طوى عرّابو المبادرات السياسية التي شهدتها سنة 2018، صفحة "تأجيل وتمديد الانتخابات الرئاسية"، مفضّلين التعامل مع واقع المعطيات الجديدة التي توحي بتنظيم الموعد في آجاله الدستورية، خاصة بعدما مر مجلس الوزراء الأخير الذي ترأسه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، بشكل عاد دون أن يحمل "ما انتظره البعض من جديد"، وذكر بيان وزارة الدفاع الوطني لكلمة "اقتراب آجال الاستحقاق الرئاسي"، الأمر الذي بكون قد دفع رئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول، إلى تغيير موقفه والتذكير بمساندة حزبه للعهدة الخامسة ودعوته الرئيس بوتفليقة، إلى الاستمرار في الحكم"، فيما اعترف رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، بدوره بأن الاستحقاق القادم بات واقعا يجب التعامل معه، وأنه "ضد تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة" مرفقا موقفه بشروط واقتراحات. جاء تصريح عمار غول، رئيس تجمع أمل الجزائر "تاج" أول أمس، مغايرا تماما لما سبق وأن طرحه منذ أقل من شهر، عندما أخرج مبادرة "الذهاب إلى ندوة إجماع وطني"، وهي الفكرة التي كانت موضوع مؤتمره الأخير، اعتبرها الكثير من المتتبعين بأنها مستنسخة من مبادرتي حمس والأفافاس، كونه لم يأت بأي جديد في هذه المبادرة سوى التخلي عن فكرتي تدخل الجيش التي طرحها مقري، وإنشاء المجلس التأسيسي التي تضمنتها مبادرة حزب جبهة القوى الاشتراكية. ولم يجد عمار غول، أية تبريرات مقنعة يقدمها لمناضلي حزبه في تراجعه عن موقفه الخاص بالرئاسيات القادمة، سوى "تجديد دعوة الحزب لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للترشح لعهدة خامسة"، متفاديا الخوض في "فكرة التأجيل التي كان ينادي بها ويدافع عنها حتى وقت قريب". ويكون التراجع الذي صدر عن عمار غول، بشأن موضوع تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة، قد وضع حدا للجدل داخل قطب أحزاب التحالف الرئاسي، باعتبار أنه الوحيد في الأحزاب الأربعة الذي دعا إلى ذلك. والمنحى نفسه اتبعه رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، في تجمعه الأخير بالشلف، حيث أصبح يتعامل مع الانتخابات الرئاسية القادمة كواقع وليس كافتراض أو احتمال، قائلا بصريح العبارة إنه "ضد تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا في حال الاتفاق على صياغة دستور جديد وقانون جديد للانتخابات خلال مدة لا تتجاوز سنة، مع مشاركة جميع الأطراف الفاعلة في اختيار رئيس حكومة توافقي"، معلنا مرة أخرى بأن في هذه الحالة فإن للحركة مستعدة للتنازل على طموحاتها. وجاء تعامل الحزبين المذكورين مع الانتخابات الرئاسية القادمة، كواقع أكدته عدة معطيات ومؤشرات واقعية أهمها الظهور الأخير لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، وتوقيعه لقانون المالية 2019 في اجتماع مجلس الوزراء، أنهى الجدل الذي كان قائما حول موعد الرئاسيات، ولم يحمل ما كان البعض ينتظره من قرارات "افتراضية" تم تداولها منذ أزيد من شهر، حول "تأجيل الانتخابات الرئاسية وحل للبرلمان وتعديل الدستور وغيرها من الأفكار التي طرحت في الساحة السياسية". في المقابل رأت التشكيلات المعنية فيما تضمنته رسالة "الوعيد" التي وجهها نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق قائد صالح، إلى فئة من متقاعدي الجيش الوطني الشعبي التي لا تتوان في تحليلاتها الإعلامية في إقحام المؤسسة العسكرية في السياسة، تأكيدا على أن الانتخابات الرئاسية ستنظم في وقتها بالنظر إلى أن الرسالة المذكورة تضمنت عبارة "مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي"، وهو ما فهم منه أن تأجيل الانتخابات أمر غير وارد. كما تنسجم هذه المعطيات مع تصريحات منسّق الهيئة المسيرة لحزب جبهة التحرير الوطني، معاذ بوشارب، الذي أكد في آخر ظهور له أن الفصل في الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون باستدعاء رئيس الجمهورية، للهيئة الناخبة في الآجال القانونية المنصوص عليها في قانون الانتخابات، مجددا التأكيد على أن قرار ترشح الرئيس بوتفليقة، لعهدة جديدة يعود له وحده.