يبدو أن الأزمة الدبلوماسية المندلعة مؤخرا بين الرباطودكار بدأت تسير تدريجيا باتجاه تصعيد قادم على خلفية مشاركة رئيس الحزب الاشتراكي السينغالي في فعاليات المؤتمر الثاني عشر لجبهة البوليساريو، المنعقد مؤخرا بمنطقة تيفاريتي· وعرفت العلاقات بين المغرب والسينغال منحى بالاتجاه السلبي بعد ان أقدمت سلطات الرباط على استدعاء سفيرها بدكار احتجاجا على مشاركة جاك بودان العضو القيادي في الحزب الاشتراكي السينغالي في أشغال مؤتمر جبهة البوليساريو وقرار دكار برد فعل مماثل واستدعت سفيرها من الرباط· ويؤكد القرار المغربي درجة الانفعالية التي أصابت السلطات المغربية عندما يتعلق الأمر بقضية النزاع في الصحراء الغربية وإثارتها القلاقل الدبلوماسية لأتفه الأسباب وخاصة اذا علمنا أن جاك بودان لا يمثل سلطات بلاده في شيء عندما قرر تلبية دعوة جبهة البوليساريو بالمشاركة في أشغال مؤتمرها الأخير· والأكثر من ذلك أنه حزب معارض في بلاده وقراره بالمشاركة لا يعكس بالضرورة الموقف الرسمي للسلطات السينغالية التي وقفت الى حد الآن مع الطروحات المغربية· والظاهر أن الرباط استشعرت بعض التحول غير المعلن في موقف السلطات بخصوص النزاع في الصحراء الغربية مما جعلها تستبق الأحداث بافتعالها لقضية الحزب السينغالي المعارض وجعلها نافذة للتعبير عن امتعاضها من موقف الدولة السينغالية والتي تعد من أكبر الدول الافريقية التي ان هي غيرت موقفها فإنها ستحدث هزة قوية وضربة للطروحات المغربية· وقال جاك بودان، الذي استغلت الرباط اسمه لإحداث أزمة دبلوماسية غير معلنة مع دكار، إنه استغرب قرار السلطات المغربية وأكد انه قرار يفتقد للعقلانية الدبلوماسية ولا يجد اي ذريعة لتبريره· والحقيقة أن بودان الذي قاد دبلوماسية بلاده لعدة سنوات يدرك ما يقول ويعرف خلفيات القرار المغربي الذي فاجأ الكثير من المتتبعين لتطور العلاقات الثنائية بين المغرب والسينغال· وهو الأمر الذي لم يتمكن وزير الخارجية السينغالي الحالي من القفز على حقيقة ما جرى وقال إن بلاده لايمكنها أن ترهن مصالحها مع الدول المغاربية لصالح علاقتها مع الرباط وقال في تصريحات صحفية أول أمس ان دكار تسعى ضمن خطة عمل دبلوماسية إلى إقامة علاقات دبلوماسية متوازنة مع كل الدول المغاربية التي عدّدها بالاسم· والتلميح واضح الى أن دكار لاتريد رهن مصالحها الاستراتيجية مع دول المنطقة المغاربية لصالح مقاربة قديمة جعلت من الرباطودكار محورا ثابتا لا يريد التغيير· والظاهر أن براغماتية الرئيس السينغالي عبد الله واد دفعت به الى مراجعة هذه السياسة التي حكمت العلاقات المغربية منذ حكم الراحلين ليوبولد سنغور والملك الحسن الثاني ضمن المقاربات التي فرضتها الحرب الباردة آنذاك وسياسة الولاء لفرنسا الاستعمارية· وهي الواقعية التي جعلت السلطات العمومية السينغالية ترفض استحواذ المغرب على شركة الطيران العمومية السينغالية التي تشكل في أحد اوجهها رمزا من رموز السيادة لهذا البلد· وكشف وزير الخارجية السينغالي الحالي عن هذه الحقائق ليعطي للقرار المغربي خلفيات اقتصادية ايضا بما يؤكد أن المصالح الاقتصادية والسياسية السينغالية تقاطعت في نقطة لم تعد بالضرورة المصلحة المغربية والتي تضع قضية النزاع مؤشرها الرئيسي وكل ما خالفها الطرح بخصوصه فهو معاد لمصالح المملكة في حق افتعلته على حساب الحقوق الصحراوية وتلك هي العقدة الأخرى للسلطات المغربية