تحتضن الجزائر نهاية الشهر المقبل، ملتقى حول «التأمين والصيرفة الإسلاميين»، «صافي 2018»، يعد الأول من نوعه، وسيشكل فضاء يجمع كل الفاعلين في مجال المالية الإسلامية، سيطرحون أفكارا وتجارب في هذا المجال من أجل الوصول إلى تقديم اقتراحات وتوصيات، يرجى أن يتم أخذها بعين الاعتبار من طرف السلطات العمومية العاكفة حاليا على تحضير تشريعات لتأطير هذا النوع من التمويل ببلادنا. ولتقديم هذا الحدث، تم أمس، عقد ندوة صحفية من طرف المنظمين، تطرقوا خلالها إلى أهمية توسيع العروض المالية، بإقحام مبادئ الشريعة الإسلامية في المعاملات وتوفير منتجات إسلامية تستجيب للطلب المتزايد عليها، وهو ما من شأنه استيعاب جزء من الأموال المتداولة في السوق الموازية. في هذا الصدد، ذكر عضو «المجلس الإسلامي الأعلى» الذي يرعى الملتقى - الأستاذ محمد بوجلال، بالمشروع الذي أعده المجلس والذي قدم منذ سنة إلى رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أنه مشروع متكامل يضم سبعة محاور تخص كل الجوانب المتعلقة بهذا النوع من التمويل. إرادة سياسية لتطوير المنتجات الإسلامية وأكد الأستاذ بوجلال في تصريح ل»المساء» على أن «الإرادة السياسية على مستوى رئاسة الجمهورية موجودة لتطوير المالية الإسلامية بالجزائر»، مشيرا إلى أن رئاسة الجمهورية كانت سباقة إلى دعوة الحكومة للانفتاح عليها، وتطوير منتجات يمكنها استقطاب الأموال التي توجد خارج الدائرة الرسمية، بل وكذلك رؤوس الأموال الأجنبية التي باتت مهتمة بهذا النوع من التمويل. وأشار في نفس السياق إلى أن سوق الصكوك الإسلامية وحدها تبلغ 300 مليار دولار على المستوى العالمي»لم تستفد منها الجزائر، لأن منظومتها المالية لاتسمح بذلك»، حيث لا تمثل البنوك الإسلامية سوى 3 بالمائة من السوق البنكية عموما وأقل من 20 بالمائة في السوق البنكية الخاصة. جلب الاستثمارات الأجنبية عبر الصيرفة الإسلامية في نفس الاتجاه، أكد عز الدين غلام الله مدير مكتب «صافي» المتخصص في المالية الإسلامية بفرنسا، أن هناك طلب هام من طرف مجموعات مالية دولية للاستثمار في الصيرفة الإسلامية بالجزائر، التي يمكنها كما قال - الاستفادة من هذه الفرص، لاسيما في المرحلة الراهنة، معتبرا أنه عكس ما يعتقد، فإن استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة يمكن أن يتم عبر المنتجات الإسلامية، مشيرا إلى عروض من بنوك أوروبية للاستثمار في الجزائر بهذا المجال موجودة، إذ لا يتعلق الأمر بمستثمرين مسلمين فقط. وتأسف المتكون لكون الحديث عن فتح المجال للصيرفة الإسلامية «متكرر»، لكنه لايطبق ميدانيا، مؤكدا أن الجزائر التي كانت سباقة في اقتراح إنشاء بنك إسلامي في 1929، توجد اليوم في مؤخرة الدول المستفيدة من مزايا هذه «السوق العالمية» التي تطورت بشكل كبير في 50 دولة إسلامية وغير إسلامية. وعبر عن اقتناعه - وهو الباحث المعترف بكفاءته في مجال الصيرفة الإسلامية بأوروبا - بأن هذا الانتشار للمنتجات المالية البنكية راجع خصوصا لكونها «قدمت حلولا للأزمات المالية المتكررة في العالم، تفتقدها لممارسات المالية الكلاسيكية»، قائلا أن اعتراف صندوق النقد الدولي في 2017 بمبادئ المالية الإسلامية يعد دليلا على ذلك. وهو ما دفعه للتشديد على أن الجزائر لابد لها من «التفاعل مع هذا الحراك»، متمنيا أن يرى التشريع الذي يدأب «بنك الجزائر» على إعداده، النور في أقرب الآجال، ما سيسمح للبنوك العمومية بتوفير هاته المنتجات، «وهي التي تملك أكبر شبكة بنكية في البلاد». غياب نص قانوني لا يمنع من تطوير المعاملات الإسلامية المدير العام لبنك «السلام» ناصر حيدر لا يعتبر من جهته إقرار تنظيم تشريعي خاص، شرطا أساسيا لوجود معاملات بنكية إسلامية، موضحا أنه لا يمكن القول بأن الجزائر تفتقد تماما لهذا النوع من التمويل، بل هناك توسع في رقعة هذا النوع من المعاملات والتي أصبحت حسبه «محل اهتمام حتى البنوك التقليدية». وبالنسبة للمتحدث، فإن انتشار الممارسات وتموقعها ونموها هو الذي يدفع إلى وضع تأطير قانوني، أي أن وجود نصوص قانونية «ليست بشرط سابق لوجود المعاملات، فعندما تثبت الأخيرة قدرتها على التواجد وتنتشر، تخلق الحاجة إلى التأطير والضبط لإدارة مخاطرها وتداعياتها»، مؤكدا أنه لا يجب أن يصبح غياب القانون «حاجزا» أمام انتشارها، «وينبغي أن تترك للسلطات العمومية أريحية في التحضير للتشريع». ضرورة وضع «نموذج جزائري» خاص المدير العام ل»تراست» للتأمينات عبد الحكيم حجو، شدد في مداخلته على أن هذا التأطير يجب أن يكون ضمن «نموذج جزائري» يستجيب للحاجيات الوطنية وليس نابعا من تجارب بلدان أخرى، مطالبا بنظام حوكمة جديد لتسيير المؤسسات المالية التكافلية (مؤسسات التأمين الإسلامي). للإشارة، فإن الملتقى الذي سينظم يومي 24 و25 نوفمبر القادم بقصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة، يشرف عليه كل من مكتب الاستشارات «صافي» المختص في توزيع وتصميم منتجات التكافل والصيرفة الإسلامية وكذا الوكالة المتوسطية للتظاهرات والسياحة «ميد للأسفار- التي تعمل حسب مديرها إبراهيم جلواجي على ترقية «سياحة المعرفة». وستعرف التظاهرة مشاركة مسؤولين ومختصين من الجزائر ودول أخرى على غرار تونس، فرنسا، المغرب، السنغال، الإمارات العربية المتحدة، السعودية وذلك لعرض تجاربهم وكفاءاتهم في هذا المجال. وبالنظر لطبيعة المواضيع التي سيتم التطرق إليها، فإن المنظمين يريدون التركيز خصوصا على الجوانب العملية، من خلال تقديم الحلول الرامية إلى مرافقة السلطات العمومية والفاعلين في القطاع المالي في مساعيهم لإقامة صيرفة إسلامية، التي لا تزال في مراحلها الأولى ببلادنا.