أفرزت الانتخابات المحلية ل 23 نوفمبر الجاري، خارطة سياسية جديدة في تسيير المجالس البلدية والولائية، ساهم في إرسائها بشكل كبير المواطن الجزائري بالدرجة الأولى، ثم قانون الانتخابات الصادر في 2016، الذي يمكن التشكيلة الفائزة بأكبر عدد من الأصوات، من قيادة المجلس المحلي، مما ترتّب عنه تقاسم 25 تشكيلة سياسية، بمن فيهم الأحرار لقيادة 1541 بلدية تضمها الجزائر، وهو ما من شأنه وضع هذه الأحزاب في أجواء منافسة دائمة، ليس على المقاعد هذه المرة وإنما على تحسين التسيير المحلي والتكفل بشؤون المواطن. في انتظار ترسيم المجلس الدستوري للنتائج النهائية لمحليات الخميس المنصرم، تكرس النتائج الأولية التي أعلن عنها وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، تعدد التشكيلات السياسية التي ستقود المجالس المحلية خلال العهدة الجديدة الممتدة على مدار خمس سنوات القادمة، حيث فوّض الناخبون الجزائريون بتصويتهم في هذه المحليات ل 35 تشكيلة سياسية تضم أحزابا وتحالفات سياسية، علاوة على القوائم الحرة التي ظفرت ب 35 مجلسا بلديا، مهام تسيير شؤونه المحلية وقيادة برامج التنمية في هذه الخلايا الأساسية للدولة، فيما توزعت 2004 مقاعد التي تضمها المجالس الولائية 48، عبر الوطن على 26 تشكيلة سياسية بما فيها القوائم الحرة التي حازت 31 مقعدا. وبغضّ النظر عمن هو صاحب الغلبة في تعداد المقاعد أو الهيئات المحلية التي ظفر بها خلال هذا الاستحقاق، فإن اللافت إلى أن تعدد الألوان السياسية التي ستدخل مجال التسيير المحلي خلال العهدة الجديدة، قد يكون لها عدة انعكاسات إيجابية سواء في دعم العمل السياسي الميداني لكل تشكيلة سياسية، خاصة منها تلك التي لم تعهد التواجد في مراكز القيادة والقرار أو في خلق التنافس بين هذه التشكيلات في مجال تسيير الشأن المحلي والتكفل المباشر بخدمة المواطن، لا سيما في ظل ما يُرتقب إرساؤه من نصوص وتنظيمات تعطي صلاحيات أكبر للمنتخبين المحليين، وترتقي بأداء الجماعات المحلية إلى مستوى أعلى، يمكنها من لعب دورها المحوري في دفع التنمية والاقتصاد الوطنيين. كما يضع هذا التواجد متعدد الألوان على رأس الجماعات المحلية في البلاد، الأحزاب السياسية أمام امتحان تطبيقي، لإبراز قدراتها وكفاءاتها في التواصل مع المواطن والتكفل بتسيير البرامج والمشاريع التنموية المحلية، ومن ثمة تأكيد وفائها بالوعود التي قطعتها أمامه خلال الحملة الانتخابية، والظفر بمكانة أكبر في الساحة السياسية وتواجد أوسع في الاستحقاقات القادمة. طعن كافة التشكيلات في نتائج الانتخابات.. ظاهرة صحية؟ أول قراءة في نتائج الانتخابات المحلية ل 23 نوفمبر الجاري، أبانت عن احتفاظ حزب جبهة التحرير الوطني بريادته المشهد السياسي وقيادته أكبر عدد من المجالس الشعبية البلدية والمحلية، لكن بطعم مر صنعه التقلص الملحوظ في رصيد الحزب من هذه المجالس؛ بانخفاضها من نحو 668 بلدية إلى 603 بلديات، ما كرس التراجع المستمر في الحصاد العتيد في الاستحقاقات الأخيرة، والذي تجلت مظاهره في التشريعيات الماضية، وقبلها في انتخابات التجديد النصفي لتشكيلة مجلس الأمة. هذا التراجع الذي تتدخل فيه العديد من العوامل الموضوعية المرتبطة أساسا بسلوكات الناخبين وتغير طبيعة الوعاء الانتخابي (بتراجع جيل من الجزائريين الذين اعتادوا التصويت على الأفلان بطريقة جزافية، وفق ما تذهب إليه بعض التحليلات)، ساهمت فيه بعض العوامل الداخلية للحزب، وفي مقدمتها استمرار الصراعات والخلافات بين أبناء الحزب، ولجوء عدد كبير منهم إلى الترشح في قوائم أحزاب أخرى أو في قوائم حرة، فضلا عن استمرار ظاهرة التصويت العقابي للغاضبين. إخفاقات الأفلان ولو أنها لم تصل إلى التأثير على مكانة وموقع الحزب في الساحة السياسية، استفادت منها التشكيلات السياسية الأخرى، طبقا لاعتراف الأمين العام للحزب جمال ولد عباس نفسه، الذي قال عقب التشريعيات الماضية بأن ما خسره الحزب من أصوات تبعثر على باقي التشكيلات التي ارتفع عددها في المواعيد الانتخابية الأخيرة. من هذا المنطلق يبدو الغريم التجمع الوطني الديمقراطي المستفيد الأول من تراجع وعاء الأفلان، حيث واصل هذا الحزب الحليف للعتيد، الارتقاء بحصاده الانتخابي الذي تجلى منذ انتخابات تجديد أعضاء مجلس الأمة في جانفي الفارط، ثم في تشريعيات 4 ماي الماضي، ليؤكد تحسن نتائجه في محليات الخميس المنصرم بمضاعفته تعداد المجالس البلدية والمقاعد في المجالس الولائية مقارنة بما حققه في محليات 29 نوفمبر 2012. جبهة المستقبل التي فتحت لنفسها بابا واسعا لقيادة العمل السياسي في البلاد بتحقيقها مرتبة ثالثة من حيث تعداد المجالس البلدية التي ظفرت بها (71 بلدية)، شكلت مفاجأة هذه الانتخابات المحلية، التي سجلت أيضا عودة قوية لجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، خاصة على مستوى الولايات التي توصف بكونها المعاقل التقليدية للحزبين بالرغم من مزاحمة الحركة الشعبية الجزائرية لها والقوائم الحرة، التي أصبحت منذ التشريعيات الماضية رقما لا يستهان به في الحساب السياسي. هذا الحساب السياسي الذي يكون تغير في الفترة الأخيرة في ظل التطورات التي عرفتها البلاد سواء على مستوى النصوص الدستورية والقانونية التي تؤطر وتنظم العملية الانتخابية أو من خلال تغير المشهد السياسي وطبيعة الوعاء الانتخابي، شهد دخول متغير أساسي يحدد توجه السلوك الانتخابي، عبر ميل الناخبين إلى التصويت على الشخص المترشح أكثر منه على القائمة الحزبية، مثلما كان عليه الأمر في السابق. التقدم الملحوظ الذي سجلته حركة مجتمع السلم «حمس» التي عززت رصيدها من المجالس الشعبية البلدية من 5 بلديات في محليات 2012 إلى 49 بلدية في محليات 2017 مصنفة بذلك كسادس تشكيلة سياسية في الترتيب العام، لم يغطّ، في المقابل، على نكسات التيار الإسلامي في عمومه، والذي يواصل تراجعه مقارنة بما كان عليه في الماضي، فيما حافظت بعض التشكيلات الفتية على غرار الحركة الشعبية الجزائرية، على موقعها ضمن مجموعة التشكيلات التي تحتل مقدمة المشهد السياسي في البلاد. رغم ما قيل حول النجاحات التي حققتها الأحزاب الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في المجالس الشعبية البلدية والولائية بمناسبة اقتراع 23 نوفمبر الجاري، إلا أن قادة كل هذه الأحزاب وهي الأفلان، الأرندي وجبهة المستقبل و»حمس» والأفافاس، يضاف إليهم قادة الأحزاب التي لم تحصل على ما كانت تنتظره من هذا الاستحقاق على غرار حزب العمال، أجمعت كلها على أن العملية الانتخابية شابتها تجاوزات وأعمال مشبوهة «وتزوير مؤكد»، على حد تعبير بعضها. وأعلن معظمها عن أنها تقدمت بطعون للاعتراض على بعض النتائج التي تكون غير مطابقة لحقيقة رصيدها، حسبها، الأمر الذي يطرح سؤالا جوهريا حول طبيعة وهوية المزور في الانتخابات، ومن هو الضحية في كل هذا.. فبعدما كانت أصابع الاتهام توجَّه إلى جهة محددة في السابق، أصبحت اليوم كل الأطراف تشتكي من التلاعب والتزوير، ما يوحي بأن كل الأطراف أدركت اليوم أن الظواهر السلبية كالغش والتزوير، هي سلوكات فردية منبوذة، ينبغي على الجميع الإسهام في مكافحتها واجتثاثها من مثل هذه المواعيد الوطنية، ومن المجتمع بشكل عام. نتائج انتخابات المجالس الشعبية الولائية - جبهة التحرير الوطني: ...........................711 مقعدا - التجمع الوطني الديمقراطي:.....................527 مقعدا - حركة مجتمع السلم:..............................152 مقعدا -جبهة المستقبل:..................................131 مقعدا - تجمع أمل الجزائر (تاج):...........................91 مقعدا - الحركة الشعبية الجزائرية:.........................68 مقعدا - جبهة القوى الاشتراكية:............................63 مقعدا - الجبهة الوطنية الجزائرية:.........................51 مقعدا - التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية:............33 مقعدا - الأحرار:...........................................31 مقعدا - حزب العمال:......................................28 مقعدا - الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية:................14 مقعدا - عهد 54:...........................................13 مقعدا - حزب الحرية والعدالة:.............................12 مقعدا - حركة الانفتاح:.....................................11 مقعدا - الجبهة الوطنية من أجل الحريات:..................11 مقعدا - حزب النور الجزائري:..............................8 مقاعد - التحالف الوطني الجمهوري:........................6 مقاعد - حزب الكرامة:......................................6 مقاعد - حزب الشباب:......................................5 مقاعد - تحالف «تاج»:.......................................5 مقاعد - حزب الفجر الجديد:...............................5 مقاعد - الحزب الوطني للتضامن والتنمية:..................5 مقاعد - جبهة الحكم الراشد:................................5 مقاعد - تحالف الفتح:.......................................4 مقاعد نتائج انتخابات المجالس الشعبية البلدية النتائج الأولية لانتخابات المجالس الشعبية البلدية ل23 نوفمبر الجاري وفقا لما أعلن عنه وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، نور الدين بدوي. - جبهة التحرير الوطن ......................... 603 بلدية - التجمع الوطني الديمقراطي ...................451 بلدية - جبهة المستقبل .................................. 71 بلدية - جبهة القوى الاشتراكية ...........................64 بلدية - الحركة الشعبية الجزائرية ........................62 بلدية - حركة مجتمع السلم ..............................49 بلدية - التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ............37 بلدية - الأحرار ...........................................35 بلدية - تجمع أمل الجزائر «تاج» ..........................31 بلدية - الجبهة الوطنية الجزائرية ........................27 بلدية - حزب العمال ......................................17 بلدية - حزب الفجر الجديد..............................12 بلدية - حزب الحرية والعدالة............................9 بلديات - التحالف الوطني الجمهوري ......................9 بلديات - تكتل النهضة، العدالة والبناء ......................8 بلديات - حزب الكرامة ....................................7 بلديات - طلائع الحريات ..................................5 بلديات - حزب عهد 54.................................... 4 بلديات - الجبهة الوطنية للحريات.........................4 بلديات - حركة الوفاق الوطني ............................ 4 بلديات - تحالف الفتح .....................................4 بلديات - تحالف تاج .......................................3 بلديات - حزب الشباب.....................................3 بلديات - اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية..........3 بلديات - الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية...............3 بلديات - حركة الانفتاح..................................بلديتان (2) - جبهة النضال الوطني.......................... بلديتان (2) - جبهة الجزائر الجديدة.........................بلديتان(2) - حزب النور الجزائري ..........................بلديتان (2) - الاتحاد الوطني من أجل التنمية................ بلديتان (2) - حزب التجديد الجزائري .................بلدية واحدة (1) - الحزب الوطني للتضامن والتنمية......... بلدية واحدة (1) - الحركة من أجل الشباب والديمقراطية .....بلدية واحدة (1) - الجبهة الديمقراطية الحرة ...............بلدية واحدة (1) - الحزب الاشتراكي للعمال................. بلدية واحدة (1)