تتوجه غدا الأربعاء انظار المراقبين والمحللين الماليين والمتتبعين لتطورات السوق النفطية الى وهران التي تحتضن فعاليات الندوة الاستثنائية لوزراء الطاقة للدول الأعضاء في منظمة الأوبيك الذين ينتظرهم تحدّ كبير لصياغة القرارات التي ستتمخض عنها هذه الجلسة التي يشرف على افتتاحها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. ويوصف لقاء وهران بالهام والحيوي في مسيرة منظمة الدول المصدرة للبترول خصوصا في الفترة الراهنة المتسمة بالأزمة العالمية التي ضربت كبريات الشركات والبورصات العالمية مما أثر على سعر خام النفط الذي هبط الى أدنى مستوياته في الأسابيع الأخيرة بعد أن بلغ مستوى قياسيا. وحسب مصادر مقربة من منظمة الأوبيك، فإن اجتماع يوم غد سيكون حاسما في مجال خفض الانتاج الذي قد يصل الى مليوني برميل يوميا بداية من فاتح جانفي المقبل خاصة وأن هناك العديد من المؤشرات الايجابية التي توحي بذلك، أهمها القرار الأحادي الذي اتخذته المملكة العربية السعودية والقاضي بتخفيض انتاجها بنسبة 10 ? بداية من شهر جانفي المقبل والتعليمة التي وجهتها السلطات السعودية الى مختلف زبائنها في هذا المجال وهو ما يمثل حوالي 800 ألف برميل يوميا اي ما يعادل 30? من الانتاج السعودي، ومن ثم فإذا التحقت مجموع الدول بالقرار السعودي فإن الحسابات النفطية حسب الخبراء ستؤدي حتما الى تخفيض اجمالي يعادل 2.5 مليون برميل يوميا، وهو ما تفاءل به كثيرا السيد شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الرئيس الحالي لمنظمة الدول المصدرة للنفط الذي أكد أن حجم التخفيض سيكون مهما ومفاجئا للعديد من المتتبعين علما بأن السؤال المطروح حاليا هو هل أن القرار السعودي بتخفيض انتاجها سيكون ضمن التخفيض المقرر خلال شهر أكتوبر الماضي أم خارجه. وبعيدا عن هذا الجدل يبقى مهم جدا على وزراء الطاقة المجتمعين غدا بوهران التوصل الى اتفاق مشترك دعما لقرارات الندوة واضافة الى هذا فقد جاءت المشاركة الهامة لأربع دول غير عضوة في منظمة الأوبيك (سوريا وعمان واذربيجان وروسيا) في وقتها خاصة من الجانب الروسي الذي سيكون ممثلا بأعلى مستوياته والمتمثل في شخص نائب رئيس الوزراء الوزير المكلف بملف الطاقة، والمدير العام للشركة البترولية الروسية اللذين أكدا أن روسيا ستتعاون كلية ودون اي تحفظ مع القرارات المتخذة من طرف منظمة الدول المصدرة للنفط حتى يرتفع سعره الى ما فوق 75 دولارا للبرميل. اما السيد شكيب خليل، فأشار الى أن الفائض المسجل حاليا في مستوى المخزونات النفطية بالولايات المتحدةالأمريكية والدول الأوروبية يكاد يعادل 4 أيام من الاستهلاك العالمي، وعليه فإن سحب هذا المخزون اصبح واجبا وضروريا وهو ما يتطلب وقتا يعادل 6 أشهر، أوحتى سنة كاملة كون ذلك مرتبطا ارتباطا كليا بقرارات اجتماع يوم غد وكيفيات وآليات تطبيقها وتجسيدها الميداني، علما بأن الطلب العالمي على النفط سيتراجع بحوالي نصف مليون برميل يوميا. وبغض النظر عن الدورالكبير والهام الذي تلعبه منظمة الأوبيك في تحقيق استقرار السوق إلا أن مساهمة الدول غير العضوة مثل روسيا والمكسيك والنرويج اصبح اكثر من ضرورة بل هو حتمية رغم أن منظمة الأوبيك تراقب حوالي 40? من الانتاج العالمي وهو ما يعادل 30 مليون برميل من مجموع 86 مليون برميل يوميا. وفي ظل هذه التحولات المعقدة تجد منظمة الأوبيك نفسها ملزمة بتنظيم السوق البترولية العالمية من خلال اتخاذ القرارات الصائبة والحاسمة ووجوب احترامها بالتنسيق والتفاهم الكلي مع الدول غير العضوة التي ستكون ممثلة في لقاء وهران ومن ثم الضغط بكل قوتها وثقلها حتى تسترجع السوق نظامها رغم البيئة الاقتصادية العالمية المتسمة بتدهور القدرة الشرائية وانخفاض الاستهلاك العالمي.