يزداد الوضع الإنساني في قطاع غزة تفاقما مع مرور كل يوم على حرب إسرائيلية متواصلة على هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية منذ قرابة الأسبوعين وسط تصاعد الأصوات المطالبة بحماية المدنيين الذين طالتهم آلة القصف الصهيونية حتى وهم في الملاجئ المحمية دوليا. وينبئ الوضع العام في قطاع غزة بحدوث كارثة على جميع الأصعدة إنسانية وصحية وبيئية بكل المقاييس وغير مسبوقة في تاريخ البشرية في ظل استمرار القصف العشوائي الإسرائيلي لكل شيء دون تمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية وحتى تلك التابعة لمنظمة الأممالمتحدة والتي كان يجب أن تكون ملاجئ آمنة للمدنيين الفلسطينيين المذعورين والفارين من نيران المدفعية الإسرائيلية. ومع ارتفاع حصيلة الشهداء أمس إلى أكثر من 700 شهيد نصفهم من الأطفال والنساء ناهيك على عدد الجرحى الذي تجاوز الثلاثة آلاف بقيت المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع عاجزة على استيعاب الكم الهائل من المصابين وتقديم الإسعافات الأولية بعدما انعدمت الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية وأصبحت الطواقم الطبية والمسعفين عرضة للقصف العشوائي الإسرائيلي. وقد ذكرت مصادر إعلامية أنه ورغم البؤس الذي يتخبط فيه الغزاويون فإن حركة إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة تميزت بالبطء بحيث تم السماح لأربع شاحنات فقط بالدخول، واحدة كانت محملة بالمواد الغذائية تعتبر الثانية من نوعها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة. وفي ظل هذا الوضع الإنساني المأساوي لم يسلم من بشاعة الحرب الإسرائيلية على شعب أعزل موظفو المنظمات الإنسانية الذين يوفر لهم القانون الدولي الحماية اللازمة في أوقات الحرب والنزاعات قصد السماح لهم بأداء مهامهم الإنسانية بحيث لقي موظف في منظمة إنسانية مصرعه ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء إثر قصف إسرائيلي على قطاع غزة. واستنكرت المنظمة الإنسانية التي يتواجد مقرها بمدينة جنيف السويسرية استشهاد موظفها محمد إبراهيم سموني المكلف ببرنامجها لتوزيع المساعدات الغذائية في القطاع. وأكدت أن هذه الحادثة تعتبر دليلا قاطعا على أن إسرائيل لا تستثني في عدوانها المدنيين العزل مما يدحض ادعاءاتها في أنها تستهدف فقط المقاومين الفلسطينيين وأنه لا يوجد لديه مشكل مع الشعب الفلسطيني. وكان 40 طفلا استشهدوا في قصف إسرائيلي استهدف أول أمس مدرسة تابعة لوكالة غوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الانوروا" الأممية كانت تأوي حوالي 450 فلسطينيا ممن احتموا بداخلها من نيران الصواريخ الإسرائيلية المتساقطة على مساكنهم وأحيائهم لكن الراية الأممية التي ترفرف فوق المدرسة لم تمنع إسرائيل من تنفيذ جريمتها. يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه البنك العالمي في تقرير له صدر أمس من أن أكثر من 10 ألاف فلسطيني في قطاع غزة مهددين بالغرق في مياه الصرف بعدما تعطلت المضخات عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وتضررت المجاري من القصف العشوائي الصهيوني الذي لم يستثن أحدا. وأمام هذا المشهد المروع طالبت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي أمس إسرائيل بالسماح بتخصيص معبر حر للمنظمات الإنسانية النشطة في القطاع قصد تمكينها من إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من مليون ونصف مليون شخص محاصرين بالتجويع وبنيران المدفعية الإسرائيلية. وجاء في بيان وزارة الخارجية التشيكية أن غزة بحاجة ماسة إلى المواد الأولية من غذاء وماء وكهرباء. ولم تقتصر النداءات والدعوات الملحة بالمطالبة بفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية فقط بل طالبت أيضا بالسماح لوسائل الإعلام الدولية للدخول إلى قطاع غزة قصد رفع التعتيم الإعلامي الذي تسعى إسرائيل من خلاله للتغطية على جرائمها المقترفة في حق أطفال ونساء ورجال غزة. وانتهزت منظمة "براس اومبلام كومبان" فرصة عقد مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأممالمتحدة لدورته الطارئة حول الوضع في غزة لمطالبته بتبني إعلان يدعو أطراف النزاع في أي منطقة كانت إلى فتح معابر آمنة للإعلاميين على غرار تلك التي تخصص لمرور المساعدات والعاملين في المجال الإنساني.