مرت سنة كاملة بحلوها ومرها ... وتركت أثرها العميق في ذات كل واحد منا ... لم تستشرنا بقدومها ولم تستشرنا أيضا برحيلها، إنها لعبة الحياة المتجددة، فمع كل رحيل حكاية ومع قدوم العام الجديد حكاية جديدة أيضا ... لسنا نعرف ما الذي تحمله السنة الجديدة من أشياء ... كما لم نكن نعرف في السنة الفارطة أشياء قبل قدومها إلا أن الأكيد هو أنها ستحمل الكثير من الأمور التي قد تكون شبيهة بسابقتها وأخرى بعيدة كل البعد عنها... لكن الشيء الذي نعرفه جيدا هو التجارب العديدة والدروس المجانية التي قدمتها لنا الحياة، ربما كانت قاسية ومريرة بطعم المر والعلقم، وربما كان بعضها شهدا ينقط عسلا لكن المهم أن الحدث الذي نعتبر منه كان ولا يزال موجودا في وجداننا في أعماق فكرنا سواء في الجزء الواعي منه أو اللاواعي (اللاشعور) الذي يطفو دوما ويطاردنا في كل الأماكن بطرق مختلفة خصوصا إذا تغذى من الندم الذي يعصر صاحبه دوما ... وهو الذي يدفعنا للتساؤل هل استفدنا من التجارب السابقة ؟ هل حققنا مكاسب هامة في حياتنا ؟ هل قمنا بمهامنا على أحسن وجه ؟ هل كنا في مستوى الثقة والتحديات؟ والاهم هل اجتزنا المرحلة بسلام بدون شروخ أو جروح في قلوب الغير؟ إنها مجموعة الأسئلة الهامة التي يجب أن تطرح أمام طاولة الفكر تلك القوة الفعالة التي وهبها الله للبشر للعيش في أحسن الظروف .... اليوم ونحن نقطع الحدود الفاصلة بين الماضي القريب والغد السعيد - طبعا وفق إرادة الفرد - يجب أن نحاسب أنفسنا بعنف وبلا هوادة هل أنا أب أو أم استحق تلك الكلمة الذهبية التي تخرج من شفاه أبنائي وهل فعلا أنا في مستوى إعداد وتربية أبناء أصحاء نفسيا وجسديا واجتماعيا، هل استطعت فعلا حصر المفاهيم المختلفة للتربية والتي تكون الأسرة قاعدة أساسية لها، هل أنا متابع جدي للتحصيل العلمي لأبنائي... وهل احترمت ضعفهم في بعض المواد وعملت على مساعدتهم للخروج من هذه الأزمة دون تعنيفهم آو تعريضهم للعقاب الجسدي عند ظهور النتائج ؟ هل أنا مراقب حقيقي لهم ومركز أمان وحنان أحميهم من الاعتداءات المختلفة التي تترصد بهم وسط وحوش آدمية لا ترحم همها الوحيد إشباع رغباتها الحقيرة وإفراغ سمها في جسد الأبرياء؟ كما أننا مضطرون لمراجعة أنفسنا حيال الثقة التي تعتبر عصبا حيويا في العلاقات وحتى مع الذات فكلما كان مستواها مرتفعا لدى الشخص استطاع أن يجتاز العقبات ويمحق الصعوبات ، ولا يجوز أن تغمض العين قبل أن نتساءل هل نحن في مستوى الثقة المهنية، الزوجية، العاطفية، الإنسانية والاجتماعية؟ هل كنا في مستوى كلمة الشراكة أم لا ؟ أين وصلنا في تحقيق أحلامنا وآمالنا، هل مازال الحلم حلما أو ترعرع... هل تخلصنا من التردد والخوف الذي يعيقنا في المضي قدما نحو الأحسن؟ هي أسئلة محركة للمضخة الوجدانية .... لا بأس إذا لم تنتبه إلى كل هذا من قبل، لكن الأكيد أن أي خطأ يكلف صاحبه ثمنا باهضا جدا، ومع هذا لا بأس فالحياة مستمرة ويمكنك تصحيح الأخطاء أو تجاوزها أو عدم تكرارها مادمت خليفة الله في الأرض وزينتك هي عقلك، وكل عام وانتم بخير.