مذكرتي اعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: مجموعة السبع تؤكد التزامها بقرار المحكمة الجنائية الدولية    كرة القدم/رابطة أبطال إفريقيا : شباب بلوزداد ينهزم أمام اولاندو بيراتس (1-2)    بصمة الرئيس تبون بادية للرقي بالفلاحة والفلاحين    تصحيح مواضيع اختبارات الفصل الأول في الأقسام    الجزائر تطرد مجرمة الحرب ليفني من اجتماع أممي بالبرتغال    الفريق أول شنقريحة يزور معرض أحمد الجابر للنفط واللواء مبارك المدرع 15    الاحتلال الصهيوني يمسح 1410 عائلة فلسطينية من السجل المدني    الاتحاد الدولي للسكك الحديدية يشيد بمشاريع الجزائر    وزارة الصناعة : السيد غريب يشرف على تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان    وزير الاتصال يعزّي عائلة الفقيد والأسرة الإعلامية    الفريق أول شنقريحة يواصل زيارته الرسمية إلى الكويت    رحيل صوت القضيتين الفلسطينية والصحراوية في المحاكم الدولية    الجيش الصحراوي يستهدف قوات الاحتلال المغربي المتمركزة بقطاع امكالا    مظاهرة أمام البيت الأبيض نُصرةً لفلسطين    هذا جديد بورصة الجزائر    متعامل الهاتف النقال "أوريدو" ينظم حفل توزيع جوائز الطبعة 17 لمسابقة نجمة الإعلام    الاجتماع الوزاري لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات: عطاف يعقد جلسة عمل مع نظيره البرتغالي    نظير جهوده للرقي بالقطاع..الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين يكرم رئيس الجمهورية    لخضر رخروخ : إنشاء المجمع العمومي لبناء السكك الحديدية مكسب كبير    الصيد البحري وتربية المائيات.. فرص استثمار "واعدة"    مسح 1410 عائلات كاملة..إسرائيل ترتكب 7160 مجزرة في غزة    سوناطراك تفتح مسابقة وطنية لتوظيف خريجي الجامعات    محرز يحقق رقما مميزا في دوري أبطال آسيا    مازة لن يغادر هيرتا برلين قبل نهاية الموسم    مدرب مانشستر يونايتد يصر على ضم آيت نوري    حريق يأتي على ورشة نجارة    اكتشاف عيادة سرية للإجهاض    طالب جامعي متورط في سرقة    الإطاحة بشبكة إجرامية من 5 أشخاص بوهران    حرائق سنة 2024 مقبولة جدا    الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة بثقة الشعب    معرض لورشات الشباب الفنية    البحث في علاقة المسرح بالمقاومة    تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    جائزة الشيخ عبد الكريم دالي : حفل تكريمي للفنان الراحل نور الدين سعودي    الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير بتبسة: فيلم "القناع" للمخرج فيصل قادة يفتك المرتبة الأولى    الملتقى الدولي للمهرجان الثقافي للفن المعاصر : منصة للتبادل والتحاور في مواضيع الفن المعاصر    تطبيق مبتكر يحقق الأمن السيبراني    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    كابوس مرعب في موسم الشتاء    الفترة المكية.. دروس وعبر    العدوان الصهيوني على لبنان: الأمم المتحدة تجدد دعوتها لوقف إطلاق نار دائم وفوري لإنهاء خسارة الأرواح والدمار    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    السيد سعداوي يترأس ندوة وطنية عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد    الفروسية : كأس الاتحادية للمسابقة الوطنية للقفز على الحواجز من 28 إلى 30 نوفمبر بتيبازة    سوناطراك: 19 شعبة معنية بمسابقة التوظيف القادمة    رقمنة القطاع التربوي: التأكيد على "الانجازات الملموسة" التي حققتها الجزائر    الدور الجهوي الغربي الأخير لكأس الجزائر لكرة القدم: جمعية وهران -اتحاد بلعباس في الواجهة    توقيف مُشعوذ إلكتروني    إعادة انتخاب دنيا حجّاب    ندوة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم المغرب بطرد الجمهورية الصحراوية يتحول إلى كابوس
نشوة الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي تحولت إلى انتكاسة دبلوماسية
نشر في المساء يوم 31 - 01 - 2018

لم تدم فرحة المغرب بانضمامه إلى الاتحاد الإفريقي صيف العام الماضي طويلا، لتتحول إلى انتكاسة دبلوماسية غير مسبوقة، إلى درجة أنها هزت أسس مشروعه الاستعماري في الصحراء الغربية، على خلفية موقف قمة الاتحاد الإفريقي المنتهية أشغالها بالعاصمة الإثيوبية أول أمس.
وخرج وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مصدوما من قاعة الاجتماع مباشرة بعد تلاوة الرئيس الدوري للاتحاد، الرئيس الرواندي، بول كاغامي نص البيان الختامي للقمة والذي دعا فيه الرباط إلى فتح إقليم الصحراء الغربية المحتل أمام لجنة إفريقية لتقصي الحقائق، للوقوف على واقع الانتهاكات المغربية ضد أصحاب الأرض، الصحراويين.
ويكون الاتحاد الإفريقي بمثل هذا القرار قد أحدث زلزالا قويا في أعلى قمة العرش الملكي وهو يرى أحلامه في الصحراء الغربية تتهاوى أشبه بأوراق قصر كارتوني، بعد أن اعتبرت الدول الإفريقية جميعها باستثناء المغرب أن الصحراء الغربية هي فعلا مستعمرة تنتظر تقرير مصيرها، وأن سكانها يتعرضون لانتهاكات فظيعة، في ظل تعتيم مغربي مقصود للتستر على جرائم تتم خارج إطار القانون وبعيدا عن أعين أية جهة خارجية.
والأكثر من ذلك، فإن المخزن يدرك جيدا أن استقبال لجنة تقصي الحقائق ستتبعها خطوات أخرى لن تكون بالضرورة في صالحه كقوة استعمارية، كما أن رفض استقبالها وتعنتها في التمسك بموقفها المعادي للجان التحقيق سيؤكد الاتهامات بأنها تخفي أشياء وحقائق لا تريد أن يطلع أي أحد لبشاعتها وليتأكد حينها أن المعذبين تحت سلطتها من السكان الصحراويين ليسوا مواطنين مغاربة كما تدعي وسائل إعلام القصر والمتحلقين من حوله.
وكان الاتحاد الإفريقي ذكيا في مطلبه عندما شدد التأكيد على المغرب بأن يوقع على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والأدوات ذات الصلة للدفاع عن حقوق الإنسان، وهو ما يوقعه تحت طائلة بنود هذا الميثاق الذي يلزم أعضاءه بالامتثال لقراراته وإلا اعتبر دولة مارقة ورافضة لروح التضامن الإفريقي.
ووفق هذه المقاربة، فإن الرباط التي استغلت وضعها كدولة غير عضو في الاتحاد الإفريقي للتنصل من تنفيذ القرار الإفريقي 689 لسنة 2012، الذي دعا إلى إنشاء لجنة تقصي الحقائق ولكنها ستكون ملزمة الآن على فعل ذلك من منطلق أن انضمامها الرسمي إلى الاتحاد لن يجعلها فوق الإجماع الإفريقي لأن ذلك سيضعها في كل مرة في قفص الاتهام دون أن تكون لديها أدلة لنفي التهم الموجهة لها.
ووجه الانتكاسة الآخر بالنسبة للمغرب، أن الاتحاد الإفريقي أعطى لنفسه هذه المرة دورا محوريا في مسار مفاوضات تسوية النزاع الصحراوي بهدف تصفية الاستعمار من آخر إقليم محتل في القارة، بكيفية قد تساعد على حلحلة مسار مفاوضات معطل منذ سنة 1991 وأن القضية لم تعد حكرا على الأمم المتحدة بدليل احتمال تفعيل لجنة الدول التي أنشأتها منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1978.
ويضاف إلى كل ذلك، مطالبة الرباط السماح بعودة بعثة الملاحظين الإفريقية إلى مدينة العيون المحتلة، ودعوته لها أيضا الامتناع عن احتضان منتدى كرانس مونتانا في مدينة الداخلة المحتلة والمنتظر أن تعقد فيها ندوة جديدة خلال الفترة الممتدة بين 15 إلى 18 مارس القادم.
وكان قرار قمة الاتحاد أول أمس، بدعم مواصلة المفاوضات المباشرة بين المغرب والجمهورية العربية الصحراوية، ضربة قوية للدبلوماسية المغربية، لن يقل وقعها عما تتركه لجنة تقصي الحقائق التي استند في الدعوة إلى إحيائها على «نص وروح قرارات منظمة الوحدة لإفريقية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة»، المطالبة جميعها بتصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
ولكن الضربة الأكثر وقعا تبقى دون شك دعوة طرفي النزاع إلى الجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة «دون شروط مسبقة» ووفق مبدأ استفتاء تقرير مصير «حر وعادل» يمكّن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير.
وتركيز الدول الإفريقية على عبارة «دون شروط مسبقة» ومبدأ تقرير المصير يعني بقراءة بسيطة أن الاتحاد الإفريقي قبر بشكل نهائي فكرة الأمر الواقع الذي سعى المغرب إلى فرضه عبر تمسكه بخيار «الحكم الذاتي» الذي وضعه بديلا أوحد لتسوية النزاع ومتنكرا لكل الخيارات الأخرى التي أقرتها الشرعية الدولية.
وفي ظل هذه الحقائق، فقد استعاد الجميع الهالة الإعلامية الصاخبة التي أحاط بها المخزن انخراط المغرب في أحضان «عائلته الإفريقية الكبيرة» واعتبرتها مختلف وسائل إعلامه بمثابة نصر دبلوماسي تحقق بفضل حكمة وبُعد النظر الذي يتميز به الملك محمد السادس الذي فضل التخلي عن سياسة «الكرسي الشاغر»، بقناعة أن ذلك سيكون بداية لطرد الصحراء الغربية من عضوية الاتحاد الإفريقي.
ولكنه أيقن في ختام القمة الإفريقية أول أمس، أن خطوته بالانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، كانت وبالا على حساباته الضيّقة ونزعته الاستعمارية في الصحراء الغربية، بدليل توالي قرارات الاتحاد التي كانت بمثابة ضربات متلاحقة لمساعيه التي فقدت من يؤيدها وزادت من عزلته الدبلوماسية وجعلته أشبه بملاكم وجد نفسه محاصرا في ركن حلبة وهو ينتظر ضربة قاضية تجعله غير قادر على مواصلة نزال أصبحت خسارته حتمية.
وهي الحقيقة التي عكستها مختلف وسائل الإعلام المغربية التي فضلت أمس، التزام صمت مطبق تجاه انتكاسة جديدة منيت بها دبلوماسية الرباط، التي بدأت أوراقها تسقط تباعا قبل أن يجد المغرب نفسه أمام أمر واقع تماما كما حدث للأنظمة الاستعمارية المندثرة.
والحقيقة أن الاتحاد الإفريقي الذي تبنى شعار تعزيز التعاون البيني وتحقيق التكامل القاري، وبما يستوجب إصلاحات شفافة لكل مظاهر الحياة في دوله، لم يعد من مصلحته أن يغض الطرف عن بقاء «نقطة سوداء» مازالت تشوه صورة القارة الإفريقية لا لسبب سوى، لأن دولة عضو في المنتظم الإفريقي تريد أن تفرض منطق استعماري طوته إفريقيا ستينيات القرن الماضي.
ثم إن سكوت الدول الإفريقية على نوايا المغرب الخفية من وراء انخراطه في المنتظم الإفريقي كان يمكن أن يفجر الاتحاد الإفريقي من الداخل بسبب الخلافات التي قد يتسبب فيها الصراع بين المتشبثين باستقلال الصحراء الغربية والواقفين مع الرباط، لتأتي قرارات قمة أول أمس، كصمام آمان بعد أن أقفلت باب المناورة والدسائس التي قد يلجأ إليها المغرب لشق صفوف اتحاد إفريقي وهو في بدايات عهده.
والأكثر من ذلك، فإن الدول الإفريقية التي اكتوت بنار الاستعمار لم يعد بإمكانها أن تتجاهل واقعا استعماريا رهن مستقبل شعب بأكمله في وقت تقوم فيه لجان شعبية ومنظمات إنسانية غير حكومية وحقوقيون وبرلمانيون وهيئات من دول أجنبية بالدفاع عنه والمطالبة بفضح الانتهاكات المغربية ضد أبنائه وتبقى هي في موقع المتفرج على مأساة ما كان لها أن تكون أصلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.