❊الاعتماد على الريع والاستيراد أنتج اقتصادا متخلفا طوال سنوات ❊تعزيز وتوسيع صلاحيات "كناس" وجعله أداة تقييم ومتابعة ❊صياغة توصيات وتصورات وطنية غير مستوردة ❊المجلس فضاء تشاوري سيسمح ببلورة أدوات علمية لتكريس نموذج اقتصادي جديد أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، بقصر الأمم، عن التنصيب الرسمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "كناس"، مشددا على الدور الهام الذي ينتظره في طريق بناء "اقتصاد جديد" يقوم على "رؤية جزائرية محضة"، بعيدا عن الممارسات القديمة القائمة على "الاعتماد على الريع والاستيراد"، والتي انتجت "اقتصادا متخلفا". ووجّه رئيس الجمهورية بمناسبة التنصيب، جملة من التوجيهات لأعضاء المجلس الجدد، بعد أن ذكر بتعهده بإعادة مكانة هذه الهيئة، من خلال "تعزيز وتوسيع صلاحياتها وجعلها أداة تقييم ومتابعة تساهم في إسناد السلطات العمومية، في كل ما يرتبط بالاستشراف والتقييم في مجالاته". وهو ما تم فعلا بترسيخ مكانة المجلس في الدستور بما يسمح له بالاضطلاع بمهامه "كفضاء للحوار والتشاور وآلية للاستشراف والتحليل والاقتراح في كل المسائل التي تدخل ضمن مجالات اختصاصه". وقال الرئيس في خطاب ألقاه بالمناسبة، أن تنصيب المجلس "منسجم مع تعهدنا بإعادة الاعتبار له وجعله هيئة مستقطبة للكفاءات العلمية، عاكسة للممارسة الفعلية للديمقراطية، التي تقوم على اشراك مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني والخبراء من مختلف التخصصات في التشاور الوطني". وضمن نفس الرؤية جاء الحرص على ضرورة أن تكون تركيبته "متنوعة تشمل مختلف الفئات والتخصصات، ومن مختلف جهات الوطن ومن الجالية الجزائرية في المهجر ووفقا للمعايير والخبرة والتوزيع الجغرافي مع ادماج كفاءات من النساء والشباب". ولأن دوره هو "بلورة أفكار جديدة وتوجيهات وتوصيات للحكومة لتسيير أحسن"، بعيدا عن أي "صراع مؤسساتي"، دعا الرئيس المجلس لصياغة توصيات وتصورات "وطنية غير مستوردة" حول كل ما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مبرزا أن التوجهات الاقتصادية تختلف من بلد لأخر، وأن العلوم الاقتصادية ليست "علوما دقيقة"، ويمكن تكييفها مع واقع بلادنا. لذلك شدد على ضرورة الاستعانة ب"العبقرية الجزائرية" الكفيلة بتشخيص الوضع بدقة وإيجاد "حلول جزائرية للمشاكل الجزائرية"، معترفا بأن مسؤولين سابقين ومسؤولين حاليين تمكنوا من فعل ذلك. وأكد الرئيس أن المجلس يعد "فضاء تشاوريا" سيسمح ببلورة "أدوات علمية لتكريس نموذج اقتصادي جديد"، عبر عن أمله في أن يكون "جزائريا محضا"، واقتراح التوصيات الكفيلة بالحفاظ على المكتسبات الاجتماعية. كما طالب الرئيس أعضاء الكناس بالاهتمام بالمسائل البيئية واعتبارها من الأولويات في تسطير كل المخططات والبرامج التنموية. ودعا المجلس لمواصلة القيام بدور الوسيط الفاعل بين الحكومة ومختلف المسؤولين عن الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومتابعة تنفيذ توصيات ندوة الانعاش الوطني المنعقدة في أوت 2020. من جانب آخر، قال رئيس الجمهورية إن تنصيب المجلس "يندرج في إطار الإصلاحات المؤسساتية الشاملة التي شرعنا فيها"، والتي انطلقت من الدستور، مرورا بالمجلس الشعبي الوطني ومرصد المجتمع المدني والمحكمة الدستورية وصولا إلى المجلس الأعلى للشباب، معربا عن أمله في أن تصل هذه المؤسسات بالبلاد إلى "بر الأمان وإلى التغييرات المنتظرة من طرف المواطنين". المحليات المقبلة محطة هامة في نسق التقويم المنشود وأكد مواصلة هذا المسار في الفترة القادمة عبر تكييف المجالس والهيئات القائمة، مشيرا إلى أن الانتخابات المحلية المقبلة ستكون "محطة هامة" في نسق التقويم المنشود، تنبثق عنها مجالس تاخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطنين. وأكد رئيس "كناس" رضا تير في كلمة ألقاها بالمناسبة، شروع المجلس في أداء مهامه، خاصة المتعلقة بتقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، إضافة إلى إعداد مختلف التقارير والدراسات ومتابعة تنفيذ التوصيات المنبثقة عن ندوة الانعاش الاقتصادي، فضلا عن متابعة مهمة الوساطة بين الفاعلين الاقتصاديين والحكومة. وقال إن المجلس لجأ لتحقيق ذلك في ظروف مناسبة، إلى إعادة هيكلة إدارة المجلس وفق المرسوم الرئاسي الجديد، الذي جسد من خلاله مشروع الإدارة الرقمية لسير الهياكل ونشاطات المجلس، إضافة إلى إنشاء مجموعة من أدوات تحليل المعطيات والذكاء الاقتصادي والاستراتيجي وبناء قواعد بيانات عصرية في ميادين مختلفة وكذا تقييم الملفات الكبرى، ولاسيما السوق الموازية والدعم والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني بالتشاور مع الحكومة. بالأرقام.. تركيبة "كناس" للإشارة، يتشكل المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من 200 عضو منهم 76 من العنصر النسوي بنسبة 38 بالمائة، ومن بينهم 176 متحصلون على شهادات جامعية بنسبة 89 بالمائة. ويحصي 55 بالمائة من الأعضاء التي تتراوح أعمارهم بين 40 و60 سنة و16 بالمائة ممن هم أقل من 40 سنة، كما يضم 7 أعضاء من الجالية الوطنية في الخارج. ويبلغ معدل الخبرة بالمجلس 23 سنة. وعرفت أشغال أمس تنظيم انتخابات أعضاء اللجان ورؤسائها وكذا تنصيب مكتب المجلس وانتخاب نائب الرئيس. ووفقا للبرنامج المقدم، سيتم اليوم تنظيم اجتماع لمكتب المجلس والمصادقة على القانون الداخلي، لتختتم الاشغال بندوة صحفية سيعقدها رئيس المجلس رضا تير.