تفاقمت المأساة الإنسانية في قطاع غزة بدرجة تنذر بحدوث الأسوأ في ظل استمرار سقوط أعداد لا تحصى من الشهداء والجرحى من المدنيين العزل مع كل غارة وقصف تشنه آلة التقتيل الإسرائيلية منذ اثني عشر يوما. وواصلت المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية تحذيراتها من حدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة بعدما عجزت المستشفيات عن إسعاف الجرحى وضاقت المقابر بالشهداء وتناثرت أشلاء وجثث الشهداء من أطفال ونساء ورجال في الطرقات والشوارع وسالت دماء الجرحى على الأرصفة. ونقل جون كينغ رئيس الوكالة الأممية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانوروا" بشاعة المشهد المروع في قطاع غزة ووصفه بالمأساة الرهيبة التي تزداد سوءا في كل لحظة يتواصل فيها القصف الإسرائيلي العشوائي والهمجي على كل شيء في غزة التي انهارت مبانيها ومنشآتها وتحطمت جسورها وطرقاتها وتحولت إلى أرض منكوبة انعدمت فيها كل مقومات الحياة من غذاء ودواء وماء وكهرباء... وعبر المسؤول الأممي عن صدمته لما رآه وسمعه في مستشفى الشفاء الذي يعد المركز الصحي الرئيسي في قطاع غزة خلال زيارة قام بها إليه. وقال وعلامات الصدمة من هول ما شهده بادية على ملامح وجهه انه "من غير المعقول ما يحدث لقد صدمت لما رأيته، فقد بلغنا مرحلة أصبحت فيها اللاإنسانية ظاهرة ومروعة بسبب خطورة الإصابات وتنوعها". وأكد المسؤول الأممي أنه في ظل استمرار القصف الإسرائيلي الذي لا يفرق بين ما هو مدني وما هو عسكري لم يعد هناك مكان آمن في قطاع غزة يأوي إليه المدنيون المفزوعون والفارون من نيران المدفعية والطائرات الحربية الصهيونية. ووجه دعوة إلى المسؤولين في قطاع غزة وإسرائيل والمنطقة والعالم أجمع الى تحرك عاجل من اجل وضع نهاية لأبشع مجزرة تقترفها آلة الحرب الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني منذ عقود. وكان كبير مسؤولي الإغاثة بالأممالمتحدة في غزة أكد أول أمس أن القطاع "يعيش أزمة إنسانية بكل المقاييس" بسبب الحصار الاقتصادي ثم العدوان العسكري الذي دخل يومه الثاني عشر. وقال ماكسويل غيلارد منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أن "عددا كبيرا من الفلسطينيين بينهم الكثير من الأطفال يعانون من الجوع والبرد ولا يستطيعون الوصول إلى المراكز الطبية وليس لديهم كهرباء ولا مياه للشرب وفوق كل شيء يشعرون بالذعر وهذا بكل المقاييس أزمة إنسانية". وأضاف أن "هناك مناخا عاما من الذعر وأن شبح النزوح الداخلي يزداد، حيث يبحث عدد متزايد عن مأوى وبالفعل هناك عدة آلاف من المدنيين في سبعة ملاجئ تابعة لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". والمؤكد أن النداء والدعوات الملحة لوقف أبشع مجزرة تشهدها الإنسانية ونحن في الألفية الثالثة لن يلقى آذانا صاغية لدى إدارة تتلذذ بتقتيل الفلسطينيين ويبدو أنها تسعى لإبادة سكان غزة وهي ماضية في فعل ذلك بعدما أصبح المدنيون ومنازلهم هدفا لقذائف مدفعيتها وطائراتها وبوارجها الحربية. ولم تستثن آلة الحرب الصهيونية المستشفيات والمدارس التي اتخذتها المنظمات الدولية مكانا يؤوي إليه المدنيون للاحتماء من نيران الصواريخ والقنابل المتهاطلة على رؤوسهم في كل مكان. فقد استشهد خمسة فلسطينيين في قصف استهدف ليلة الإثنين إلى الثلاثاء مدرسة تابعة لمنظمة الأممالمتحدة كانت تؤوي حوالي 450 فلسطينيا من أطفال ونساء وعائلات انهارت منازلها ووجدت نفسها من دون مأوى. واستنكرت الاونروا بشدة هذه الحادثة وأكد كريستوفر غينيس المتحدث باسمها أن المدرسة المستهدفة كانت واضحة بأنها مبنى تابعا لمنظمة الأممالمتحدة وتحمل أعلام هذه الأخيرة. ودعت الوكالة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة إلى فتح تحقيق فوري ونزيه في الحادثة. كما قصفت الدبابات الإسرائيلية أمس مستشفى الدرة التخصصي للأطفال في منطقة حي التفاح في مدينة غزة بعدة قذائف. وأكد مصدر طبي فلسطيني أن المستشفيات والطواقم الطبية والمراكز الصحية في القطاع تعمل دون كلل وعلى مدار الساعة رغم الأعباء والتعب والمخاطر التي يتعرض لها المسعفون جراء استهدافهم من قبل الطائرات الحربية.