* email * facebook * twitter * linkedin أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أن "مصداقية" الدبلوماسية الجزائرية و«نزاهتها" تؤهلانها للعب دور الوسيط في حل مختلف الأزمات والقضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الملف الليبي، في حين أشار بشأن العلاقات مع المغرب وإمكانية فتح الحدود، إلى أن "زوال المرض لن يتأتى إلا بزوال أسبابه ،حيث لم يسجل على الجزائر يوما ما أن شتمت المغرب أو شعبها". أما في ما يتعلق بموقف الجزائر من القضية الفلسطينية، فقد أوضح أن موقفها يظل مبدئيا ولم يتغير منذ أجيال، حاثا الفلسطينيين على توحيد الصفوف لتجاوز "حالة التشرذم" التي تعيشها فلسطين وحتى الدول العربية. وقال السيد تبون في حوار مع قناة "روسيا اليوم"، إن جهود الجزائر الدبلوماسية لتسوية النزاعات تنبع من مبادئها الراسخة، المستلهمة من ثورة أول نوفمبر المجيدة، كما أنها لا تطلب مقابلا أو تعويضا عن ذلك، في حين أوضح في رده على سؤال بشأن عودة الدبلوماسية الجزائرية إلى الواجهة من خلال نشاطها المكثف في الفترة الأخيرة، أن الجزائر "تحوز في هذا المجال، رصيدا تُحسد عليه، لاسيما ما تعلق بالوساطة بين الفرقاء، وذلك منذ الاستقلال". وتابع قائلا: "أعتقد اليوم أن عودة الدبلوماسية الجزائرية هي مطلب شعبي نابع من إيمان متأصل؛ من أجل لمّ شمل الفرقاء والأشقاء بالأخص (...) فمن الصعب علينا أن نرى شعبا عربيا يتألم ونحن موجودون، والشأن نفسه بالنسبة للشعوب غير العربية، حيث سبق للدبلوماسية الجزائرية أن تدخلت في العديد من القضايا التحررية عبر العالم (تيمور الشرقية، ساوتومي وبرانسيبي، الميز العنصري في جنوب إفريقيا، القضية الفلسطينية، الصحراء الغربية وصولا إلى الملف الليبي". وفي هذا الإطار، أبرز رئيس الجمهورية أن مساعي الجزائر لحل الأزمة التي تعيشها ليبيا، "نابعة من القواسم المشتركة التي تجمع البلدين والشعبين مثل اللغة والدين والجوار، وأيضا استنادا إلى رصيد لا يمكن للجزائريين نسيانه، يتمثل في وقوف الشعب الليبي إلى جانب الشعب الجزائري خلال الثورة التحريرية". وفي هذا السياق، أكد الرئيس تبون بشأن الزيارات الأخيرة للعديد من المسؤولين الأجانب إلى الجزائر، أكد أن بلادنا "تقف على مسافة واحدة من كل الفرقاء وكل المتدخلين في أي قضية انطلاقا من مبدأ عدم انحيازها"، لافتا إلى أن "من يرغب في لعب دور الوسيط ينبغي له أن لا ينحاز لأي طرف". وقال إن "كل المتدخلين في هذه القضية أشقاء وأصدقاء، على غرار مصر والإماراتوروسياوتركيا"، مشيرا إلى أن الجزائر "مؤهلة لأن يصل صوتها إلى الأصدقاء والأشقاء، وهمها الوحيد في ذلك هو إيقاف نزيف الدم في هذا البلد الشقيق، وإيقاف المأساة التي يعيشها بدون أن تكون لديها أطماع سياسية أو اقتصادية أو توسعية". الجزائر لن تُجرّ إلى أي سياسة لا تختارها وبخصوص تركيا قال رئيس الجمهورية: "لدينا علاقات قوية جدا مع هذا البلد تمتد لقرون، وستستمر، غير أن الجزائر لن تُجرَّ إلى أي سياسة لا تختارها"؛ فسياسة بلدنا - يضيف الرئيس تبون - "نحن من يختارها ولا تُفرض علينا من أيٍّ كان". وعن الزيارة المرتقبة لأمير دولة قطر إلى الجزائر، أكد الرئيس تبون قائلا: "نحن لا ننتظر المقابل لا من الأشقاء في قطر ولا من الإمارات ولا من السعودية أو من مصر ولا حتى من الأصدقاء الآخرين"، مبرزا أن "أمير قطر شقيق، وهو مرحب به". وأضاف في هذا السياق قائلا: "كنت سأزور المملكة العربية السعودية، غير أن كثافة الرزنامة الداخلية من خلال فتح العديد من الورشات، كانت وراء تأجيل الزيارة إلى هذا البلد الذي نكنّ له كل المحبة". وبشأن العلاقات مع المغرب أكد رئيس الجمهورية أن الشعب الجزائري "يكنّ مودة خالصة لشقيقه المغربي"، مذكرا في هذا الإطار بأجواء الفرحة التي عاشتها مختلف المدن المغربية عند فوز الجزائر بكأس أمم إفريقيا لكرة القدم الأخيرة بمصر، وهي الأجواء ذاتها التي عاشها الشعب الجزائري. وبخصوص الحدود ذكر الرئيس تبون أنها "أُغلقت كرد فعل، وكانت للمرة الثانية، وكانت مؤلمة جدا أكثر من الإغلاق الأول لها"، مذكرا بأن "قرار الإغلاق كان في ظرف سيئ جدا، وتم في وقت جعلت فيه دولة أوروبية من كل الجزائريين إرهابيين، ناهيك عن إغلاق الأجواء باتجاه الجزائر (...) في هذا الظرف تأتي دولة شقيقة وتتهمنا بالإرهاب، وتضع التأشيرة على الجزائريين". وبعد أن ذكّر بالعمق والامتداد الذي تشكله بلدان المغرب العربي لبعضها البعض، أكد الرئيس تبون أن "من الصعب أن نتكلم لغة واحدة عندما تكون هناك خلفيات؛ فنحن واضحون وليست لدينا خلفيات..."، معربا عن أمله أن "تسوَّى الأمور مع المغرب الذي لا نكنّ له أي عداوة، بعيدا عن المناورات ومحاولة عزل الآخر". ما يسمى ب "صفقة القرن" مآله الفشل وبخصوص موقف الجزائر مما عُرف ب "صفقة القرن"، أعرب رئيس الجمهورية عن يقينه أن هذه الصفقة "لن تمر؛ لأنها غير مبنية على أسس منطقية أو تاريخية أو أخلاقية ولا حتى على مبادئ القانون الدولي"، مشددا على أن هذه الخطة "فاشلة مبدئيا"، وأن الدولة الفلسطينية "ستقوم لا محالة". وبشأن ما يمكن للجزائر أن تقدمه في هذه المسألة قال رئيس الجمهورية إن الولاياتالمتحدةالأمريكية "دولة صديقة وليس لدينا خصومة معها. ومن يريد سماع صوت الحق فعليه بسماع صوتنا، ومن لا يريد وهو أصم عن رأي الجزائر وتصورها، فله ذلك". وتابع قائلا بأن "هذه أمور تخص تاريخ أمة وليست صفقة تجارية؛ فمن المستحيل نزع شعب بأكمله من الخريطة"، لافتا في هذا الصدد، إلى وجود "أصوات في الكونغرس الأمريكي ترفض هذه الصفقة، وكذا الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي" وغيرها من الدول، ناهيك عن جزء كبير من المجتمع الإسرائيلي الذي يرفض هذه الصفقة"؛ الأمر الذي يُظهر أن مآل هذه الخطة هو الفشل". واستطرد رئيس الجمهورية بهذا الخصوص يقول: "الأمور يجب أن تسير نحو إنشاء الدولة الفلسطينية في حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف". وبخصوص الوضع في سوريا جدد رئيس الجمهورية التأكيد على "بقاء الجزائر وفية لمبادئها التي لا تقبل أن يتم المساس بأي دولة عربية"، مذكرا بأن سوريا تُعد من بين الدول المؤسسة للجامعة العربية، ومن أعرق الدول العربية، "وكنا على يقين أنها لن تسقط". وأشار رئيس الجمهورية في هذا الشأن إلى أن "ما جعل هذا البلد (سوريا) ضعيفا على المستوى الدولي، كونه الوحيد الذي لم يطبع (مع إسرائيل)، وهو أيضا من بين دول المواجهة. كما عاش لسنوات موجها سياسته واقتصاده ومؤسساته نحو التصدي؛ الأمر الذي ربما قلّص من مساحة الديمقراطية والحرية". وعن العلاقات بين الجزائروروسيا كشف الرئيس تبون أنه تلقّى دعوة من نظيره فلاديمير بوتين لزيارة روسيا، وأنه تم تأخيرها بسبب "كثافة" الرزنامة، مؤكدا أنه سيقوم بهذه الزيارة "بكل فخر واعتزاز". وعن مستوى التعاون الثنائي أعرب الرئيس تبون عن أمله في أن تنتقل علاقات البلدين إلى مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي، تعكس مستوى التفاهم السياسي الذي يجمعهما.