* email * facebook * twitter * linkedin تعيش أغلبية أحزاب الموالاة التي سارت في طريق دعم العهدة الخامسة للرئيس المستقيل، عزلة سياسية شبه تامة، دفعتها لقطع نشاطها الميداني، والاكتفاء بالبيانات في التعبير عن المواقف والآراء حول المستجدات والتطوّرات الحاصلة في الساحة الوطنية، على غرار التجاوب مع الخطابات الواردة عن رئيس الدولة السيد عبد القادر بن صالح ورئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الفريق قايد صالح، متأثرة بالدرجة الأولى بسلسلة المتابعات القضائية والتحقيقات التي طالت قادة بعضها كأحمد أويحيى وعمار غول وعمارة بين يونس، واستمرار الرفض الشعبي لها، على الرغم من محاولات الأفلان كسر القاعدة وسعيه التقرب من الحراك الشعبي، من خلال تقديم منسق هيئة تسييره سابقا، رئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب قربانا، لبلوغ مبتغاه. هذه الأحزاب السياسية التي صنعت لنفسها تعريفا يلحقها بالجهاز التنفيذي ومؤسسات الدولة خلال العهدات المتتالية للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، تعوّدت في السابق على النشاط المكثف والمتواصل والتفاعل مع الأحداث الوطنية، عبر تنظيم ندوات صحفية وتحسيسية للترويج للقرارات والمواعيد الهامة ومحاولة إقناع الرأي العام الوطني بجدواها، إلا أن التطوّرات السياسية التي فرضها الحراك الشعبي الحاصل في البلاد ألزمها في الفترة الأخيرة الاكتفاء بالتعليقات المحتشمة الواردة بالبيانات المنشورة على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعقيب وإبداء الموقف من الأحداث الوطنية الهامة، مثلما حصل، مؤخرا، مع الدعوة التي وجهها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح إلى الفعاليات الوطنية من أجل حوار شامل، وقبلها دعوة قيادة الجيش الوطني الشعبي التي جدّدتها افتتاحية مجلة الجيش التي تؤكد هي الأخرى على أن الحوار هو السبيل الأكفل للخروج من الأزمة، حيث تعاملت معها الأحزاب المذكورة على غرار التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية الجزائرية وحزب تجمع أمل الجزائر ببيانات مقتضبة. إن بدا جليا تأثر هذه الأحزاب الثلاثة، التي طالما كانت في مقدمة المباركين لأي مشروع تطرحه السلطة في الجزائر، بالرفض الكبير الذي واجهته ولا تزال تواجهه من قبل الحراك الشعبي، إلا أن أكثر شيء أجبرها على العزلة واختيار التحرك من وراء البيانات، هو المتابعات والتحقيقات القضائية التي تطال قادة هذه الأحزاب والمرتبطة بقضايا الفساد التي فتحت العدالة ملفاتها في إطار تلبية مطالب الحراك الشعبي. ويتقدم هؤلاء الأحزاب التجمّع الوطني الديمقراطي، وأمينه العام أحمد أويحيى، الذي كان أول شخصية سياسية تدخل العزلة السياسية، منذ تقديمه لاستقالته من الوزارة الأولى، حيث شدّد في لقاءات عقدها مع المنسقين الولائيين وكذا شباب وإطارات حزبه، على "ضرورة تجنّب النشاط الميداني والتوجه نحو الأرياف والذوبان في الحراك الشعبي، تكيّفا مع متطلبات ومستجدات المرحلة الراهنة". وفضل الأرندي، عدم الظهور والابتعاد عن الواجهة تجنّبا للمزيد من الهجمات، حيث لم يغامر الأمين العام للحزب، بالنزول للميدان أو الظهور في أي تجمّعات شعبية أو حتى في وسائل الإعلام لدعم جهة على حساب أخرى، مفضلا العزلة عن المواجهة التي تعقّد الأمور أكثر عليه وعلى حزبه. من جهتها، الحركة الشعبية الجزائرية، لم تتفاعل مع الأحداث الوطنية التي شهدتها الجزائر في الأشهر الأخيرة سوى بالبيانات المقتضبة، بسبب رفض الحراك الشعبي لها ولأمينها العام عمارة بن يونس ، فضلا عن استدعائه هو الآخر من قبل القضاء في إطار التحقيق حول قضايا فساد. أما حزب تجمّع أمل الجزائر، فلم يكن مصيره أحسن من مصير شركائه فيما كان يعرف سابقا بأحزاب التحالف الرئاسي، فلا ندوات صحفية ولا نشاطات مثلما تعوّد عليه في السابق، متأثرا هو الآخر بنفس الدواعي التي حملت شركاءه للعزلة السياسية. في المقابل حزب جبهة التحرير الوطني، الذي عرف كيف يساير التطوّرات السياسية الحاصلة على الساحة الوطنية، بتطوّرات داخلية، سايرت مطالبة الحراك الشعبي بالتغيير من خلال مسارعته هو الآخر إلى إحداث تغييرات والتبرؤ من تصرفاته قادته السابقين، كانت لقياداته الجديدة الممثلة في الأمين العام محمد جميعي الشجاعة في كسر حاجز الخوف، من خلال الاعتراف وطلب الصفح من جهة، وتكريس ذلك عبر السعي إلى التضحية برئيس المجلس الشعبي الوطني معاذ بوشارب، الذي يطالب الحراك برحيله ضمن رفضه ل«الباءات" الثلاثة. والمؤكد أن الأحزاب التي كانت محسوبة على الموالاة تراجعت إلى الصف الأخير في النشاط الميداني الحزبي، مادامت لم تتخلص بعد من عقدة الرفض التي تطاردها من قبل الحراك الشعبي، عكس أحزاب المعارضة السياسية التي فرضتها التطوّرات الحاصلة والحاجة إلى إيجاد مخرج للأزمة كقوة فاعلة من شأنها الإسهام في الحل الذي قد يحقق التوافق المنشود ولو نسبيا.