* email * facebook * twitter * linkedin أكد عضو السلطة الوطنية للانتخابات، ومن الشخصيات الوطنية التي رافقت أهم التحولات السياسية التي شهدها الحراك الشعبي حسن زغيدي، في تصريح ل"المساء" أنه مع حلول الذكرى للأولى للحراك الشعبي المصادف لتاريخ 22 فيفري، فإن جميع المطالب التي رفعت قد تحققت، مشيرا أن التعديل الدستوري القادم سيعمق تلك المكاسب ويعمق الممارسة الديمقراطية ودولة الحق والقانون، معتبرا الحراك الجزائري استثناء عالميا بحكم سلميته التي لم تشهدها حتى أعرق الديمقراطيات بفضل وعي الشعب واللحمة التي تربط جميع مكوناته من جهة، والدور الحكيم والمتبصر الذي لعبه الجيش الوطني الشعبي من أجل إخراج الجزائر من الأزمة دون إراقة قطرة دم واحدة. وأوضح حسن زغيدي، أنه بمرور الذكرى الأولى على انطلاق الحراك السلمي يوم 22 فيفري، تكون "جميع المطالب التي رفعت في الحراك الشعبي قد تحققت وتجسدت في شكل مكاسب ميدانية افتكها الجزائريون الذين خرجوا إلى الشارع من أجل إسقاط منظومة حكم فاسدة وفاشلة عجزت عن قيادة البلاد وفق تطلعات الشعب الجزائري وآماله المشروعة". كما ذكر المتحدث، باعتباره أحد الشخصيات التي ساهمت في دعم جولات الحوار التي عقدتها لجنة الوساطة والحوار التي كان يقودها السيد كريم يونس، مع الفعاليات السياسية والمدنية والشبانية، بأهم المميزات التي طبعت الحراك وهي "السلمية، التضامن الشعبي، التأطير الأمني والوعي السياسي العالي للمواطنين"، مؤكدا أن أغلب المطالب التي رفعها الحراكيون تجسدت على أرض الواقع في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني. نسف العهدة الخامسة والإطاحة برموز النظام السابق وعدّد السيد زغيدي، في هذا السياق المطالب التي افتكها الشعب وذكر في مقدمتها الإطاحة بمنظومة حكم فاسدة حكمت الشعب بدون إرادته عبر التزوير الانتخابي، وسطت على جميع مقدرات البلاد وخيراتها ونهبتها بوضع تشريعات على مقاس أذرعها المالية، وعلى هذا الأساس نفست الإرادة الشعبية العهدة الخامسة ومعها منظومة الحكم الفاسدة، ولم ترض بأية حلول تأتي على يد من وصفهم الشعب ب"العصابة"، حيث تمسك بخيار الرحيل الجماعي الذي عبّر عنه بشعار صدحت به حناجر الحراكيين الذين رددوا بصوت واحد "تتنحاو قاع"، فكان الرحيل لزمرة الحكم من الرئيس السابق للجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، إلى شقيقه المستشار وإطارات سابقة في جهاز المخابرات، والوزير الأول أحمد أويحيى، إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق معاذ بوشارب، والأغلبية الساحقة من الإطارات السامية في الدولة ومستشارين تساقطوا مثل أحجار "الدومينو" الواحد تلو الآخر. وتواصلت حملة الإطاحة برموز الفساد أفقيا وعموديا فكانت عملية تطهير شاملة لرؤوس الفساد والمفسدين، فجاءت الاستقالات والإقالات متتالية تهدئة للأجواء من أجل جزائر طامحة للتغيير ومتطلعة لدولة بدون فساد، ولا تكون للعصابة فيها يد في إدارة الشأن العام خارج الإرادة الشعبية. العدالة تطيح بالذراع المالي للعصابة أما المطلب الثاني والمهم الذي يؤكد زغيدي، أنه تحقق فيتمثل في العقاب والقصاص، حيث استجابت العدالة التي تحررت من الهاتف لنداء الشارع الذي كان يردد في كل جمعاته عبارة "كليتو لبلاد يا سراقين"، فلعبت العدالة دورها الكامل وهي التي ظلت لعقود مكبلة بعيدة عن سلطان القانون رغم الأدلة التي كانت بين أيديها. وشكلت مرحلة محاكمة رؤوس منظومة الحكم الفاسد في نظر حسن زغيدي، نقطة تحول جد هامة في تاريخ الجزائر المعاصرة من أجل استعادة الثقة المهدورة، حيث لم يسبق أن تمت محاكمات بتلك الصورة التي شهدها الشعب الجزائري، وفتحت للأول مرة أروقة العدالة للشعب من أجل رؤية مسؤولين سامين في الدولة وهم يساءلون من قبل النائب العام بمحكمة عبان رمضان، كغيرهم من المواطنين، موقف يقول المتحدث لم يكن الجزائريون يحلمون أن يروه يوما لكن رغم ذلك وقفوا عليه، وشاهدوا شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، بلباس السجين والوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزراء في الحكومة والذراع المالي للعصابة، يساقون مكبلي الأيدي نحو المحكمة للمساءلة. ولا يزال الشعب الجزائري يسمع يوميا بجديد حملة مكافحة الفساد من خلال المتابعات القضائية المتواصلة فتمس المنتخبين المحليين والبرلمانيين والوزراء وغيرهم من الإطارات الأخرى الضالعة في الفساد عبر محاكم الجمهورية. لجنة الوساطة للم الشمل وبناء تصور الجزائر الجديدة وشكلت لجنة الحوار والوساطة التي نصبها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، حسب الدكتور حسن زغيدي، لبنة أخرى في مسار بناء الجزائر الجديدة، والتي قادها الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني كريم يونس، من أجل الإشراف على جولات الحوار مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية المعارضة وممثلي المجتمع المدني وجميع الفئات المهنية والاجتماعية الممثلة في الحراك، لتسجيل اقتراحاتها وتصوراتها حول الحلول التي تراها ممكنة من أجل إخراج الجزائر من أزمتها السياسية. ويعترف الأستاذ زغيدي، الذي كان عضوا بارزا في جولات الحوار التي قادتها لجنة كريم يونس إلى جانب شخصيات تقنوقراطية وخبراء قانونيين، بصعوبة مهمة لجنة الحوار التي تحملت العديد من العصاب وتعرضت لحملات تشويه، لكنها صمّت آذانها عن كل ذلك من أجل الجزائر ومن أجل أن تبقى الدولة الجزائرية واقفة ولا تنهار، والدليل أن الكثير من الشباب الرافض لمسعى الحوار والمشكك في مسعاه ونتائجه كان يطوق اللجنة خلال استضافتها لشخصيات وطنية باحتجاجات رافضة، ورغم ذلك كان الصمود هو السمة الغالبة على أعضاء اللجنة الذين كان عزاؤهم الوحيد هو الصبر. السلطة الوطنية للانتخابات لحماية خيار الشعب وتجسد مطلب نزاهة الانتخابات وشفافيتها خارج تدخل الإدارة وعلى رأسها وزارة الداخلية والجماعات المحلية، من خلال ميلاد ما يعرف بالسلطة الوطنية للانتخابات التي أسندت رئاستها إلى القاضي محمد شرفي، وشكل طاقمها من كفاءات وطنية وشبانية وطلابية وتمت فيها مراعاة التوازن الجهوي في تركيبتها، هذه الأخيرة كانت مهمتها الأساسية حماية الإرادة الشعبية من التزوير الانتخابي الذي طالما لازمها لعقود. وصممت السلطة الوطنية للانتخابات حسب عضوها حسن زغيدي قانونا خاصا بها يضمن شفافية الانتخابات ونزاهتها عبر آليات قانونية، وكان للسلطة فروع ولائية وبلدية غير متحزبة ولا تمت بصلة للإدارة. المرحوم الفريق قايد صالح حمى الحراك والمؤسسات ولم يفوّت الأستاذ زغيدي، المناسبة ليذكّر بالدور الكبير الذي لعبته مؤسسة الجيش الوطني الشعبي لحماية الحراك الشعبي وتأطيره، مستلهما ماضيه التاريخي باعتباره سليل جيش التحرير الوطني، فاختار الانحياز إلى الإرادة الشعبية بدل العصابة وهذا لكون تركيبته من أبناء الشعب، فتجسد ذلك في العبارات التي هتف بها الحراكيون "جيش شعب خاوة خاوة" عبارة تلقفها الجيش الوطني، والتزم المرحوم الفريق قائد أركان الجيش الوطني الشعبي ونائب وزير الطفاع الوطني الفريق أحمد قايد صالح، بتحقيق الطموحات الشعبية دون إراقة قطرة دم واحدة. وأكد الأستاذ زغيدي، في هذا الصدد أن المرحوم الفريق "اتخذ قرارات تاريخية ومبادرات شجاعة نادرا ما تقوم بها المؤسسات العسكرية التي على العكس من ذلك تقمع شعوبها عندما تنزل للشارع، فقرر حماية الشعب وتحقيق جميع مطالبه في إطار الدستور، فحيد العصابة وطبق المادة 102 من الدستور التي تعلن شغور منصب الرئيس بسبب العجز، وتم تعيين رئيس مجلس الأمة ريئسا للدولة خلفا للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ثم مضى في تطبيق المسار الدستوري رغم صعوبته ورفضه من قبل البعض، حيث وضع نصب عينيه المادتين 7 و8 من الدستور بإرجاع الإرادة للشعب التي تجسدت ميدانيا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية يوم 12 ديسمبر 2012". مؤكدا أن الشعب رد له الجميل والعرفان الذي تجلى في جنازته التي عرفت تشييعا تاريخيا ودرسا في تلاحم الجيش والشعب اللذين كان ولاؤهما للوطن وليس للعصابة. الدستور القادم سيعمّق الإصلاحات وبالنسبة للمطالب السياسية والاقتصادية فالعمل جار على تحقيقها يؤكد الأستاذ زغيدي، من خلال الورشات الدستورية السبع التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، والتي ستعمق الإصلاحات التي جاءت بفضل الحراك الشعبي في جميع المجالات، مشيرا إلى أن الدستور القادم سيؤسس لجزائر جديدة وفق الرسالة النوفمبرية التي تعد القاسم المشترك للشعب الجزائري. وفيما اعترف المتحدث بحق من بقى من عناصر الحراك في التظاهر دعاهم إلى المشاركة في مرحلة البناء لأن الجزائر تتسع للجميع، وأنه بفضل الحوار ترتقي الشعوب وتتطور وتتقدم، موضحا أنه من الحكمة التنازل أحيانا من أجل مصلحة الوطن والشعب.