لماذا يكلف المفاوضون الفلسطينيون أنفسهم عناء التنقل الى القدس الشريف للقاء نظرائهم الإسرائيليين وهم يعرفون مسبقا نتيجة مثل هذه اللقاءات التي تعقد تباعا من أجل ربح الوقت وقتل جوهر المفاوضات بطريقة ذكية؟ والتقى الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي مساء أمس بمدينة القدسالمحتلة في جلسة مفاوضات جديدة أملتها نتائج مؤتمر السلام بمدينة أنابوليس الأمريكية نهاية شهر نوفمبر الماضي لبحث قضايا المرحلة النهائية الخاصة بمسائل مستقبل مدينة القدس واللاجئين والمستوطنات· والمفارقة أن اجتماع أمس عقد يوما واحدا بعد قرار الحكومة الاسرائيلية ببناء 750 وحدة سكنية جديدة في المدينة المقدسة ضمن خطة استيطان إسرائيلية لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين أثناء جولات المفاوضات في حال استمرارها وأيضا لفرض واقع سكاني يرمي إلى تهويد مدينة القدس وطمس كل معالمها الاسلامية· وجلس رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض أحمد قريع الى طاولة المفاوضات قبالة وزيرة الخارجية الاسرائيلية تزيبي ليفني المعروفة بمواقفها المتشددة تجاه الفلسطينيين وإحدى المدافعات عن سياسة الإستيطان الممنهجة في الضفة الغربية وتحديدا بمدينة القدس الشريف التي يصر الفلسطينيون على جعلها عاصمة دولتهم المستقبلية· وقال أحمد قريع أن ادارة الاحتلال بسبب هذه السياسة أفقدت الزخم الذي اكتسبته العملية السياسية بعد مؤتمر أنابوليس كل قيمة لها وجعلت المفاوضات مجرد لقاءات غير ذات معنى·وهو ما جعل المفاوض الفلسطيني المعروف صائب عريقات يؤكد من جهته أن اسرائيل مطالبة بوقف فوري وشامل لعمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وإعطاء ضمانات بذلك لوقف هذه المشاريع في إشارة الى قرار حكومة إيهود اولمرت بتوسيع مستوطنتي معاليه أدوميم وحار حوما في قلب مدينة القدسالمحتلة· شوالمؤكد أن قرار اسرائيل كان مقصودا وحمل رسائل مشفر باتجاه الفلسطينيين بأن ادارة الاحتلال لاترغب في وقف الاستيطان حتى وإن كان مؤتمر أنابوليس قد أقر خارطة طريق تضمنت بندا في هذا الاتجاه· ولم تخف رئيسة الوفد الاسرائيلي هذه القناعة في تصريح سبق هذه الجولة الثانية من المفاوضات الثنائية وقالت أن الطرفين سيجلسان إلى طاولة التفاوض لبحث درجة تقدم المفاوضات ودون اللجوء إلى لعبة الاتهامات· والإشارة واضحة باتجاه تصريحات مختلف المسؤولين الفلسطينيين الذين انتقدوا بحدة قرار حكومة الإحتلال بتوسيع المستوطنتين غير مكترثة بالتزاماتها التي تعهدت بها في مؤتمر السلام الأخير·وهي الحقيقة التي حاول رئيس الوفد الفلسطيني التحذير منها وقال أنه "يتعين على إسرائيل أن تختار بين طريق المفاوضات والسلام أو طريق الاستيطان والاحتلال· وأقدمت ادارة الاحتلال على هذه الخطوة لقبر عملية السلام رغم التطمينات التي حملها الرئيس الأمريكي جورج بوش على عاتقه باتمام المفاوضات الى نهايتها وإعلان قيام الدولة الفلسطينية قبل انتهاء عهدته نهاية العام القادم· ويبدو أن هذا الرهان أصبح صعب التحقيق في ظل التصلب الاسرائيلي وإصرارها على رفض كل تنازل عن سياسة الإستيطان·ويجد الرئيس الأمريكي نفسه وفق هذا الواقع المفروض عاجزا عن الإيفاء بتعهداته ويجعل من زيارته الأولى إلى المنطقة خلال أيام أقرب إلى الفشل منها الى النجاح بما سيفقد كل مصداقية له كرئيس لأكبر دولة زعمت دعمها لعملية السلام ورعايتها له إلى غاية تجسيده ميدانيا·