لم تخرج مناقشات المؤتمر الإعلامي الدولي حول السلام في الشرق الأوسط في يومه الثاني والأخير المنعقد بفيينا بمركز هوفبرغ عن الطابع السياسي رغم أن البرنامج خصص لمداخلات حول دور المجتمع المدني في إقامة مبادرات اقتصادية تنموية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، من شأنها أن تتغلب على الخلافات السياسية . ومحاولة لتجسيد هذا المبتغى حاولت منظمة الأممالمتحدة بدعوتها رؤساء بلديات من الجانبين لعرض تجاربهم في هذا المجال، حيث اتفقوا على أهمية تغيير ثقافة الحرب إلى السلام وذلك بتعزيز البرامج التنموية المشتركة، وهو ماذهب إليه عمدة عسقلان الذي يرى أن مثل هذه البرامج يمكن أن تساهم في تحقيق التقارب بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، كما أنها يمكن أن تساعد في تحقيق التقارب على المستوى السياسي هذا الرأي شاطره هاني الحايك رئيس بلدية بيت ساحور الذي أكد ضرورة استثمار مبادرة المجتمع المدني في السلام، وأن يكون هناك لوبيا مدنيا يقف ضد اللوبيات العسكرية، وبالتالي - كما قال- "يكون لنا تأثير على القرار السياسي لتعزيز ثقافة السلام". واستشهد المتحدث الفلسطيني بوجود مبادرات اقتصادية مع بلدية الخضيرة في مجال معالجة المياه، حيث يطمح الجانب الفلسطيني للاستفادة من خبرة هذه البلدية في هذا الإطار، غير أنه أقر بوجود معوقات تحول دون المضي قدما بالمشروع الذي يقع في منطقة "سي" الموجودة تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث لم يتم لحد اليوم الحصول على تصريح من قبل السلطة الإسرائيلية لإنجاز المشروع. غير أن رئيس بلدية الخضيرة برر وجود هذه المشاكل بالصراعات التي يعرفها الصف الفلسطيني، حيث قال أنه لا يمكن الانطلاق في أي مشروع قبل التعرف على الجهة صاحبة القرار في السلطة الفلسطينية. ورغم أن لغة مداخلات المشاركين اتفقت على ضرورة المضي قدما بالحوار الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة ألقت بظلالها على المؤتمر، وتجلى ذلك في التحفظ الذي أبداه بعض المشاركين الذين التقيناهم على هامش الملتقى في التطرق إلى المشاكل التي تواجه المنطقة لا سيما في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، كما هو الشأن للسفير الفلسطيني بفيينا زهير الوزير الذي لم يقدم مداخلة في المؤتمر . وهكذا لم يخرج المؤتمر عن نطاق التأكيد على ضرورة إيجاد صيغ جديدة من أجل إحلال السلام في المنطقة، وذلك بعد أن تعذر على القرارات السياسية تحقيق ذلك، وهو ما حملته توصيات المؤتمر التي ركزت على ضرورة مواصلة الجهود من أجل تحقيق المساعي المرجوة، والسؤال المطروح هل ينجح الاقتصاد في تحقيق ما عجزت عنه السياسة في معالجة أعقد قضية عرفها التاريخ؟