دعا المشاركون في ملتقى هيئات الرقابة الدستورية في إفريقيا، المنظم بالتعاون مع المجلس الدستوري حول موضوع «ممارسة المواطنين للرقابة الدستورية عن طريق الدفع»، الدول الإفريقية إلى الحذو حذو الجزائر في مجال إشراك المواطن عند اللجوء إلى القضاء الدستوري، مشيرين إلى أن المادة 188 التي تضمنها التعديل الدستوري الأخير والتي تخوّل للمواطن العادي هذا الحق، تشكل خطوة نوعية في اتجاه تكريس واحترام حقوق الإنسان. وشكل الملتقى الذي أشرف على افتتاحه أمس، رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي بحضور نوعي لرؤساء وقضاة من الهيئات القضائية الدستورية الإفريقية ورؤساء بعض المحاكم والمجالس الدستورية الأجنبية، كما هو الشأن لرئيس المجلس الدستوري الفرنسي لوران فابيوس، مناسبة لعرض تجربة الجزائر في مجال إدراج هذا النوع من الرقابة الذي كرسه التعديل الدستوري الأخير من خلال المادة 188 والتي بموجبها يحق لكل متقاض أن يقدم دعوى أمام جهة قضائية خلال المحاكمة، يدعي فيها أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه النزاع ينتهك أحد الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، علما أن هذه الآلية ستدخل حيز التنفيذ عام 2019 وذلك طبقا للدستور (المادة 215). وأهم ما ميّز الملتقى، حضور ممثلين عن المغرب والجمهورية العربية الصحراوية (من دون حدوث مناوشات أو محاولة انسحاب من قبل الطرف المغربي) بعد أن عودنا على ذلك خلال اللقاءات التي يحضر فيها الجانب الصحرواي في عواصم إفريقية. ولم يخف السيد موغينغ موغونغ، قاضي قضاة جمهورية جنوب إفريقيا ورئيس مؤتمر هيئات الرقابة الدستورية الإفريقية، حضور الجانبين في نفس القاعة رغم امتعاض ممثلي المغرب من الملاحظة التي قدمها مسؤول جنوب إفريقيا، والتي لفت من خلالها انتباه الحاضرين، غير أن ذلك لم يؤثر على مجريات الجلسة الافتتاحية. في كلمته، أكد السيد مدلسي أن مسار الرقابة الدستورية في الجزائر تعزز بإدراج آلية الدفع بعدم الدستورية في الدستور الجزائري، الذي شهد تطورا ملحوظا بموجب تعديلات شهر مارس الماضي، مضيفا أن هذه الآلية تعد مكسبا هاما للمواطن وديناميكية جديدة ساهمت وستساهم في تحقيق المزيد من التطورات في المجال الديمقراطي وبناء دولة القانون وضمان حقوق الإنسان في القارة الإفريقية وباقي دول العالم. وبعد أن ذكر بأهمية المادة 188، أبرز رئيس المجلس الدستوري دور المحكمة العليا ومجلس الدولة التي يتم بواسطتهما إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية، مشيرا إلى أن ذلك يستهدف تعزيز مكانتهما في مجال التنظيم الدستوري للسلطات، فضلا عن ترسيخ الحقوق والحريات المكفولة دستوريا. مدلسي أوضح أن إخطار المحاكم والمجالس الدستورية، شهد في القارة تطورا يتماشى مع التاريخ السياسي الخاص بكل بلد، مضيفا أن أغلبية البلدان أقرت بضرورة إشراك المواطن في مسار تحسين مضمون النصوص التشريعية، لاسيما إذا كانت هذه النصوص لا تخضع لرقابة دستورية سابقة. من جانبه، أبرز موغينغ موغونغ، قاضي قضاة جمهورية جنوب إفريقيا أهمية عقد مثل هذه اللقاءات والبرامج، من خلال الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجهها إفريقيا، مشيرا إلى وجود هيئات قضائية لا تسمح للأفراد بعدم الدفع، داعيا إلى الاستفادة من تجربة الجزائر من أجل استتباب السلم والأمن. كما أوضح أن هناك بعض الدول التي تواجه ظروفا صعبة تحول دون لجوء المواطنين والأفراد إلى الهيئات الدستورية، ليستطرد في هذا السياق «لا بد من الإشادة بجهود الجزائر لأنها بذلت الكثير من أجل تمكين مواطنيها من هذا الحق، مما سيمكنها بدورها من رفع التحديات الصعبة. من جهته، أكد السيد جياني بوكيكيو رئيس اللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية بواسطة القانون «لجنة فينيسيا» على دعم الطرف الأوروبي للجهود التي تبذلها والخطوات النوعية التي قامت بها على إثر التعديل الدستوري الجديد وإدراجها للمادة 188، مشيرا إلى أن هيئته على استعداد لتقديم استشاراتها للجزائر إزاء التحديات التي تواجهها. وأعرب عن أمله في وجود المزيد من المساهمات على مستوى القارة الإفريقية قصد إضفاء الطابع القانوني الموحد على كافة الهيئات القانونية، داعيا في هذا السياق إلى اعتماد مراجعة دائمة للدساتير، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان. للإشارة، أخذ المشاركون صورة تذكارية عند مدخل مقر المجلس الدستوري قبل زيارة مقر مؤتمر هيئات الرقابة الدستورية الإفريقية حيث أطلق عليه اسم الراحل بوعلام بسايح.