يسجل في الآونة الأخيرة تزايد الاهتمام بتعميم الكتاب وتشجيع المقروئية، كما يتجلى ذلك من خلال مبادرات متنوعة لنشر زاد المعرفة والعلم رغم ما يقال عن تأثير سلبي قد تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنيت على حساب الكتاب الورقي. وفي مدينة فرجيوة انطلقت منذ أسبوعين، مبادرة تحت عنوان «مكتبة الشارع»؛ حيث يتم وضع الكتاب في متناول المهتمين والقراء تحت شعار «خذ كتابا وضع آخر مكانه». وحسب الشاب سيف الدين بن مناح أحد أصحاب هذه المبادرة التي عُدت «حميدة ومفيدة» من قبل مهتمين محليين، فإن «مكتبة الشارع» التي تقع بجوار حديقة 8 ماي 1945 وأحد مساجد المدينة، هي نتاج عمل مجموعة من المثقفين والطلبة النشطين ضمن نادي الكتاب لدار الشباب «تيكودان مصباح» بفرجيوة. ومن أهداف المبادرة التي حظيت بدعم السلطات المحلية حسب بن مناح سيف الدين، «توفير فضاء وظيفي في الشارع، يضع الكتاب في متناول القراء، ويسمح لهم بتبادل المؤلفات في مختلف المجالات المعرفية وضمان تواصل دائم مع «خير جليس». وجاءت انطلاقة «مكتبة الشارع»، كما أضاف أصحاب المبادرة، من خلال تنصيب المكتبة، التي هي في شكل خزانة ألمنيوم شفافة، لم يتقاض صانعها سوى أعباء مادتها الأولية، ووضع نحو مائة كتاب بها في شتى صنوف العلم والمعرفة، بعضها تم اقتناؤه من المال الخاص للمبادرين، والبعض الآخر من هبات المهتمين قبل دعوة القراء إلى التبادل وأخذ كتاب مقابل وضع آخر بالخزانة. وينشط الكثير من الشباب والجامعيين أصحاب المبادرة على مستوى وسائط التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها «فايس بوك»، حيث فتحوا صفحة إعلامية تحت عنوان «ميلة تقرأ»، تقوم بعمل تحسيسي جميل لصالح الكتاب والمقروئية. وشهدت العملية، كما يقول من جهته دراجي عياد إعلامي ومثقف، استحسانا كبيرا واهتماما واسعا من قراء المدينة حتى إن بعضهم يأخذ كتبا لمطالعتها في الحديقة القريبة قبل إرجاعها إلى «مكتبة الشارع»، فيما يفضل آخرون أخذ الكتاب إلى البيت توخيا لمزيد من الفائدة قبل إعادته. والملفت أن «مكتبة الشارع» مفتوحة حتى الحادية عشرة ليلا بدون حارس أو منظم؛ إذ إن القراء يتصرفون بحرية، فيبادرون بأخذ الكتب وإعادتها بدون عائق، كما يلاحظ في عين المكان. ولا يبدي أصحاب المبادرة خشية من ضياع الكتب مع أنهم، كما أكد سيف الدين، يحتاطون بعدم وضع كل الكتب التي يتوفرون عليها مرة واحدة في الخزانة. «مكتبة الشارع» فضاء جديد «ملك للشارع القارئ» كما يقول متتبعون بهذه المدينة التاريخية الجميلة يضاف للفضاءات العمومية مثل المكتبة البلدية ودار الشباب. كما عُلم من جهة أخرى، عن مبادرات أخرى مماثلة قيد التحضير بولاية ميلة، ومنها تلك التي يجرى تحضيرها بالقرارم قوقة، وهدفها وضع 500 كتاب مرة واحدة في متناول القراء في أحد الشوارع الهامة؛ من قال إن الشباب لا يهتمون بالقراءة والكتاب؟!