أكد وزير العدل حافظ الاختام الطيب بلعيز لدى افتتاح الندوة الخاصة بمكافحة الفساد التي انطلقت أشغالها امس الجمعة بالجزائر العاصمة أن من أولى شروط مكافحة الفساد أن يكون القضاء مستقلا ونزيها وذا كفاءة وتخصص واحترافية عالية، مشيرا الى انه تم في إطار إصلاح العدالة تعزيز استقلالية القضاء بإصدار القانون الأساسي للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء وكذا بمضاعفة عدد القضاة وأعوانهم وتكوينهم في تخصصات عديدة. كما أشار إلى انه تم تعزيز العدة التشريعية بمبادئ حقوق الإنسان وتم الاعتماد على المعايير الدولية "انطلاقا من قناعة راسخة أن الأمن القضائي عامل أساسي في توفير الأمن الاجتماعي والاستقرار المستدام وحماية المجتمع من كل أنواع الإجرام والآفات الخطيرة، ومنها آفة الفساد"، وقال إن الفساد من شأنه "إثارة الفوضى وعدم استقرار المعاملات والحد من فاعلية أداء الإدارة والإخلال بالمنافسة الشريفة والنزيهة وإضعاف روح المبادرة والابتكار وانتشار الغش والتدليس قصد الربح السريع وزيادة كلفة المشاريع التنموية"، وأن الفساد حسب بلعيز هو أيضا "انعكاس لما قد يكون من خلل في تنظيم وتسيير الإدارة العامة واختلال في آليات الرقابة وفي المناهج والإجراءات القانونية للكشف عن جرائم الفساد ومعاقبة المفسدين". وعلى أساس ما جاء، يرى الوزير أن كل استراتيجية تضعها الدولة في مواجهتها للفساد لابد أن تراعي مختلف هذه الجوانب وتشرك المجتمع المدني وكافة أفراد المجتمع ضمانا لنجاعتها في الوقاية من الفساد ومكافحته. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد وقع اول امس مرسوما رئاسيا يتضمن تشكيل وتنظيم وكيفيات عمل الديوان المركزي لقمع الفساد الذي سيشكل "لبنة جديدة" في إنشاء وتعزيز أدوات مكافحة مختلف أشكال المساس بالثروة الاقتصادية للأمة بما في ذلك الرشوة. وقد تلقى هذا المسعى دفعا بفضل التعليمة الرئاسية المؤرخة في 13 ديسمبر 2009 والتي تم بمقتضاها تكليف الحكومة بوضع مجموعة من الإجراءات في هذا المجال كما أكد بيان لرئاسة الجمهورية. وقد أفضى هذا المسار من قبل كما أشار البيان إلى تعزيز أحكام القانون حول النقد القرض والقانون المتعلق بقمع مخالفة القوانين والتشريعات الخاصة بالصرف وحركة رؤوس الأموال نحوالخارج والقانون الخاص بمجلس المحاسبة وذلك المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته. وعلاوة على التوقيع على المرسوم الرئاسي المتعلق بالديوان المركزي لقمع الفساد، اغتنم رئيس الجمهورية هذه المناسبة لإعطاء تعليماته للحكومة لتعمل "في أقرب الآجال على إنجاح" برنامج التعاون بين الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، والهيئات الخاصة التابعة للاتحاد الأوروبي. وسيتم تزويد الديوان بضباط الشرطة القضائية ويشمل نطاق صلاحياتهم جميع التراب الوطني في مجال الجرائم المرتبطة باختصاصهم طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية. اعتبر مدير الشؤون الجزائية في وزارة العدل، مختار الأخضري، في رده على تقرير منظمة الشفافية الدولية "ترانسبرانسي انترناشيونال" لسنة 2011 الذي صنف الجزائر في المرتبة 112 من 183 دولة، حول أكثر البلدان التي ينتشر فيها الفساد في العالم، أن هذا التقييم "لا يتعلق بضعف قدرات الجزائر في قمع الفساد بدليل وجود قضايا فساد ومتابعات جزائية". وقال مختار الاخضري في حديثه للإذاعة الوطنية، أول أمس، أن "المنظمة تعتمد على وجود شبهات الفساد وهذه لا يمكن حسابها"، مؤكدا في السياق ذاته، أن منظمة الشفافية الدولية "تستعين برجال أعمال ووكالات مهتمة بالشأن الاقتصادي وبالأعمال، ومن خلالهم تحكم على دولة ما إذا كانت توفر الشفافية اللازمة للنشاط الاقتصادي، بكل ما يحمل ذلك من خلفيات اقتصادية واستراتيجيه". كما أوضح ذات المسؤول أن حجم القضايا المتعلقة بالفساد: "ليس هو المعيار لمدى تفشي هذه الظاهرة، وأن وجود قضايا كثيرة يعني أن مصالح الأمن والقضاء يقومون بدورهم"، مضيفا أن المنظمة الدولية "تهمل مسألة الغش الجبائي وتضخيم الفواتير الموجودة بكثرة في الدول المتقدمة، وتعتمد بالدرجة الأولى على طلب الرشوة وتهمل عرضها، وهذا يضع الدول النامية دائما في آخر الترتيب". وأفادت الإحصائيات التي أجرتها وزارة العدل الجزائرية، أن قضايا اختلاس الأموال العمومية وسوء استغلال الوظيفة ورشوة الموظفين، تتصدر قضايا الفساد في الجزائر. وكانت الجزائر قد وقّعت على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، وأدرجت في قانون مكافحة الفساد الصادر في 2006 جريمة "الثراء غير المشروع" وفقا لتوصيات هذه الاتفاقية. وحددت أقصى عقوبة بحسب هذا القانون بالسجن عشرين سنة وقد تصل إلى أربعين سنة "في حالة الظرف المشدد"، مع مصادرة الأموال حتى في حالة انتقالها إلى الأصول أوالفروع والأصهار وكذلك الحرمان من بعض الحقوق المدنية، بحسب المسؤول ذاته.