يعود الكاتب والناقد الأدبي الدكتور لونيس بن علي في كتابه الجديد «إدوارد سعيد من نقد الاستشراف إلى نقد الرواية الكولونيالية»، إلى فكر إدوارد سعيد وصوته النقدي الذي يحرّض على اكتساب وعي نقدي إزاء كل أنواع التسلط، حسب تعبيره. يقول لونيس في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية إن اهتمامه بإدوارد سعيد فرضته راهنية فكره وحاجتنا إلى صوته النقدي، الذي مازال يحرض على اكتساب وعي نقدي، مضيفا أنه يركز على الأنساق الثقافية كونها منظومات خفية داخل النظام الثقافي الغربي، والتي تمارس مصادرتها لأي شكل من إشكال الاختلاف الثقافي باسم المركزية الغربية من داخل المنظومات المعرفية التي تراكمها العقل الغربي. وينتقد بن علي استنادا إلى نظرية سعيد نزوع الأدب الغربي إلى الأمبريالية، مسلطا الضوء على دور إدوار سعيد في إعادة الكشف عن آليات اشتغال هذه المركزية داخل أنظمته التمثيلية، مؤكدا أن ما قام به إدوارد سعيد في نقد الأمبريالية كان عملا جبارا، مضيفا: «إنه ينبهنا إلى أنّ ما بعد الاستعمار لا يعني نهاية الاستعمار، فقد تطور في أشكال جديدة، والعولمة إحدى هذه التجليات». ويقول لونيس في كتابه إن «العالم الغربي إلى اليوم مازال ينظر إلى العالم الإسلامي (الشرق) بمنظار الاستشراق، لهذا فإنّ النقد الذي رام إليه سعيد هو لأجل تحرير الجغرافيا والتاريخ والإنسان، من المخيال الاستشراقي الذي مازال يشتغل بحيوية. وأظن أن العالم اليوم يتجه نحو مصادرة كل أشكال النقد. إنه عالم مضاد للتفكير النقدي. وواقعنا العربي ما بعد الربيع العربي يؤكد هذا العداء». وقد تناول بن علي إدوارد سعيد في هذا الكتاب الصادر عن دار ميم بالجزائر في أكثر من 360 صفحة، عبر ثلاثة محاور أساسية: ركز المحور الأول على نقده خطاب الاستشراق من خلال حضور المنهج الفوكوي في تحليل الخطاب، فيما تطرق المحور الثاني لنقد النظريات الأدبية التي حوّلت النقد إلى شكل من أشكال الممارسة الدينية، بينما عالج المحور الأخير البحث في سيميات نظرية الرواية لدى إدوارد سعيد في نقده للرواية الاستعمارية وإبرازه البعد المقاوم في روايات المستعمرات. للإشارة، سيكون كتاب «إدوارد سعيد من نقد الاستشراف إلى نقد الرواية الكولونيالية» للونيس بن علي، حاضرا في الطبعة المقبلة للصالون الدولي للكتاب، الذي تنطلق فعالياته يوم 25 أكتوبر وتتواصل إلى غاية الخامس من نوفمبر. وكتب لونيس بن علي في صفحته على الفايسبوك: «أهدي هذا الكتاب لروح والدي رحمه الله، لقد كان يفتخر بابنه، وأريده في العالم الآخر أن يفتخر أيضا. لو كنتَ حيّا أبي لاكتملت الفرحة». كما تمنى أن يكون هذا الكتاب إضافة نوعية للمكتبة الجزائرية والعربية.