أصلا، ليبقى المواطنون يتخبطون في الكثير من المشاكل البيروقراطية التي لم تمكنهم من إتمام ملفات تسوية عقود ملكية مساكنهم ولكن من دون أي سند قانوني. ويبقى بالتالي مشكل إعادة تهيئة مختلف الأحياء مطروحا بحدة رغم إرادة مسيري البلدية تجسيد الكثير من العمليات الخاصة بالتهيئة أو الإنارة العمومية المتوفرة بنسبة 85 بالمائة على مستوى البلدية أو الماء الشروب المتوفر على مدار اليوم والساعة، وذلك بعد تجديد كلي لمختلف شبكات وقنوات ماء الشرب؛ حيث إن مشكل التهيئة يزداد تفاقما مع مرور الوقت رغم الكثير من المراسلات التي تم توجيهها للمصالح الولائية المعنية، إلا أن الأمر مازال مطروحا من دون أي حل في الأفق. رغم هذا فإن رئيس بلدية عين البية السيد محمد عباس، يبقى متفائلا جدا بشأن التنمية المحلية بالبلدية التي يشرف على تسيير شؤونها؛ كونها واحدة من البلديات التي تتسم بالاستقرار ولم تعرف أي مشكل في مجال التسيير، والكثير من القرارات التي تتعلق بالتنمية المحلية، يتم اتخاذها في الإطار القانوني وبعد العديد من المشاورات. ففي مجال المرافق الرياضية تم إنجاز 8 ملاعب معشوشبة، غير أن مواطني البلدية في أمس الحاجة إلى ملاعب جوارية أخرى لسد احتياجات الشباب في هذا المجال، زيادة على توفر البلدية على قاعتين للرياضات الفردية، وهي في حاجة كذلك الى قاعتين إضافيتين. كما يوجد بالبلدية مسبح شبه أولمبي تم إنجازه من طرف مديرية الشباب والرياضة وسيكون دعما كبيرا لتنمية الرياضة في هذا المجال لفائدة أبناء البلدية المتألقين في الكثير من الرياضات الفردية، لا سيما في السباحة على المستوى الوطني. أما في المجال الثقافي فتنفرد بلدية عين البية عن غيرها من بقية البلديات على المستوى الولائي، بكونها تمتلك خمس قاعات متعددة الخدمات، يتم على مستواها ممارسة الكثير من النشاطات العلمية والترفيهية والثقافية بالإضافة الى احتوائها كلها بدون استثناء، على ناد للطفل هو بمثابة روضة للأطفال، لكن ببعدها التعليمي والتربوي، وتعمل ولاية وهران على تعميم هذه على بقية البلديات، لا سيما تلك التي تفتقر إلى رياض الأطفال. وغير بعيد عن مجال الثقافة فإن بلدية عين البية تمتلك في مجال التربية 19 مؤسسة تعليمية ابتدائية؛ الأمر الذي يراه رئيس البلدية غير كاف، مما جعله يطلب من السلطات العمومية المحلية ضرورة العمل الفوري على تسجيل مدرستين اثنتين؛ قصد الاستجابة لاحتياجات البلدية في هذا المجال، بالإضافة إلى وجود خمس متوسطات، فضلا عن متوسطتين تعويضيتين بكل من منطقة هنان دريس والشهايرية، ومتوسطتين جديدتين بكل من عين البية والشهايرية، زيادة على وجود ثانوية واحدة في طور الإنجاز بالشهايرية في الوقت الذي تحتاج البلدية إلى ثانوية أخرى بحي السلام، ومركز للتكوين المهني متخصص وفق احتياجات المنطقة الصناعية المتواجدة بالبلدية، التي يوجد بها كثير من المركبات البتروكيماوية والبترولية والغازية، الأمر الذي يفرض على السلطات العمومية المحلية ضرورة العمل وفق برنامج هذه المؤسسات في مجال التكوين والاحتياجات على حد سواء. برامج تنموية لا ترقى لمستوى طموحات السكان في مجال السكن الذي يُعتبر عصب الحياة لدى كافة الجزائريين بسبب النقص الفادح فيه، فإن بلدية عين البية استفادت مؤخرا من برنامجين سكنيين، الأول ب 78 مسكنا والثاني ب 140 مسكنا، تم توزيعها على مستحقيها من دون إحداث أي حالة شغب أو فوضى بسبب التوزيع العادل لهذه السكنات على مستحقيها، بالإضافة إلى توزيع 175 قطعة أرضية على المستحقين من المواطنين في إطار العمل على توسيع العمل من الاستفادة في مجال البناء الريفي بكل من العيايدة والشهايرية. وبسبب هذا التوزيع العادل والشفاف الذي مارسه أعضاء المجلس الشعبي البلدي لعين البية بدون إقصاء أحد أو تهميشه، فإن العمل جار على إنجاز 300 وحدة سكنية أخرى سيتم توزيعها بنفس الطريقة الشفافة والعادلة لفائدة المواطنين الأكثر احتياجا، وفق الأولويات، بالإضافة إلى استفادة البلدية من مشروع آخر من ألف (1000) وحدة سكنية، خاص باستراتيجية القضاء على السكن الهش. صحيا، يوجد ببلدية عين البية مركز صحي واحد وقاعتا علاج، الأولى بالشهايرية والأخرى بالعيايدة، إلا أنها تحتاج إلى إعادة ترميم وتهيئة كلية بالإضافة إلى موارد بشرية مختصة ومؤهلة من أجل تسييرها، خاصة في المجال الطبي والإداري، زيادة على أن احتياجات البلدية في هذا الشأن، حسب رئيس البلدية، تتلخص في قاعتين إضافيتين إلى جانب المطالبة بإنجاز مستشفى متخصص، لا سيما في مجال الحساسية والربو وصعوبة التنفس والحروق وغيرها من الأمراض الأخرى التي تميز المنطقة؛ بسبب وجود مختلف المؤسسات البترولية الكبرى بها. وعلى ضوء مختلف عمليات الترحيل التي قامت بها مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري إلى منطقة عين البية وخصوصا الشهايرية والعيايدة، فإنه لا يُعقل، حسب رئيس البلدية، أن لا يوجد مخطط نقل خاص بالبلدية بسبب صعوبة التنقل من مختلف مناطق البلدية إلى ولاية وهران وغيرها من البلديات الأخرى، لا سيما أرزيو وبطيوة على سبيل المثال لا الحصر. كما أنه من غير المعقول أن تبقى البلدية في المجال الأمني بمقر أمني حضري، واحد بعين البية لفائدة 25 ألف مواطن؛ الأمر الذي يوجب إنجاز مقرات أمنية حضرية جديدة؛ تدعيما للمقر الوحيد الذي يوجد بالبلدية. كما أن هناك مركزا واحدا للدرك الوطني خاصا بالعيايدة والشهايرية، وهو بعيد جدا عن هذه الأحياء التي هي في أمسّ الحاجة إلى مقرات أمنية جديدة بها.