يبدو أن حوادث المرور في الجزائر عازمة على حصد المزيد من الأرواح مادامت الأمور ومسألة تحديد المسوؤليات لم يحسم فيها بعد والدليل على ذلك الحصيلة المسجلة منذ بداية السنة الجارية والتي فاقت ال2746 قتيل أي بزيادة 7 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007. فرغم الإجراءات المتخذة خلال السنوات الأخيرة وعلى رأسها المراجعة الجذرية لقانون المرور ورغم حملات التحسيس التي تنظم هنا وهناك على مدار السنة، إلا أن طرقنا لا تزال تصنع الموت لتقتل من تقتل وتتسبب في إعاقة من نجا من الموت مدى الحياة. وقد جاءت آخر حصيلة لعدد الأشخاص الذين قتلوا في هذه الحوادث منذ بداية السنة الجارية لتؤكد مدى خطورة طرقنا اليوم التي أصبحت تحصد الأرواح في كل لحظة وفي كل مكان ومع الأسف بالعد التصاعدي لتجعل من الجزائر تحتل أولى المراتب في العالم من حيث حوادث المرور. وإذا كانت الأرقام ظاهرة معلنة تؤكد حقيقة المجزرة التي تستحق حقا وصفها بإرهاب الطرقات، فإن الأسباب لا تزال محل جدل كل طرف فيه يرمي بالكرة نحو الآخر والنتيجة التهرب من المسؤولية التي ليس من شأنها تغيير الأمور وخاصة سلوكات السائق الذي تعتبره كل الجهات والمختصين المسؤول الأول والعامل الأساسي في ارتفاع حوادث المرور بسبب عدم احترامه لقانون المرور. والحقيقة أن البحث عن علاج لهذه الظاهرة التي ما فتئت تتصاعد من سنة إلى أخرى لا يكمن داخل الأذهان وبالذات عند السائق الجزائري الذي لم يبرهن لحد الآن انه يتمتع بثقافة مرورية كافية تجعله يحترم القوانين وعلى الخصوص حدود السرعة المسموحة، حتى ولو كان يسير بعيدا عن رادارات المراقبة والحواجز الأمنية، ومن جهة أخرى يحترم حقوق المارة وزملاءه السائقين، فكل الإجراءات ردعية كانت أو وقائية لن تثمر أي نتيجة ما لم يتحل السائق بثقافة احترام القانون بعيدا عن عصا الردع والعقاب.