ربط القاضي السابق بمجلس المحاسبة، والإطار السابق في الدولة، زروق شعبان، في تصريح ل"المساء"، توصية رئيس الجمهورية المتعلقة بالقضاء على الفساد والبيروقراطية عبر الرقمنة وتقديم إحصائيات صحيحة، بالحاجة إلى إنشاء "سلطة وطنية مستقلة للحوكمة" تتحكم في الإحصائيات والرقمة بشكل يضمن الشفافية والنزاهة في كل المعاملات، بعيدا عن المعطيات التي يقدمها الولاة وبعض الدوائر الرسمية والتي عادة ما يتم تكييفها وتغيير قواعدها حسبما يخدم مصالح مصمميها، ما يفسر حسبه التضارب الذي وقف عليه الرئيس تبون في مجلس الوزراء الأخير، مشيرا إلى أن بلدان ديمقراطية كفرنسا مثلا، حققت الشفافية بوضعها لسلطة حوكمة مستقلة، استطاعت التخلص من الآفات المرتبطة بالفساد الذي كان موجودا في السابق. وفسر الإطار السابق في الدولة، زروق شعبان، الملاحظات والتحفظات التي أبداها السيد رئيس الجمهورية أول أمس، إزاء الإحصائيات المتضاربة والبعيدة عن الواقع وكذا تسمكه بضرورة اعتماد نظام رقمة تبنى على أساسه المعطيات الصحيحة، بوجود اختلالات، منها تصرفات المسؤولين المحليين والمركزيين اعتادوا خلال سنوات طويلة على التلاعب بالأرقام وتكييفها حسبما يخدم مصالحهم وإخفاء الحقائق والمعطيات، ما أضفى الكثير من الضبابية والغموض على الواقع، بشكل أخفى الموجود وأظهر ما يريد المسؤول تقديمه فقط. وحول ضرورة تدارك تأخر مشروع الرقمنة الفعلي، "الذي يعد مطلبا قديما ومتكررا في كل الاجتماعات الرسمية"، قال قاضي التحقيق العسكري السابق، إن "الرقمنة ليست هي الحل السحري، ولا يمكنها أن تحقق أهدافها ما لم ترتبط بالنزاهة ونظافة اليد، على اعتبار أن "قواعد البيانات يقدمها المسؤولون المحليون كالولاة والمدراء، وبالتالي فإن كل ما يصدر عنهم يكون نسبيا وأحيانا غير صحيح ومغالط للواقع.. وهذا ما يضعنا أمام معطيات بعيدة عن الواقع.. وهو سر الإشكال الذي يقع فيه متفحصي الأرقام دائما"، مشيرا إلى أن ما وقف عليه الرئيس في اجتماع مجلس الوزراء الأخير وقبله في اجتماع الولاة والحكومة يعتبر عينة على ذلك". ويعتبر محدثنا أن الحل سبق وأن قدمه لرئيس الجمهورية في لقاء استشاري في هذا المجال، ويتمثل في "إنشاء سلطة وطنية مستقلة للحوكمة، يتشكل مجلسها من إطارات ونخبة نزيهة ينتخبون رئيسها وتكون مستقلة عن أي جهة إدارية، حيث تعنى بجمع المعطيات وضبط بشكل دقيق وتقدم التقارير عن أي اختلالات مسجلة"، لافتا في هذا الصدد إلى أنه في فرنسا مثلا، السلطة الوطنية المستقلة للحوكمة هي تعتبر المرجع العام الذي تنبني عليه أسس الشفافية والنزاهة في جميع المعاملات..". أما على المستوى المحلي، فيرى القاضي السابق في مجلس المحاسبة وعضو المجلس الأعلى للقضاء سابقا، أنه "لا بد أن يتم اعتماد جريدة رسمية محلية تنشر فيها جميع الصفقات والمناقصات والعمليات الاقتصادية وعمليات توزيع السكنات والمحلات والأراضي واستغلالها، حتى يستنير الرأي العام ويطلع على التعاملات المالية لإقليمه.. وهذا هو السبيل نحو إرساء النزاهة والشفافية". وبخصوص أهم القطاعات التي عشش فيها الفساد، ذكر القاضي السابق قطاع السكن والعمران، الذي كان حسبه "نموذجا لمثل هذه السلوكات المشبوهة، من خلال التلاعب والتحايل للحصول على استفادات سكنية متعددة بولايات متفرقة دون وجه حق، فضلا عن قطاعات أخرى متعددة..". وعن المسافة التي تفصل الجزائر عن الوصول لدائرة الشفافية والنزاهة، أكد السيد زروق شعبان أن مرحلة بناء جزائر جديدة، تحتاج لإرادة فولاذية، مشيرا إلى أن هناك عمل يجري لتصحيح الأوضاع والاختلالات للقضاء على الفساد والبيروقراطية وكل الآفات التي تعترض المبادرات وتشل الاقتصاد وتنفر المستثمرين، غير أن مربط الفرس في نظره، يبقى هو إنشاء سلطة مستقلة للحوكمة.