حذر رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك، وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة المقاومة ضد الميكروبات، الدكتور محمد يوسفي، من "التطبيب الذاتي" الذي عرّفه باقتناء الأدوية لدى الصيادلة دون استشارة الطبيب، ودون أية وصفة طبية. مشيرا إلى أن هذه التصرفات أدخلت المجال الصحي في فوضى عارمة، بسبب المضاعفات التي قد يسببها الاستهلاك غير الضروري لبعض الأدوية. تنتشر في الجزائر ظاهرة كثيرا ما حذر منها خبراء الصحة، وهي الإقبال على الصيادلة لاقتناء أدوية دون استشارة طبية، الأمر الذي يهدد الصحة في حالة سوء استعمال تلك الأدوية. هذه الظاهرة تتردد في كل مرة لعلاج العديد من الأمراض التي يراها المرضى عابرة، على غرار الأنفلونزا، الإسهال، حرقة المعدة، مشاكل البشرة وغيرها من الأمراض الأخرى التي يعمد فيها المصابون بتلك الأعراض إلى اللجوء إلى الصيدليات لاقتناء أدوية دون استشارة طبيب أخصائي عن حدة حالاتهم، وعن العلاج المناسب لهم حسب السن أو وجود مرض مزمن أو حتى حساسية ضد مكون محدد، تحت مبررات وذرائع، أبرزها تجنّب ازدحام العيادات والمستشفيات وقدرتهم على تشخيص أمراضهم بالاستعانة بخبرات لحالات مشابهة لهم في الوسط الذي يعيشون فيه. رغم توصيات الهيئات الصحية في كل مناسبة إزاء مسألة التشخيص الذاتي وصرف الدواء من دون وصفة طبية، إلا أن الصيادلة من جهتهم، يؤكدون أن أكثر من ثلث مبيعاتهم اليومية تكون لأدوية تصرف من دون وصفة طبية، تتعلق بالأعراض الصحية الأكثر انتشارا. مع حلول فصل الشتاء، وموسم البرد الذي يصاحبه الأنفلونزا، تشتد هذه الظاهرة بالإقبال على الصيدليات أحيانا دون حمل حتى اسم الدواء الذي يريدون اقتناءه، ليعرضوا حالتهم على الصيدلي ويطلبوا منه دواء لعلاج حالاتهم. في هذا الخصوص، حدث محمد يوسفي "المساء" قائلا؛ "بعض المرضى يذهبون إلى أبعد من ذلك في بعض الأحيان، إذ يتوافدون على الصيدليات لاقتناء دواء لأمراض لا يستهان بها، كالأمراض المزمنة، أو حتى شدة الحساسية، وليس فقط لعلاج الحمى أو الإسهال أو الصداع، إذ يمكنهم اقتناؤها فقط بنصيحة من الصيدلي، وهنا الحديث يخص عادة بعض الأدوية التي تصنفها الوزارة الوصية ضمن قائمة الأدوية التي يمنع بيعها دون وصفة طبية يحررها أخصائي، بسبب أعراضها الجانبية التي قد تتحول من دواء إلى سم قاتل". حمّل الدكتور جزءا من المسؤولية الصيادلة الذين لا يحترمون هذا الأمر، خصوصا أنهم يدركون خطورة تسليم أدوية دون تشخيص مسبق من طرف أخصائي، سواء بالنسبة للأدوية التي لها آثار جانبية مضرة أو تلك التي تبدو بسيطة، غير أن سوء استعمالها ينعكس سلبا على صحة الفرد مستقبلا، على غرار المضادات الحيوية التي بفعل استهلاكها المستمر تصبح غير مقاومة، ويصعب حينها علاج بعض الأمراض المستعصية، بعدما تفقد الأدوية تأثيرها عليها. ذكر الأخصائي أن النصوص القانونية تمنع بيع عدد من الأدوية دون وصفات طبية، إلا أن بعض الصيادلة لا يحترمون ذلك، وعادة ما تكون دوافعهم بسبب الكسب، لأن غالبية المتوافدين على الصيدليات لا يحضرون وصفات طبية، كما أن استشارة الصيدلي بالمجان يكون مقارنة باستشارة الطبيب.