أكد وزير التجارة محمد بن مرادي، أن الاجراءات المتعلقة بتأطير الاستثمارات الأجنبية المباشرة «تحتاج إلى إعادة النّظر فيها» من أجل جلب عدد أكبر من هذه الاستثمارات، مشيرا إلى أن الجزائر في مؤخرة دول المنطقة في هذا المجال، وأن السبب لا يمكن حصره في الشركاء الأجانب ولاسيما الأوروبيين، ولكن «ربما يجب علينا البحث عن طرق أخرى لجلبها». واعترف الوزير أنه منذ توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي كانت السلطات العمومية تعلم أن حجم صادراتنا سيكون ضئيلا بالنظر إلى ضعف النسيج الصناعي، بالمقابل قال «كنا ننتظر استثمارات أكثر من الأوروبيين، والتقييم اليوم يشير إلى أنه مقارنة بدول الجوار لم نحسن جلب هذه الاستثمارات، قد نلوم الآخرين لكن ربما المشكل يوجد لدينا كذلك، والحكومة واعية أن إجراءات تأطير الاستثمارات ربما تحتاج إلى إعادة نظر ولا أقول أكثر من ذلك فمن المهم البحث عن طرق أخرى لجلبها ولاسيما تلك التي تتوجه للتصدير». ويشير تصريح الوزير خلال لقاء نظم أمس، مع متعاملين اقتصاديين على هامش معرض الانتاج الوطني بقصر المعارض، الى امكانية مراجعة تطبيق قاعدة 49/51 الخاصة بالاستثمارات الاجنبية والتي شكلت محور انتقادات من بعض الأطراف ودعاوى من أخرى لحصر تطبيقها على القطاعات الاستراتيجية، رغم أن الوزير لم يرد الخوض في هذه المسألة. وأكد السيد بن مرادي، الذي شرح كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة المالية منذ 2014، أن التحديات الواجب رفعها اليوم تتشكل في ثلاث محاور. فإضافة إلى جلب الاستثمارات الأجنبية يتعلق الأمر بقدرة الإنتاج الوطني على تغطية حاجيات السوق وكذا تعزيز التصدير. جهاز جديد لتحيين قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد، حيث ذكر بقرار منع 851 منتجا من الاستيراد، منها أكثر من 400 منتج فلاحي و450 منتج صناعي بلغت قيمة وارداتها في 2016 2017 حوالي 1.5 مليار دولار يضاف إليها 32 منتجا يمكن استيراده لكن يطبق عليه الرسم على الاستهلاك المحلي و129 منتجا آخر يمكن استيراده لكن تطبق عليه رسوم جمركية بنسبة 60 بالمائة. مع التأكيد على أن الحكومة ستواصل فرض حواجز ضريبية وذات علاقة بالمعايير من أجل الحد من الاستيراد. في هذا الصدد كشف الوزير أن القرار المتعلق بمنع استيراد المنتجات سينشر في الجريدة الرسمية مباشرة بعد التوقيع على قانون المالية 2018. وسيشرع في تطبيقه في الفاتح جانفي المقبل، كما أعلن عن مرسوم آخر لوضع جهاز جديد على مستوى الوزارة يهدف لمرافقة المتعاملين في إنتاجهم، ويدرس طلبات الحماية لمنتجاتهم لتقديم عرض دوري للحكومة من أجل تحيين المرسوم المتعلق بمنع الاستيراد. وشدد على القول إنه رغم التحفّظات التي يمكن أن تصدر من الشركاء الأجانب الذين تعني هذه الإجراءات بالنسبة إليهم ضياع حصص في السوق، فإنها ضرورية بالنسبة للجزائر، لاسيما بعد أن بينت الإجراءات السابقة محدوديتها ومنها نظام الحصص. حيث انتقد المسؤول الأول عن القطاع ضمنيا نظام حصص الاستيراد المطبق منذ 2015 – تم الاستغناء عنه مشيرا إلى أنه رغم مساهمته في خفض فاتورة الواردات بالنسبة للمنتجات التي خضعت له، فإنه تعرض لانتقادات واسعة لأنه تسبب أحيانا في إحداث ندرة وانقطاعات في تموين المؤسسات وارتفاع أسعار بعض المواد. وهو ما دفع الوزير للقول إن «نظام الحصص أثبت أنه لا يمكنه الاستجابة بطريقة مناسبة للوضع»، فعجز ميزان المدفوعات سيصل إلى 15 مليار دولار نهاية السنة الجارية، كما أشار إليه، وهو ما يعني استنزاف في احتياطات الصرف. كما اعتبر أن اللجوء إلى تخفيض الدينار في 2014 ب20 بالمائة لم يؤد هو الآخر النتائج المرجوة، إذ تم تقليص الواردات بنسبة 15 بالمائة فقط حينها، وهو ما جعل الحكومة تلجأ إلى التدابير الجديدة سابقة الذكر للحد من فاتورة الواردات ولكن كذلك لتعزيز نشاط التصدير. خبرات أجنبية لتحديد أسباب عدم ديمومة الصادرات وهو التحدي الثالث، حيث أكد أن الحكومة عليها النجاح في وضع إستراتيجية لترقية التصدير خارج المحروقات. فتحليل للصادرات في العشرين سنة الماضية يوضح كما قال أن هناك عددا هاما من العمليات التصديرية لمنتجات مختلفة لكنها «لا تتميز بالديمومة». وهو الاشكال المطروح الذي يجب الاجابة عنه ومعرفة أسبابه، حيث تعمل الحكومة حاليا مستعينة بخبرات أجنبية على تحديد العراقيل. من جهة أخرى عاد السيد بن مرادي للحديث عن ظاهرة تضخيم الفواتير، ولم يتردد في القول «ظاهرة تضخيم الفواتير موجودة ولكن لايمكنني تحديد حجمها، ونعمل حاليا مع هيئات أجنبية من اجل التحكم في انتشار الظاهرة ومكافحتها،اليوم أقولها وأتحمل المسؤولية، كثير من الواردات استعملت أكثر لتحويل العملة الصعبة بدل تموين الاقتصاد الوطني». لكن كل ماتقوم به الحكومة لن يؤت ثماره إذا لم يلتزم المنتجون بوعودهم لتغطية السوق المحلية بكافة المنتجات الممنوعة من الاستيراد من جهة، ورفع نسبة الاندماج من جهة أخرى لخفض نسبة استيراد المدخلات، كما شدد عليه، مستدلا بالسيارات التي قررت الحكومة منع استيرادها، لكن مدخلات صناعتها مازالت تشكل عبئا على فاتورة الواردات. وهو مادفعه للتأكيد على أن معادلة الوضع الاقتصادي معقّد، وأن تسييره يتطلب الحكمة من أجل عدم إحداث أي اضطرابات في تموين السوق وفي عمل الجهاز الاقتصادي مع الحفاظ على احتياطات الصرف. ❊حنان حيمر